سليمان الضحيان

هل ثوار سوريا طائفيون؟

الأربعاء - 10 أغسطس 2016

Wed - 10 Aug 2016

في معركة الثوار السوريين الأخيرة في حلب التي انتهت بفك الحصار عن حلب سمى الثوار معركتهم بـ (غزوة الشهيد إبراهيم اليوسف)، وهذه التسمية تحمل قدرا من التحدي للنظام، فالمعركة وقعت في (كلية المدفعية)، المكان الذي وقعت فيه حادثة إبراهيم اليوسف، وهو نقيب في الجيش السوري، وكان آمرا لـ (مدرسة المدفعية) كما كان اسمها آنذاك، وفي الوقت نفسه كان عضوا في تنظيم (الطليعة المقاتلة)، وقد قام في 16 يونيو 1979م بجمع طلبة المدرسة، وهم عزل من السلاح، وعددهم 300، وفرزهم حسب انتمائهم الطائفي، فأطلق سراح 30 منهم، لأنهم سنة، والبقية كانوا علويين أطلق عليهم النار فقتل منهم 32، وجرح 54، وهذا ما جعل ثلة من المثقفين يشجبون تسمية المعركة باسمه، ويدللون بذلك على أنها ثورة طائفية يقودها ثوار طائفيون، فهل هؤلاء المثقفون محقون في ذلك؟



لا شك أن ما قام به إبراهيم اليوسف آنذاك تصرف طائفي ذهب ضحيته شباب صغار لم ينخرطوا بعد في صفوف الجيش، ولا ذنب لهم أنهم منتسبون للطائفة العلوية، ولا شك أن تصرف الثوار في تسمية المعركة باسمه تصرف طائفي لو كانت الأمور في سوريا كلها بعيدة عن الطائفية، لكن سوريا غارقة في مستنقع طائفي مخيف ابتداء من استلام حافظ الأسد للسلطة إلى اليوم.



ولنترك الحديث التاريخي للمؤرخين، يقول نيوكلاوس فان دام في كتابه (الصراع على السلطة في سوريا): “وهكذا يبدو أن المعايير الطائفية قد طبقت في تسريح الضباط وضباط الصف الذين دعوا إلى الخدمة في أوائل انقلاب 8 مارس (آذار) 1963، وقد تأثر العسكريون السنيون بالذات من جراء هذه التسريحات...، إضافة إلى ذلك يبدو أن السنيين قد عانوا من التمييز لدى تقدمهم للالتحاق بالكلية العسكرية ومراكز التدريب الأخرى، وتكرر الأمر لدى السماح لأشخاص عسكريين جدد بالانضمام لتنظيم حزب البعث العسكري أو لدى تجنيد أعضاء جدد بالحرس الوطني البعثي أو الشعبة السياسية أو المخابرات أو مؤسسات السلطة البعثية، بينما كان يحظى العلويون والدروز والإسماعيليون والمسيحيون (الروم الأرثوذكس) بتمييز إيجابي في المعاملة في الكثير من الحالات”.



ويورد في الكتاب نفسه نشرة أصدرتها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي (جماعة رياض الترك المعارضة للنظام) في يونيو عام 1979م جاء فيها: “ولأننا وطنيون فإننا نتألم، لأن رايات الطائفية ترتفع في بلادنا -وهي ما فشلت حتى فرنسا في تحقيقه-



ويبدو أن أساليب النظام الطائفية تشكل أعظم خطر على البلاد...، إن أساليب النظام الطائفية عمدا أو بغير عمد قد أدت بشكل عام إلى إضرام روح الطائفية والتوتر الطائفي، وإذا لم تتخذ التدابير لمنع هذا الخطر فقد يؤدي ذلك إلى المواجهة بين طائفة دينية وأخرى”.



ووصف مطاع الصفدي في كتابه (حزب البعث) تلك التسريحات من الجيش بقوله: “إن التسريحات بالمئات استهدفت جميع الضباط من أبناء المدن الكبرى، ومن (السنيين) خاصة. حتى فرغت أسلحة كاملة من ضباطها الرئيسيين، كسلاح الطيران وسلاح البحرية، والآليات. وكذلك اتبعت نفس الخطة حيال صف الضباط والجنود حتى أصبح من المتعارف عليه أن ألوية كاملة بأركان حربها وصف ضباطها وجنودها، وقف على طوائف معينة، كاللواء السبعين والخامس مثلا”.



ويصف ديفيد هيرست كيفية إدارة البلاد إدارة طائفية بقوله: “البلاد لا يحكمها البعثيون بأي حال بل العلويون...، فنظريا يديرون البلاد من خلال الحزب، ولكن عمليا يديرونها من خلال تضامنهم السري داخل الحزب المؤسسات الهامة”، الغارديان 27 ديسمبر 1979م.



هذا في الجانب التاريخي، وأما التصرف الطائفي للنظام السوري اليوم فلا يحتاج للتدليل يكفي متابعة الأخبار، فقد جلب النظام عشرات المليشيات الطائفية من لبنان والعراق وإيران وأفغانستان للقتال معه ضد شعبه، وكل تلك المليشيات يجمعها الانتصار الطائفي للنظام كـ (حزب لله)، و(ألوية أبي الفضل العباس)، و(فرقة الفاطموين) و(فرقة الزينبيون)، و(لواء المعصوم) ، و(لواء الطف)، و(كتائب حيدر الكرار للقناصة)، وغيرها من الميليشيات التي تحمل أسماء طائفية، وترفع شعارات طائفية، وتلهج بلطميات طائفية، وبمثل هذه الأجواء فمن البدهي أن تصطبغ الحرب كلها بصيغة طائفية، وللحروب منطقها، ومن استبشع تسمية معركة باسم عسكري قام بعمل طائفي فلينظر إلى سوريا فما من مدينة أو قرية أو شارع أو مستشفى إلا وسمي باسم حافظ الأسد أو أحد أولاده والتاريخ والواقع يثبت أنهم طائفيون.



[email protected]