وجدان مقبول المسعودي

البيجماليون القيادي

السبت - 19 فبراير 2022

Sat - 19 Feb 2022

ظاهرة «البيجماليون» عُرفت بأنها الحالة التي تزيد فيها النتائج الإيجابية للفرد كلما ازدادت التوقعات الإيجابية له، حيث قام عالم النفس روبرت روزنتال وقائدة المدرسة لينور جايكوبسون بتطبيق دراسة في المجال الأكاديمي على الطلبة لمعرفة تأثير التوقعات المرتفعة للمعلمين على أداء الطلبة، وقد أثبتت فعاليتها في رفع التوقعات لدى الأفراد فانعكست نتائجها النفسية والسلوكية لدى الأفراد وأطلقوا على هذه الدراسة اسم «تأثير البيجماليون»، والسؤال هنا كيف يوظف القادة البيجماليون في رفع كفاءة الأفراد وتوجيههم وإلهامهم بقدراتهم التي غابت عنهم؟، وربما يتساءل البعض هل يحتاج حقا الموظفون إلى من يذكرهم بمميزاتهم وقدراتهم الوظيفية؟

وأجد أنه في زخم المسؤوليات والأعمال التي يكلف بها الموظف والتغيرات التي تطرأ في بيئة العمل أن الموظف ربما يفقد أو يتناسى الكثير من مميزاته وقدراته الفطرية وهنا يأتي تأثير قادة «البيجماليون»، الذين يستطيعون أن يمزجوا بين السلطة وتقدير الذات، حيث يقوم قادة «البيجماليون» بشحذ الهمم وتطوير المواهب وإنشاء مساع جديدة نحو تحقيق النجاح والتميز، بمعنى أنه إذا رفع القادة من توقعاتهم الإيجابية في الموظفين وأشعروهم بذلك ستتغير سلوكيات الموظفين فتزيد الثقة لديهم والدافعية مما ينعكس على كفاءتهم لتلبي توقعات القادة.

القادة البيجماليون هم قادة ملهمون يتقنون فنون التواصل وإلهام الآخرين وينتهزون الفرص بالمحادثات غير الرسمية والسريعة مع الموظفين لتحفيزهم وإلهامهم بقدراتهم عبر عبارات تتسم بالصدق والإيثار؛ فإذا لاحظوا ميزة لدى الموظف نجدهم يحدثونه بها (يمكنني أن أرى فيك...)، ولا يستصغرون إنجازات الموظفين بل يفخرون بها ويحفزونها (أنا فخور بإنجازك، إنك تبدع دائما في ...)، وكذلك قناصون بارعون لتطور أداء الموظفين فيعبرون عن ذلك (لقد رأيت تقدمك وتطورك في...)، وإذا وجدوا ما يساعد الموظفين في التطوير المهني يخبروهم بأسلوب محفز وملهم (دعني أحدثك عن الفرص المتوافرة أمامك..، ماذا تفعل لو أمكنك تحقيق أهدافك).

حقا حينما تكون مثل هذه العبارات صادقة سيكون لها تأثير قوي وطويل الأمد على الموظفين وسنراها تغير في نظرتهم لأنفسهم فيتسع منظورهم وتساعدهم في زياده ثقتهم وربما نسعد يومهم أيضا فترتفع طاقتهم الإيجابية وينجزون أعمالهم بطريقة أفضل وبذلك ترتفع إنتاجيتهم وكفاءتهم.

هل حقا نحن قادة «البيجماليون»؟ هل تحتاج المنظمات لتحفيز وإلهام قادة «البيجماليون»؟

كن ملهما، كن قائدا محفزا، كن قائدا بيجماليونيا، وارفع سقف توقعاتك في الموظفين بما يتناسب مع قدراتهم، ساعدهم في اكتشاف ما غاب عنهم من القدرات وكن قناصا بارعا في اقتناص ما يبرعون فيه وأبرزه لهم؛ فكم من مواهب وقدرات بدأت بالانطفاء تحتاج إلى محفزات لها لتشعل فيها بريقا من الإبداع والتميز.

@wjdanalmasoudi