باسل النيرب

قيم المجتمعات عندما تقودنا الخوارزمية

الأربعاء - 23 فبراير 2022

Wed - 23 Feb 2022

في ظل وفرة المنتجات الثقافية والإعلامية وحرية الاختيار للمتلقي، وبعد أن كان الفرد يعتمد على المجتمع كمصدر واحد للمعلومات لا بديل له «أصبح الكل مشغولا بهاتفه الجوال»، يتصفح منصة اجتماعية أو شبكة بث أفلام رقمية؛ وبعد أن امتلأت منصات التواصل الاجتماعي وشبكات البث الرقمي بالمحتوى، أصبح المشاهد يختار المواد الإعلامية لإشباع احتياجاته بكل حرية كما يعتقد.

المستخدم مهما كان انتقائيا في التعامل مع المنصات الاجتماعية وشبكات بث الأفلام تقوده الخوارزمية وهي التي تتحدد وفق معطيات لها علاقة بـ : وقت المشاهدة، الأجهزة المرتبطة، الوقت المستغرق في المشاهدة، بالإضافة إلى التفضيلات والمتابعات والتفاعل الذي يقوم به المستخدم مع المنصة.

وهذا يقود إلى تعليب الأفكار والاتجاهات وحتى تفضيلات الأفلام بطريقة متسقة، والنتيجة أننا نقرأ ونشاهد الأشخاص من ذوي التفكير المماثل وينتهي بنا الأمر إلى الاتساق مع أفكارنا دون نقاش، والسبب تقنيات التلاعب بالخوارزميات التي تم تصميمها لتحسين المشاركة.

عند الحديث عن متابعة خيارات التصفح والمشاهدة للمحتوى الرقمي؛ وضمن عوامل الترشيح التي تقدمها نتفلكس على سبيل المثال فهي تبدأ من التفاعل مع الخدمة مثل: محفوظات المشاهدة، تصنيفك للعناوين، التشابه مع الآخرين وتفضيلاتهم، كذلك المعلومات حول العناوين، التصنيف الفني، الفئات، الممثلين، سنة الإصدار، وغيرها وهذا بالطبع يكون ضمن خيارات وقت المشاهدة والأجهزة المستخدمة ووقت المشاهدة.

هذه الخوارزمية التي تقود العالم اليوم وتفرض شروطها الأخلاقية على المستخدم لم تأت من فراغ بل جاء الإعلان عنها عندما أعلنت نيتفلكس عام 2006 عن جائزة قدرها مليون دولار لمن يقترح خوارزمية ترشح الأعمال الدرامية بناء على ذوق المشاهدين وتتوقع اختياراتهم، وبعدها بسنة، ومع زيادة سرعة الإنترنت في الولايات المتحدة، أتاحت الشركة أول مجموعة من أفلامها للبث عبر الإنترنت.

هذه الخوارزمية متطورة وتم تغذيتها باستمرار من خلال السلوك الاستهلاكي وأذواق المشاهدين حول العالم ومن هنا كان التحكم في الأذواق وبث القيم بناء على خيارات المشاهدين، فالقاعدة الأساسية كلما زاد عدد المعتقدين بقصة ما انتشر المحتوى الذي ينشئونه للترويج لها وزاد تفاعلهم.

نعم هناك هيمنة ثقافية على ما يتعلق بالأعمال العربية أو بشكل أدق بوصلة مختلطة للأعمال التي تنتجها نتفليكس، ولكن لا ننسى أنها تتماشى مع السياق المجتمعي، ونتيجة لمنظومة ثقافية وأدوات تم التحكم بها من قبل الرقابة وشركات الإنتاج والمؤسسات المجتمعية وعادات وتقاليد الأغلبية لتكون هي المتحكمة في خيارات المشاهدة حتى وإن بدا لك العكس.

@b_nerab