أحمد الهلالي

الصحوة الخمينية ولو نزعت أنيابها سامة!

الثلاثاء - 01 مارس 2022

Tue - 01 Mar 2022

كغيرها من الإيديولوجيات، تظل متمسكة بأساسياتها، ولها تقنياتها الخاصة التي تحافظ على ديمومتها، فتكمن حين تشعر بالخطر، وتتحرك حين تسنح لها الفرصة، وهذا ما شاهدناه في حالات كثيرة، فتنظيم الإخوان والصحوة السلفية وتنظيمات الإسلام السياسي المختلفة لها ذات التقنيات والأدوات، مع اختلافات يسيرة.

الصحوة الخمينية دموية لا تعرف الرحمة قلوب أقطابها ورموزها، ولا تقل دموية عن داعش، فانظروا إلى رموزها في العراق، الذين تخلوا عن ولائهم للوطن والعروبة إبان الحرب العراقية الإيرانية، وكانوا يحاربون العراق مع جيش الخميني، ناهيك عن توجيه الرصاص إلى رؤوس شباب العراق الذين جهروا «إيران بره بره»، واغتالوا الوطنيين الأحرار من أبناء المذهب، فالأوطان لا تعني شيئا للخمينيين؛ لأن ولاءهم عابر للحدود، كما كان الحال لدى داعش والقاعدة وغيرها من حركات الإسلام السياسي المسلحة.

يظهر عنف الصحوة الخمينية ودمويتها لدى الأحزاب المنضوية تحت لوائها في العراق، فهم وحوش ضارية ضد أي صوت يحاول اعتراض تقدمهم، يلجؤون إلى التصفيات والتعذيب ومواجهة السلطات دون أدنى شعور بالمسؤولية، وهذا أيضا ما نراه في دموية حزب الله في لبنان، وما تمارسه ميليشيات الحوثي ضد أبناء اليمن، والفصائل الخمينية المسلحة في سوريا.

هذه المظاهر العنيفة في مصادرة الحريات، والدموية في قمع الأصوات المضادة تكشف الوجه الحقيقي للصحوة الخمينية في حالات نشاطها الاعتيادي، لأنها في بيئة تأمن فيها العقاب، فقد كانت كامنة، لها خطابها المتماهي مع المرحلة، وحراكها الهادئ قبل أن تؤول إليها مقاليد الأمور، وتمتلك زمام القوة، ويستفيق الوحش الحقيقي، وهو ذات الوحش في جميع حركات الإسلام السياسي الساعية إلى امتلاك السلطة وتجنيد كل الناس لخدمة مشروعاتها.

الصحوة الخمينية في الخليج في حالة كمون منذ تحطيم الصحوة السلفية، وهي الحالة التي تلجأ إليها حركات الإسلام السياسي لتتماهى مع المرحلة، لكن التماهي مفضوح من خلال اللجوء إلى المبالغة في الصمت على مضض من جهة، ومن خلال الخطاب المعتمد على السردية الخمينية في بعض مظاهره، وكذلك من خلال الهجوم والتحريض على كل صوت يحاول التنبيه على خطورة الفكر الخميني، أو يدعو إلى مراجعة التراث الشيعي، ورميه بتهم الخيانة إن كان من أبناء المذهب، وبالطائفية إن كان من خارجه.

يقيني أن الخمينيين فئة قليلة من أبناء المذهب الشيعي في الخليج، فليسوا جميعا مؤمنين بالخمينية، فلم يكن جميع أبناء السنة صحويين ولا إخوانيين، لكن يجب أولا على أبناء المذهب الأنقياء أن يتصدوا للخمينيين وأن يكافحوا أفكارهم بالأفكار التنويرية التي تحمي الأجيال من لوثة أفكارها العنصرية والطائفية والانتماءات عابرة الحدود، والتحريض على التخريب والكراهية والتكفير.

لم يجن أبناء المذهب الشيعي خيرا من الخمينية، ولا أحتاج إلى أدلة والشواهد ماثلة لكل ذي لب أو ألقى السمع وهو شهيد، فهل نحتاج إلى دليل على النار أكثر من إحراقها للعراق وسوريا ولبنان واليمن؟ وهل نحتاج دليلا على دموية الخمينية في قمعها العنيف لحراك الشارع الإيراني المسحوق تحت أقدام الجوع والدكتاتورية والقبضة العسكرية الحديدية، التي لم تجد وسيلة لترهيب الشباب الإيراني التائق للحياة الكريمة إلا الشنق على الرافعات الهيدروليكية العملاقة!

يجب أن يسارع مثقفو ومفكرو المذهب إلى فضح كل أدبيات الصحوة الخمينية في خطاباتها المقنعة للجماهير، وللناشئة، فدولنا الخليجية اليوم باتت الوحيدة في المنطقة التي تستحق أن يطلق عليها مسمى (الدولة الحديثة) بما تشهده من تنمية حقيقية وإعلاء لقيم المواطنة والمساواة بين كافة المكونات الاجتماعية على اختلافاتها، واستطاعت أن تحافظ على وحدتها ولحمة شعوبها، وكل هذا يقتضي منا جميعا الحرص على مكتسباتنا والمحافظة على مقدراتنا ونبذ كل ما من شأنه أن يؤثر في تربية أبنائنا، أو يعوق عجلة التنمية.

@ahmad_helali