أحمد الهلالي

زمن (النانو طائفة).. إنها لا تعمى الأبصار!

الأربعاء - 10 أغسطس 2016

Wed - 10 Aug 2016

العقلاء يخجلون، ويعضون على عقولهم النواجذ حين يقرؤون أو يسمعون الخطاب المتبادل بين أبناء الطوائف الإسلامية، إلى درجة الاشمئزاز من الخطاب المتبادل في حال اختلاف أبناء الطائفة الواحدة على أمور تحتمل الخلاف، فقد أصبح صوت العقل ممقوتا بين الجميع دون استثناء، حتى صار من المألوف أن تسمع مقولة (هم أشد عداء لنا من اليهود والنصارى) بين أبناء المسلمين (سنة وشيعة) ولأبناء الطائفة الواحدة، حين تقال (لجماعة الإخوان المسلمين) أو (الجامية) من طوائف سنية أخرى وهكذا في زمن (النانو طائفة)، وقد وردت العبارة في الرسالة المنسوبة (لربيع مدخلي) في تدخله في الشأن الليبي، وكأن المشتركات ومحصلة العلاقة بين أصحاب القبلة الواحدة (فاي)!!



ظلت الفتنة الطائفية كامنة ردحا من الزمن بين أهل السنة والشيعة إلى درجة التعايش الكامل والمصاهرة، حتى جاء النظام الإيراني (الفارسي) فأذكى نارها في صدور المعجبين بخطابه والكارهين، ونجح في استثارة جهلاء السنة ضد إخوتهم الشيعة في بلدانهم، وعبأ جهلاء الشيعة ضد إخوتهم السنة، فكانت وحدة أوطانهم هي الهدف الأساسي، ومن يتذكر حديث (صدام حسين) عن نوايا (خامنئي) في الهيمنة على العراق إلى درجة تعيين حكامه الموالين للنظام الفارسي، ويرى حال العراق اليوم؛ يؤمن تماما بأن الفتنة الطائفية المشتعلة ليست دينية بل (سياسية) تنفذ من خلالها مخططات دولية خطيرة تكشفت مؤخرا ولا تزال تتكشف، لكن الطائفيين سادرون في الإشعال دون وعي ولا عقل ولا بصيرة، نسأل الله العافية!!



لا يمكن لبشر أن يتخيل كم (السباب والكره والمقت وتعمد إغاظة الآخر) بين الشيعة والسنة، إلى درجة يخجل فيها الإنسان ـ ورب الكعبة ـ من قراءة أو سماع تلك الألفاظ المنافية للقيم الإسلامية والأخلاق العربية، فاللعن والشتم والقذف والإهانة والكذب والتدليس والجرأة على الرموز من الأموات والأحياء صارت ديدن الكثيرين دون حياء ولا تقوى، وكأن القوم قد فقدوا عقولهم إلى درجة نسيانهم عما شحنوا به أدمغتنا من عشرات السنين عن (نظرية المؤامرة الكونية) علينا، ومحاولة تمزيقنا والهيمنة علينا بإبقائنا متناحرين، رازحين تحت وصاية العالم (الحر) لأننا (العالم المتخلف)!!



كل واحد من الفرقاء يراه الوجه الحقيقي للإسلام، وما عداه (حطب جهنم)، متناسين أن الله ضرب موعدا يحاسب فيه كل ذات بما (عملت) من صالح أو طالح، ومتغافلين عن صريح قوله تعالى «ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذٰلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون»، فإن كان الله قد نهى المسلمين صراحة عن سب الأوثان (آلهة المشركين)، فما بالنا بمن يشتركون في عبادة رب واحد وشهادة واحدة ورسول واحد وقبلة واحدة، ناهيك عن الصلات القومية أو الوطنية، حتى صار السباب واللعن والقذف دأبهم ليل نهار، وفي رموزهم الأحياء والميتين، فبأي طريق سيلتقون، وبأي يوم حساب أو قرآن يؤمنون!!



إنه الجنون الذي لا دواء له، فما دامت النصوص الدينية التي تؤمنون بها لم تمنعكم من ارتكاب الإثم والعدوان فبأي حديث بعدها تؤمنون، فالعراق اليوم مثلا بلغ طريق اللاعودة، ولا حل لتبقى دولة واحدة يتعايش في كنفها العراقيون إلا النظام (العلماني) الذي يمقته المتدينون، أو التقسيم إلى دويلات متناحرة أيضا، لكن أي نظام آخر مصيره الفشل، فلا السنة يرتضون حكم الشيعة، ولا الشيعة يرتضون حكم السنة إلا مرغمين مقهورين بتسيد أحدهما وقمع الآخر، وقد أثبت نظام (المحاصصة) فشله الذريع، وهذا حال كل بلد تنهش الطائفية وحدته، لكن متى يعي الطائفيون أنهم أدوات ضد أوطانهم ودينهم وقومياتهم؟!



[email protected]