موفق النويصر

أين لائحة حقوق المستهلكين يا شركة المياه؟

السبت - 05 مارس 2022

Sat - 05 Mar 2022

قبل سنوات وخلال إقامتي بالمملكة المتحدة، كنت أستخدم لمنزلي هاتفا أرضيا من شركة «بي تي» البريطانية لتشغيل خدمة الإنترنت المرافقة لقنوات سكاي العالمية.

وبعد أكثر من عامين على الاشتراك قامت الشركة دون مبرر أو سابق إنذار بإلغاء الرقم ومنحه لعميل آخر، بحجة أنهم لم يرصدوا عليه أي اتصالات طوال الفترة الماضية.

ورغم أنهم محقون كوني لا أتذكر أنني استخدمت الرقم لإجراء أي اتصال هاتفي بوجود الجوال، إلا أن هذا لا يمنحهم الحق بفصل الخدمة طالما أن الاشتراك السنوي مدفوع.

وباتصالي على خدمة العملاء لتقديم شكوى ضدهم، بادروا على الفور بتعويضي برقم آخر، وتحملهم تكاليف وتبعات إعادة ربط الرقم الجديد بقنوات سكاي، واعتبار اشتراك الهاتف مجانيا لمدة سنة كاملة، كاعتذار عن هذا الخطأ.

وسواء كان هذا الإجراء احتراما للعميل ورغبة في عدم فقدانه، أو خوفا من سلطة القانون، إلا أنك لا تستطيع سوى احترامه، كونه يضع العميل في قائمة الأولويات.

وإن كنت أعيد الأمر لمعرفة شعوب تلك الدول بما لها من حقوق وما عليها من واجبات، حيث يلزم النظام بسلطة القانون جميع مقدمي الخدمة لأي قطاع بالإفصاح عن كافة حقوق العملاء، ما يجعل المساس بها ضربا من الجنون؛ لأنه سيعرضهم للمحاسبة والعقاب.

في المقابل، يحدث لدينا أن تكتشف بالصدفة المحضة أثناء مراجعة دائرة حكومية أو جهة خدمية للحصول على خدمة معينة؛ لا تمثل أفضل خياراتك؛ بوجود بدائل أخرى أكثر ملاءمة لك ومتاحة للجميع، ولأسباب غير معلومة تم إخفاؤها عن العموم، ليتم منحها كامتياز لبعض الأفراد أو الجهات.

وتتعاظم المشكلة عندما تقصر جهة ما في تقديم خدماتها للعملاء بالشكل اللائق، وتضطر للدخول معها في خصومة لتضررك من هذا التقصير، فلا تتوقع أن تكون النهاية، فيما لو آلت الأمور لصالحك، أكثر من رسالة اعتذار الكترونية، مع تجاهل تام لكل ما خسرته طوال فترة عدم تمتعك بالخدمة، كما هو الحال مع شركة المياه.

وأخص هذه الشركة؛ لأنه لا يكاد يمر يوم دون أن نسمع بشكوى عنها أو عن خدماتها، سواء من المقربين منا أو البعيدين، كأن تفرض عليك غرامة مالية لوجود تجمع بسيط من المياه أمام منزلك، وتتعامى أعين مندوبيها؛ وهي تلاحق مخالفات استهلاك الناس للمياه؛ عن كسور شبكتها، حتى وإن تحولت الأحياء المصابة بأكملها لمستنقعات مياه.

ورغم توفيرها لموقع الكتروني وخط هاتفي وتطبيق ذكي لاستقبال البلاغات، إلا أن تجاوب فرق صيانتها مع الشكاوى الواردة إليها، إما بطيئة أو متأخرة.

وغالبا ما ينهون خدمتهم بعد إصلاح العطب، بمعاقبة ساكني الحي بإغلاق المياه عنهم لعدة أيام، وبالتالي حرمانهم -بحسب النظام- من شراء أي صهريج من محطتها الرئيسة، كون الحي «مغطى بالشبكة».

وإن غامرت يوما واعترضت على ارتفاع فاتورة الاستهلاك، فلا تتوقع أن تعترف بأن يكون السبب خللا في عداداتها، حيث ستسوق لك كل الحجج والبراهين التي تلقي بلائمة الارتفاع على سوء الاستخدام أو بوجود تسريب في الخزان الأرضي.

وفي هذا الشأن أخبرني صديق أنه استجاب لطلب الشركة واضطر للاستعانة بإحدى المؤسسات المعتمدة من قبلها لمعالجة تسريب خزان منزله، لتظل فاتورة الاستهلاك كما هي حتى بعد المعالجة.

ولتأكيد نظريته بأن الخلل في العداد وليس شيئا آخر، كلف عامله بالتحكم اليدوي في تعبئة الخزان، كأن يفتح المحبس الرئيس عند فراغ الخزان من الماء، وإغلاقه عند الامتلاء. لتكون النتيجة في نهاية الشهر انخفاضا ملموسا في قيمة الاستهلاك، رغم ثبات معدل الاستهلاك، ولا زال على هذه الحال منذ 6 أشهر.

وإن تحدثنا عن أخطاء رسائلها الالكترونية، وما يتبعها من قرارات تعسفية فحدث ولا حرج، كأن تحذرك إحداها من سوء الاستخدام، رغم أن مبلغ الفاتورة لم يتجاوز العشرة ريالات، وبالتالي تفرض عليك غرامة 200 ريال.

أو تشكرك على سداد مبلغ الفاتورة المستحق، ثم تلحقها بأخرى تخبرك بفصل الخدمة عنك لتجاوز فاتورتك مبلغ (صفر) ريال، وقس على ذلك عشرات القصص، التي لو فتح الباب لاستعراضها لما وسعتها مساحة المقال.

لذلك رغم يقيني بأنه لا يوجد عمل لا تصاحبه أخطاء، وأن الشركة ورثت تركة ثقيلة من التعثر، إلا أن المزعج في الأمر هو تكرار الأخطاء واستمرارها، وقبل ذلك عدم الاعتراف بوجودها.

قد نتفهم ونقبل كمستهلكين أن يكون انقطاع المياه لساعات بسيطة، كما يحدث بين حين وآخر لدى شركة الكهرباء، بسبب زيادة الأحمال، ولكن أن يمتد الأمر لأيام طويلة، فهذا ما لا يمكن قبوله أو احتماله، خاصة عندما يكون من بين المتضررين كبار في السن وأطفال، ويصبح كارثيا عندما تتجاهل الشركة تحديث سياستها حيال السماح للصهاريج بالوصول للمناطق المتضررة، وتتركهم فريسة لتجار المياه من العمالة الوافدة.

في ظني أن استمرار الشكوى من خدمات شركة المياه يعود بالدرجة الأولى لكونها المصدر الوحيد لحصول الناس على الخدمة، وبالتالي لديها يقين بأنها تستطيع أن تفرض إرادتها في الوقت الذي تريد والكيفية التي تريد.

الأمر الآخر، في الوقت الذي تملك الشركة لائحة بالعقوبات التي تفرضها على من يسيء استخدام مياهها أو يتأخر في سداد المستحق لها، تغيب عن مشهدها لائحة حقوق المستهلكين إن قصرت في تقديم الخدمة لهم، وتحديدا عندما يصاحب تقصيرها تكبدهم مبالغ مالية طائلة، وهو بالمناسبة خلل تشترك فيه معظم القطاعات الخدمية، وإن وجدت فهي غير معلومة للناس.

وهذا في يقيني سبب تكرار الأخطاء وتنوعها، كون أقصى ما يمكن أن تخسره الشركة -إن اعترفت بالتقصير-، رسالة اعتذار نصية لا تكلفها أكثر من نصف ريال، ولا تضمن عدم تكرار الخطأ.. فهل هذا الإجراء مقبول يا وزارة «البيئة والمياه والزراعة»؟ وهل حقوق المستهلكين أقل أهمية من حقوق الشركة؟

@alnowaisir