محمد علي الحسيني

الطلاق بين المفهوم السلبي والإيجابي

الخميس - 03 مارس 2022

Thu - 03 Mar 2022

يحلم كل إنسان بتأسيس أسرة عبر مؤسسة الزواج لتحقيق الاستقرار العاطفي والنفسي والاجتماعي، فتنشأ علاقة بين الرجل والمرأة يختار كل واحد منهما الطرف الثاني ليشاركه دروب الحياة بحلوها ومرها وكل تحدياتها، ولا شك أن عملية الاختيار في مجتمعاتنا قد تكون مبنية على أسس سليمة كما قد تكون عملية نمطية بحسب المزاج الاجتماعي والأسري السائد، ناهيك عن غياب عملية الاختيار نتيجة الكثير من الأسباب، وفي كل الحالات قد لا ينجح الزواج نتيجة أسباب متعددة قد تصبح فيها الحياة بين الزوجين جحيما ينبغي معالجته بكافة الطرق من بينها الطلاق لدرء الكثير من النتائج الوخيمة.

الطلاق مفهوم إيجابي لحل علاقة فاشلة

قد يبدو للوهلة الأولى أن كلمة «طلاق» هي كلمة تحمل الكثير من المفاهيم السلبية وكأنها الضربة الموجعة للحياة الزوجية، فقد يعتقد الشريكان أن الطلاق بمثابة الحكم بالموت على علاقتهما، لكنهما لا يدركان أن الطلاق هو سبيل لتسوية النزاع الحاصل بينهما بالانفصال لاستحالة استمرار العلاقة بعد استنفاذ كل طرق الصلح لترميم العلاقة وإعادتها، ولا شك أن فشل العلاقة الزوجية يعود لأسباب كثيرة من الصعب إحصاؤها لأن حالاتها متعددة، من بينها سوء اختيار الشريك من نواح مختلفة، فكل منهما يبني تصورات ذهنية منافية لواقع وحقيقة كل طرف، وخلال الأشهر الأولى من الزواج يتبين الكثير من الاختلافات الجوهرية والتباين الواضح حول كيفية التعاطي مع مختلف التحديات على رأسها العلاقة التي تجمعهما وصعوبة بناء علاقة قائمة على الثقة والحوار والتنازل المتبادل لإنجاح العلاقة، لتصل الأمور إلى باب مسدود يتطلب فتح باب واحد وهو فك الرابطة الزوجية.

الطلاق في المفهوم الإسلامي

لم يشرع الخالق أمرا إلا وكان فيه نفعا ومصلحة للإنسان، بما فيه أبغض الحلال إلى الله، لأنه يشكل حلا صحيا لوضع حد لعلاقة زوجية لم تثمر بالاستمرار، وهذا لا يعني فشل الزوجين، إنما يعود لعدة أسباب لم يراعها الزوجان في البداية بسبب عدم النضج العاطفي وعدم القدرة على تحمل المسؤولية وعدم التفاهم على أبسط الأمور، ولا شك أن القرآن الكريم استخدم مفهوما إيجابيا للطلاق «فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان» أي أن الحياة إما أن تكون قائمة على المعروف والتفاهم والاحترام المتبادل أو تنتهي بالتي هي أحسن لتفادي الكثير من العواقب التي تنعكس على الشريكين وعلى الأسرة والمجتمع، وقد حذر القرآن الكريم من إرغام المرأة على علاقة فيها إكراه حتى في مرحلة الانفصال المؤقت في قوله تعالى: «ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا»، لأن الأصل في العلاقة الزوجية وفقا للمفهوم الإسلامي تقوم على الرحمة والمودة، وإن تعثرت فإن التسريح بإحسان هو أحد الحلول التي يحكمها العقل والحكمة وليس العنف والانتقام.

تداعيات الطلاق على الشريكين والأسرة

لا شك أن الطلاق ينعكس سلبا من جهة على نفسية الزوجين لأنهما لم يفلحا في إكمال العلاقة ومن جهة أخرى ينعكس على الأطفال لأنهم بحاجة إلى حضن الأب والأم معا والعيش في كنف أسرة كاملة وطبيعية، وهنا يكمن الشق السلبي إذا صح التعبير للطلاق، لكن عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، لأن العداء الذي ينجم بين الزوجين يتحول أحيانا إلى عنف أسري سيكون له آثاره السلبية على نفسية الأطفال وسلوكهم، وهذا سيجعلهم يعيشون في بيئة ملغومة بالكراهية والعداء، ولذلك الانفصال في كثير من الأحيان هو الدواء، لكن ينبغي على الشريكين بعد انفصالهما أن يراعيا مصلحة أطفالهما وتوعيتهما أن انفصالهما هو ليس عيبا إنما هو خير ويأتي لأجل سعادة أبنائهما.

sayidelhusseini@