آلاء لبني

أتعجب فقط!

الأحد - 20 فبراير 2022

Sun - 20 Feb 2022

الإنسانية حين تنزع من القلب يصبح الإنسان مقيدا لشهواته ضعيفا تجاهها أشد ضلالا حتى من البهائم، مغتصب حفر الباطن كما أُطلق عليه في الوسم بتويتر مثال على الغي والبعد عن الرشد.

انتشار المقطع بقذارته أسهم في سرعة القبض على الفاعلين ولكن القبض بداية ويجب ألا تموت القصة عنده فيجب أن يعرف المجتمع ما ستؤول عليه التحقيقات والحكم الذي ستتلقاه عصبة الشر وتشاع عقوبتهم لتكون عبرة وتخويفا لمن تبادره نفسه بالتعدي.

الناس ليسوا سواء في خوفهم وورعهم وتقاهم وميولهم وأفكارهم، وأسباب الردع الأخلاقي للنفس مختلفة، فالبعض رادعه ديني فيتعظ وآخر رادعه مكانته الاجتماعية والوظيفية وسمعته في محيطه وآخر رادعه إنساني عاطفي.. إلخ.

لذا من الحكمة تركيز الضوء على إظهار عقوبة الفعلة الشنيعة لعلها تنزل الخوف على قلوب جميع الأنفس، من أمن العقوبة أساء الأدب، مقولة تنطبق على المتحرش والمغتصب كثيرا حين لا تكون هناك عقوبات شديدة الصرامة. وحين يأمن أصحاب تلك الأفعال مقاضاة المجتمع وتجريمه لتلك الميول والممارسات الرذيلة سيكرر فعلته بالخفاء والعلن!

استغربت من وضع الناس اللوم على نشر المقطع ويتفلسف المتفلسفون بما لا يفقهون بمفهوم الستر. وصورة المملكة.. إلخ. الستر بمن يعتدي على طفل، الستر لمن يمارس الرذيلة بوجود أصدقائه، ويوثقونها بسعادة! هل هذه تصرفات طبيعية؟ الستر على الظلم المتعدي على حقوق الناس هل هو كلام عقلاني؟

بغض النظر عن المقطع وانتشاره بمعنى لو رأيت مثل هذا الفعل واقعا ستقول الستر أولى! ما هذا التحريف لمفهوم الستر. المفترض أن تكون الضحية مثار الاهتمام والتعاطف. لو سكت من باب الستر عن الفاسد والمرتشي وهاتك العرض لحلت الفوضى!

أما من يتحدث عن صورة الوطن وتشويه المجتمع والتأكيد على تكميم الأفواه والنقد، كمن يدس نفسه في جحر مُلئ بالثعابين، فأقول لهؤلاء ليس هناك مجتمع ملائكي، هذه الأفعال من التحرش حتى الاغتصاب لا علاقة لها بأي جغرافيا ولا أي ملة ولا مذهب ولا دين، ويحدثان في كل أماكن العالم وبكل الأزمنة وبديار الحرب والسلم وفي أماكن المجون والفسق وحتى بدور العبادة، ومن أكثر الناس التقليدين وأكثرهم تحضرا ومن ألوان السياسيين ومن رجال الدين من كل الديانات من المسلمين والمسيحيين والبوذيين.. إلخ، ويكفي أن تجلس أمام محركات البحث بنقرة زر تكتشف سيل من فضائح الاغتصاب والتحرش كفضائح دور الرعاية والمعاقين والسياسيين ومقاضاتهم وبعض الكنائس بفرنسا وغيرها وحوادث الاغتصاب بالمساجد ودور التحفيظ! أذكر حادثة اغتصاب لطفل ذكر من فئة متلازمة داون حدثت بحمامات المسجد.

الدعوة للصمت وتكميم الأفواه كارثة بحد ذاتها، تساهم في زيادة قوة المعتدين، ألا يكفينا الخوف من الفضيحة والعار المجتمعي!

كسر التابو الاجتماعي الذي يحرم الحديث في مشاكل وأخطار تنخر في المجتمع.

هناك أخطار لا حد لها تحيط بالطفل مثل البيدوفيليا وهي اشتهاء الأطفال ذكورا وإناثا رغبة أو ممارسة حقيقية. لكن من يتحدث عنها ويوعي من خطرها قلة. وهي أحد أشكال التجارة الجنسية بالعالم ويتم تغذيتها بالمواقع الإباحية تصل لخطف الأطفال وإجبارهم واستغلالهم في أعمال جنسية.

من السهل أن تعمى بصرك عن الخطر لكن العالم الحقيقي ليس جنة ورود. لا ندري متى ستصبح مثلا البيدوفيليا بالعالم من اضطراب جنسي إلى حرية شخصية كما حدث للشذوذ الجنسي.

كم تشاهد في الاعلانات من فتيات صغيرات كأنهن نساء بطريقة مكياجهن وهيئتهن. هل تعتقد أن كل هذا بلا مغزى؟

المحصلة ضرورة توعية الأطفال فلا يتصيدهم الساقطون من الأصدقاء أو الأهل أو الخدم وخلافه. يُظن فيهم الخير والصلاح، لا تثق بما ترى ولا تغلب الجانب الطيب فلا تعلم ما خفي وبمن في قلبه مرض؛ فإيمانك باستقامتهم وبعث أطفالك للنوم عندهم، واستئمان المراهقين وكبار السن والسائق والخادمة للمكوث مع الأطفال بلا رقيب ليس من الحكمة ولا الحذر.

اليوم تزيد الإثارة الجنسية بكل أشكالها وكمية تعرض الطفل مجتمعيا للمثيرات الجنسية تحفز عنده التساؤلات مبكرا والخيالات والمشاهدة والاقتداء بهذه السلوكيات التي تحفز الرغبة بالاكتشاف أو حتى الممارسة أو تكوين صورة غير سليمة.

سأؤكد على أهمية توعية الطفل مع العلم أن الوعي لا يعني ضمانة عدم تعرضهم من أن يكون ضحية، لكنه سيعلمه القدرة على إيقاف الأمر في حال استطاع أو يفصح دون خوف من عقاب الأهل والفضيحة والمجتمع.

يجب تحذير الطفل ألا يستجيب لدعوات الإغراءات المادية أو المعنوية التي تقدم من أحدهم حتى لا يستغل، وعدم الثقة بالغرباء أو الجلوس مع بالغين في مكان منعزل.

رد فعل الأهل والمجتمع لو وقع الاغتصاب بالغ التأثير! وأحيانا أشد ألما وأثرا على الضحايا كإلقاء المسؤولية على الطفل وعدم أخذ الحق له بحمايته وإبلاغ الشرطة، وعدم وجود المعالجة النفسية والتغلب على الخوف والقلق وعدم إعادة تأهيله تزيد الطين بله.

أما السكوت فيغري المعتدي لتكرار الفعل والمصيبة أنه قد يتلذذ بالضغط على الضحية ليخضعه مرارا وتكرارا إما بالاستغلال أو التهديد.

عجبي من دعوة الصمت والتبرير للجاني والوقوف معه!

AlaLabani_1@