عيد الفايدي

مفهوم «الدولة»

الاثنين - 21 فبراير 2022

Mon - 21 Feb 2022

في يوم تأسيس الدولة لا بد من وقفة حول مفهوم الدولة، والذي دار حوله جدل وخلافات وآراء متضاربة؛ لأن بعض الأفراد والجماعات المتطرفة يرون أن مفهوم الدولة هو العالم وأن ذلك العالم ينقسم إلى قسمين أو ثلاثة، وكثير من الأحداث التي وقعت حدثت بسبب الخطأ في مفهوم الدولة، وهنا لابد من إيضاح مفهوم الدولة في العصر الحديث والذي تم اعتماده في عام 1648م بعد توقيع معاهدة «وستفاليا» في أوروبا والتي أكدت أن لكل دولة سيادة على أرضها لها حدود جغرافية ويعيش في داخلها سكان تحت سلطة حكومية مسؤولة عن إدارة تلك المساحة الإقليمية الخاصة بها ويسمى الانتماء لتلك الدولة الحديثة بالجنسية.

وعندما بدأ تطبيق مفهوم الدولة في المجتمع الدولي كان هذا الكيان الكبير مستعدا لتطبيق مفهوم الدولة العصرية الحديثة وأصبحت المملكة عضوا فعالا في المنظمات الإقليمية والدولة وبدأ ظهور مؤسسات الدولة والتي تهدف للحفاظ على الأمن بالدرجة الأولى والإنسان له منازل عدة وأول منزل هو المكان الذي يولد فيه سواء كان جبلا أو سهلا أو واديا، وورد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند الهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة قال: «والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت»، وورد في كتاب أساس البلاغة للزمخشري: «كل يحب وطنه وأوطانه، وهذه إشارة إلى أن الوطن له مجموعة من الكلمات ليس بينها حواجز في داخل المكان».

وحيث تم اعتماد يوم التأسيس للمملكة العربية السعودية فإن هذا الاعتماد تأكيد للبعد التاريخي لهذا الكيان الكبير وإن ذلك البعد يمتد إلى ثلاثة قرون مضت تم خلالها تدوين أعمال وبطولات وأمجاد سجلت في سجلات التاريخ وتنتقل من جيل إلى آخر، لأن الوطن له واجب وحقوق على كل المستويات، وكذلك داخل الوطن تجتمع كل المعاني والقلوب على حب الوطن والمواطن مهما كان مكان مولده ونشأته وتربيته وتعليمه فإنه يحب وطنه حبا فطريا غريزيا، وفي الحديث النبوي تم تقديم الأمن على الصحة والطعام، حيث قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في بدنه وجسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها»، والسرب هنا المسكن أو المنزل الذي هو الدائرة الأولى من دوائر الوطن، ودائرة الوطن الكبرى تم تأسيسها قبل ثلاثة قرون منذ عهد الإمام محمد بن سعود -رحمه الله تعالى- وهذا التأسيس هو بداية نشأة الدولة الحديثة التي وضعت الأمن من أول مهامها ومسؤولياتها ويؤكد ذلك الأحداث التي مرت خلال تلك الفترة التي لا يمكن استعراضها في هذا المقال، وهنا التاريخ يسجل ذلك المرسوم الملكي الذي صدر في عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله تعالى- بتحويل اسم الدولة إلى «المملكة العربية السعودية» دولة حديثة مشاركة كعضو مؤسس في المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية، لها علم وطني، ونشيد وطني، وشعار وطني، وحدود للوطن، ويوم وطني، ومؤسسات وهيئات وطنية تتعاون وتتكاتف وتدفع عجلة النماء والازدهار، ويوم تاريخي هو يوم التأسيس.. يتذكر الأبناء والأحفاد مع الآباء والأجداد تلك المسيرة وتلك الجهود التي بذلت والأعمال التي أنجزت مما يزيد الفخر والاعتزاز بالوطن.

وهذا العام يمر يوم التأسيس بظروف غير عادية بسبب جائحة كورونا التي تركت لها آثار في المجال الصحي والمجال الاقتصادي والمجال التعليمي، ومع هذا يزداد الشموخ وتستمر عجلة التنمية -والحمد لله- والمواطن المخلص يدافع عن الحدود في البر والبحر والجو ويقف أمام المرض ويحارب الجهل، ويمثل الوطن في المحافل والمناسبات الدولية، وينشر العلم ويقدم الخدمات المتنوعة للمعتمر والحاج.. إنها أعمال فريدة وشرف كبير.

لهذا الدولة تنفرد بمكانة خاصة وسمات عديدة خاصة بها، من تلك وجود الكعبة وهو بيت الله نسبه الله تعالى إليه وجعله مباركا وهدى للعالمين، وفي هذا البيت يوجد الحجر الأسود ومقام إبراهيم، وجعله قبلة للمسلمين في صلاتهم، ومقصدا لأداء ركن من أركان الإسلام وهو الحج.

إذا كان تنظيم حشود كأس العالم تتنافس عليه الدول لتحصل على شرف التنظيم، كل أربع سنوات ويسجل ذلك الجهد بأن تلك الدولة أجادت فماذا يقال للمملكة التي تنظم تلك الحشود سنويا.

إنها المملكة العربية السعودية التي تشرف على شعائر الحج وتقف بالمرصاد لكل معتد وفي الوقت نفسه تدير عجلة التنمية بكل دراية ومهارة واقتدار حفظ الله هذه الدولة، وحفظ الله الجميع بحفظه وعنايته.

@ealfaide