عبدالسلام المنيف

البيئة الحكومية!

الأحد - 20 فبراير 2022

Sun - 20 Feb 2022

الحديث عن البيئة الوظيفية في بعض القطاعات الحكومية يكاد يكون غنيا، ولو أن أوجه المقارنة بين الوضع السابق والحالي قد اختلفت كثيرا، إلا أن بعض مشاكله ما زالت قائمة وتحتاج إلى الكثير من النقاش والتغيير الجاد الهادف إلى تطوير هذه البيئة وإخراجها من صناديقها المغلقة، وهذا ما أعتقده قد لامس الجهات المعنية وباتت على وجه وضع الحلول اللازمة.

كان يعتقد أن بعض الأفكار البيروقراطية التي أصبحت أشبه بالعقيدة المتوارثة من جيل إلى آخر في بعض بيئات العمل الحكومي أنها سوف تتوقف في زمن ما، مع جيل ما، غير أنه كان اعتقادا مغلوطا من الأساس، نظرا لتأثيرها على الجيل الذي لحق بهم وتشربها وغير وأجاز منها، في فترة لم تستطع المبادرات الهادفة لعكس الواقع حينها، مواكبتهم وتغيير ما يُمكن تغييره مثلما يحدث الآن.

ولعل أبرز العجائب التي كانت تواجهك في بعض بيئات العمل حينها وما زال بعضها مستمرا، هو اصطدامك بالواقع الذي يفرض عليك أن تتعايش معه حتى لا تُصبح في دوامة غير محمودة من الأفكار السلبية التي قد تسيطر على نتائج الأداء، والتذمر المستمر من هذا الحال المُميت على حد تعبيري، والذي يجعلك تواجه التحزبات والرفض والقبول حسب الهوى لا المهنية من أصغر موظف وحتى أكبره، غير أن هذه الصورة باتت في تلاش، إلا أنها قائمة ولن تقاوم الصمود.

وعلى ذلك النحو المظلم ربما يدفعك شغف البداية إلى محاولة صنع التغيير والتطوير في تلك البيئة، وإحداث ولو بصمة واضحة قد تستفيد وتفيد منها، وغالبا لن تستمر بدافع عدم القدرة على مواجهة حجم الرفض والمعارضة من ذلك التغيير دون أدنى سبب مقنع يقودك إلى فهم كل هذا الرفض غير أنهم لا يريدون.

ولا أعتقد أن خصخصة بعض الجهات الحكومية سوف تحدث تغييرا نوعيا في هذه البيئات التي تعتبر عنصر النجاح الرئيس من هذه الخصخصة، إلا إذا طبقت بشكلها الصحيح مع إحلال تلك التحزبات، والصناديق والقرارات الداخلية المغلقة المبنية على فراغ، وفرض مفهوم المهنية بحذافيرها لتمكين حوكمة الأداء، ورفع مستوى الإنتاجية والابتكار لتحقيق رؤية المملكة في رفع مستوى الأداء الحكومي.

ومن المخيف صراحة أن نقحم مفهوم الخصخصة الذي يعتمد على نظام تقييم الموظف من بقائه أو عدمه من هذه الوظيفة -خصوصا ذلك المنتج- على يد رؤساء ومدراء اعتاد أغلبيتهم على منح الدرجة الكاملة من التقييم والتقدير إلى دائرة من الموظفين دون غيرهم بغض النظر عن المصلحة المؤسساتية للجهة، دون أن نضع حلولا مباشرة تضمن حقوق الموظف من عدم ممارسة هذا التمييز والإجحاف بحقه عن غيره، فقط لأنه لا يخدم المصالح.

مع كامل الأسف ترسخ لدينا مع مرور الوقت وحتى لحظة كتابة هذا المقال، أن بيئة العمل الحكومية هي بيئة حكومية!، وأن محاولة المقارنة أو احتمالية التطوير والتغيير فيها يجب أن تقف عند تلك الفكرة التي أصبحت تشكل خطرا على ذات البيئة، وتنذر بشيء من الخلل الذي يحتاج المعالجة، لكن في ظل وجود مؤتمرات ومبادرات هادفة تناقش وتسعى إلى فرض مفهومية العمل وتطويرها بشكلها الصحيح لمواكبة الرؤية، قد نتخلص من ذلك السبات الذي أضر لسنين بعض هذه البيئات الحكومية حتى تنطلق للرفع من مستوى خدماتها وأداء موظفيها.

3bdulsalamm@