السلامة والإنتاجية
السبت - 26 فبراير 2022
Sat - 26 Feb 2022
في عام 1984 وقعت كارثة بوبال بالهند التي تعد من أسوأ الكوارث الصناعية في التاريخ إن لم تكن أسوأها بانفجار مصنع المبيدات الحشرية الخاص بشركة يونيون كاربايد، ونتج عن ذلك انبعاث غاز ميثيل إيزوسيانات، مما أدى إلى عجز الآلاف من الهنود بداخله وبالمناطق المحيطة به عن التنفس، فأصيبوا بالسعال الشديد والقيء، ثم شعروا باحتراق شديد في أعينهم ونوبات ارتجاف شديدة أدت إلى موتهم بالاختناق، وصل معدل الوفيات الفورية لكارثة بوبال إلى 2259 شخصا، وتزايدت حتى أصبحت 3787 شخصا، وينحصر عدد الوفيات خلال الأيام الثلاثة الأولى بين 8000 شخص و10,000 شخص، ووصل عدد الوفيات في السنوات اللاحقة إلى 25,000 شخص، ويقدر إجمالي الوفيات من الأفراد بنحو 150 ألفا إلى 600 ألف، مما يجعلها تستحق لقب أبشع كارثة صناعية في التاريخ.
ومن خلال التحقيقات المتواصلة والتي تشرف عليها المحاكم الهندية كانت الأسباب الجذرية لهذه الكارثة تعود لعدة عوامل منها العامل التشغيلي مثل إهمال خطوة العزل بين الخزانات الثلاثة المليئة بالغاز، بالإضافة إلى توصيلهم بوحدة معالجة كيميائية واحدة من أجل تقليل النفقات وكذلك تخطي الحد الأقصى المسموح به لملء الخزان الخاص بالغاز أو عامل الصيانات الوقائية والطارئة مثل صدأ المواسير وتآكلها التي تسببت بدورها في حدوث تسربات المياه إلى خزانات الغاز الذي نتج عن تفاعلها انبعاث غمامة سامة في الهواء.
في الحقيقة عندما أتأمل هذه الكارثة وغيرها من الكوارث أقف على جانب عام متكرر في نسيج الوعي للمنظمات أو على مستوى الأفراد وهو فصل موضوع الإنتاجية والأرباح التشغيلية عن جانب السلامة وإجراءاتها وكأن هذين الجانبين ليس بينهما ارتباط وثيق جدا في كفاءة الإنتاج وغلة الأرباح المستدامة، ولو بيدي من الأمر شيء لجعلت أول رسالة وقيمة ومبدأ وثقافة تنظيمية تجوب شوارع المنظمات هي أن توفير ظروف العمل الآمنة والصحية تجعل من المنشآت ذات إنتاجية متكاثرة ومستدامة والعكس أيضا صحيح.
في عام 2004 في دراسة متعلقة بالربط بين الاستثمار والسلامة والصحة المهنية، قامت الهيئة التنفيذية للصحة والسلامة في المملكة المتحدة بجمع خبرات أكثر من 20 منشأة رئيسة وإشراك جميع الأيدي العاملة في كل مراحل هذه المبادرة وكان من الأمثلة المباشرة التي جسدت تماهي مفهوم السلامة والإنتاجية أن أحد شركات صناعة الورق الكبيرة خصصت 175 ألف جنيه إسترليني في الاستشارة الإدارية والتدريب المتعلقين بالسلامة، ومن خلال أدوات القياس التي اتبعت في تلك الدراسة وجدوا أن هناك فائدة وصلت بقيمة 500 ألف جنيه إسترليني كعائد ربحي، وخلاصة الفوائد لهذه الدراسة اشتملت على انخفاض معدلات التغيب وتحسن الإنتاجية الواضح والوفر المالي الضخم الذي يحدث بسبب جميع أنواع الصيانات وانخفاض مطالبات التعويض وتكاليف التأمين فضلا عن تحسن الصورة الذهنية للمنظمات لدى عملائها ومدى سعادة الموظفين وانخفاض معدلات التسربات الوظيفية.
كنت في فترات سابقة عندما أرى شعار السلامة أولا يصيبني شيء من التحفظ على صحة هذا الشعار وكأن الرسالة المنبثقة منه تعبر عن أن السلامة مصطلح مستقل عن الإنتاجية فضلا عن التطبيقات الخاطئة والواسعة الانتشار في المنظمات لتطبيق هذا الشعار من خلال مؤشر صفرية الحوادث المرتبط بساعات العمل الذي تقع خلفه عشرات الحوادث المخفية وبعد ذلك ترسب في داخلي شعار أن السلامة والإنتاجية خطان متوازيان لا بد من الاهتمام بهما على نفس الوتيرة والآن مع النقاشات المستمرة والاطلاع وتلاقح التجارب أعتقد أن مفردتي السلامة والإنتاجية لا بد لهما أن تكونا وكأنهما سياق واحد لكلمة واحدة فالإنتاجية على المدى البعيد التي يختلط بها قصور في إجراءات السلامة مهما كانت متألقة هي إنتاجية منقوصة.
أخيرا، في الحقيقة كرصد لملامح الابتهاج للعاملين في مجالات السلامة والصحة المهنية في وطننا الحبيب استقبلنا خبر قرار مجلس الوزراء بالموافقة على إنشاء المجلس الوطني للسلامة والصحة المهنية برئاسة معالي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بكثير من الفرح والتفاؤل بالأثر الإيجابي الكبير والذي نعتقد جزما بأنه سيحقق أهداف برنامج التحول الوطني لمواكبة رؤية المملكة 2030، واستراتيجية سوق العمل لتحقيق الرؤية الوطنية الشاملة في مجال السلامة والصحة المهنية.
جميع الجهات في القطاع العام والخاص كانت لها مرجعياتها المتعددة تجاه هذا الأمر والآن مع هذا القرار الكريم سيكون هناك جهود وإجراءات متماثلة في حوكمة السلامة والصحة المهنية على المستوى الوطني، وتحديد وتنسيق الأدوار بين الجهات الحكومية ذات العلاقة، ومتابعة تنفيذ السياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية، بالإضافة إلى التوعية حول أهمية السلامة والصحة المهنية، وتحسين التشريعات واللوائح والأنظمة المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية على المستوى الوطني. أعتقد أن هذا القرار الكريم سيكون له أثر إيجابي كبير جدا على المستوى القريب والبعيد من حيث حفظ الأرواح وتألق الإنتاجية وزيادة غلة الأرباح الذي بالتأكيد سيرتبط بزيادة إيجابية على الناتج الوطني الإجمالي.
@fahdabdullahz
ومن خلال التحقيقات المتواصلة والتي تشرف عليها المحاكم الهندية كانت الأسباب الجذرية لهذه الكارثة تعود لعدة عوامل منها العامل التشغيلي مثل إهمال خطوة العزل بين الخزانات الثلاثة المليئة بالغاز، بالإضافة إلى توصيلهم بوحدة معالجة كيميائية واحدة من أجل تقليل النفقات وكذلك تخطي الحد الأقصى المسموح به لملء الخزان الخاص بالغاز أو عامل الصيانات الوقائية والطارئة مثل صدأ المواسير وتآكلها التي تسببت بدورها في حدوث تسربات المياه إلى خزانات الغاز الذي نتج عن تفاعلها انبعاث غمامة سامة في الهواء.
في الحقيقة عندما أتأمل هذه الكارثة وغيرها من الكوارث أقف على جانب عام متكرر في نسيج الوعي للمنظمات أو على مستوى الأفراد وهو فصل موضوع الإنتاجية والأرباح التشغيلية عن جانب السلامة وإجراءاتها وكأن هذين الجانبين ليس بينهما ارتباط وثيق جدا في كفاءة الإنتاج وغلة الأرباح المستدامة، ولو بيدي من الأمر شيء لجعلت أول رسالة وقيمة ومبدأ وثقافة تنظيمية تجوب شوارع المنظمات هي أن توفير ظروف العمل الآمنة والصحية تجعل من المنشآت ذات إنتاجية متكاثرة ومستدامة والعكس أيضا صحيح.
في عام 2004 في دراسة متعلقة بالربط بين الاستثمار والسلامة والصحة المهنية، قامت الهيئة التنفيذية للصحة والسلامة في المملكة المتحدة بجمع خبرات أكثر من 20 منشأة رئيسة وإشراك جميع الأيدي العاملة في كل مراحل هذه المبادرة وكان من الأمثلة المباشرة التي جسدت تماهي مفهوم السلامة والإنتاجية أن أحد شركات صناعة الورق الكبيرة خصصت 175 ألف جنيه إسترليني في الاستشارة الإدارية والتدريب المتعلقين بالسلامة، ومن خلال أدوات القياس التي اتبعت في تلك الدراسة وجدوا أن هناك فائدة وصلت بقيمة 500 ألف جنيه إسترليني كعائد ربحي، وخلاصة الفوائد لهذه الدراسة اشتملت على انخفاض معدلات التغيب وتحسن الإنتاجية الواضح والوفر المالي الضخم الذي يحدث بسبب جميع أنواع الصيانات وانخفاض مطالبات التعويض وتكاليف التأمين فضلا عن تحسن الصورة الذهنية للمنظمات لدى عملائها ومدى سعادة الموظفين وانخفاض معدلات التسربات الوظيفية.
كنت في فترات سابقة عندما أرى شعار السلامة أولا يصيبني شيء من التحفظ على صحة هذا الشعار وكأن الرسالة المنبثقة منه تعبر عن أن السلامة مصطلح مستقل عن الإنتاجية فضلا عن التطبيقات الخاطئة والواسعة الانتشار في المنظمات لتطبيق هذا الشعار من خلال مؤشر صفرية الحوادث المرتبط بساعات العمل الذي تقع خلفه عشرات الحوادث المخفية وبعد ذلك ترسب في داخلي شعار أن السلامة والإنتاجية خطان متوازيان لا بد من الاهتمام بهما على نفس الوتيرة والآن مع النقاشات المستمرة والاطلاع وتلاقح التجارب أعتقد أن مفردتي السلامة والإنتاجية لا بد لهما أن تكونا وكأنهما سياق واحد لكلمة واحدة فالإنتاجية على المدى البعيد التي يختلط بها قصور في إجراءات السلامة مهما كانت متألقة هي إنتاجية منقوصة.
أخيرا، في الحقيقة كرصد لملامح الابتهاج للعاملين في مجالات السلامة والصحة المهنية في وطننا الحبيب استقبلنا خبر قرار مجلس الوزراء بالموافقة على إنشاء المجلس الوطني للسلامة والصحة المهنية برئاسة معالي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بكثير من الفرح والتفاؤل بالأثر الإيجابي الكبير والذي نعتقد جزما بأنه سيحقق أهداف برنامج التحول الوطني لمواكبة رؤية المملكة 2030، واستراتيجية سوق العمل لتحقيق الرؤية الوطنية الشاملة في مجال السلامة والصحة المهنية.
جميع الجهات في القطاع العام والخاص كانت لها مرجعياتها المتعددة تجاه هذا الأمر والآن مع هذا القرار الكريم سيكون هناك جهود وإجراءات متماثلة في حوكمة السلامة والصحة المهنية على المستوى الوطني، وتحديد وتنسيق الأدوار بين الجهات الحكومية ذات العلاقة، ومتابعة تنفيذ السياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية، بالإضافة إلى التوعية حول أهمية السلامة والصحة المهنية، وتحسين التشريعات واللوائح والأنظمة المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية على المستوى الوطني. أعتقد أن هذا القرار الكريم سيكون له أثر إيجابي كبير جدا على المستوى القريب والبعيد من حيث حفظ الأرواح وتألق الإنتاجية وزيادة غلة الأرباح الذي بالتأكيد سيرتبط بزيادة إيجابية على الناتج الوطني الإجمالي.
@fahdabdullahz
