إيمان أشقر

(حي..)

السبت - 26 فبراير 2022

Sat - 26 Feb 2022

منذ زمن بعيد كنت أسكن في مكان يدعى حي...

ذهبت إليه ذات مساء يرافقني شوقي ويمسك بيدي، لم أرغب أن يشاركني أحد وأنا أتنقل بين طرقاته، وأزيح الغبار عما بقي من نوافذه، وحدي أقبل ركنا كنت أستند عليه وأصغي لصوت ما زال يردد نداءه لي بأن أعود وإن عدت بأن أبقى.

ذلك الحي الذي أخذت منه بقايا جدار ومفتاحا لباب لم يوصد يوما لمن أراد الدخول، أصبح أطلالا ورمزا لأيام لن تعود، عنوانه (يوما ما كانوا هنا)، ذلك الخراب ما زال حيا بذكريات كل من سكنوا به.. حاولت أن أرشي ركنا ما، ليخبرني عن أسرار أحدهم ولكن الأركان لا تقبل الرشوة ولا تبيح الأسرار.

تلك الأطلال التي شهدت اللقاء الأول والفرح الأول والعتاب الأول، تبتسم وهي تسألني عن أخباره، فهي على يقين أني أتيت أبحث عن بقاياه. سألتها أن تمهلني بعض الوقت حتى أصافح كل ما تبقى من ذلك الوقت وأن أطلب السماح لأني أطلت الغياب.

أتكئ على ركن يعرفني جيدا، أخبره أني بخير وأني أتيت لأحمله معي، فلا أركان تعرفني في جديد الذكريات.. تجاعيد ذلك الركن تجعله أكثر جمالا وأعمق حكمة، يأخذ بكفي ويهمس لي عودي إلينا كل ما زاد بك الحنين، أما نحن فقد كتب علينا البقاء، و لولا هذه الذكريات التي تسكننا لما كان اسمنا حيا.

وأنا أودعه نظرت إلى باقي الأطلال للرد على سؤالها عنه؛ سيدتي لا أعلم عنه شيئا مذ غادرنا، ولكن إن أتى إليك يوما ما، أخبريه بأن الشوق ما زال حيا.

(سيدة أطلال)

على جدران زمانه، نقشت أحرفي الأولى، وطرزتها بالألقاب.

في غفلة ودون وعد منتظر،

أضاع هويتي وأسمائي،

وطالب بلقب جديد،

ألقاب تحمل لون جراحي،

أسماء تبرر ذنبي الذي اقترفت

سيدة متهالكة ذات ثقوب

سيدة أنصاف الحلول

سيدة أضاعت عنوانها

سيدة أسيرة ذات عرش كانت،

رضيت الأسر وتنازلت عن السيادة

سيدي: أنا لست بحاجة لألقاب، فلن يناديني أحد بعدك

إذا ما أردت أنت تصفح ذكرياتك،

أخبرهم أنك أحببت يوما

سيدة أطلال.

@DrEmanMA