عبدالله قاسم العنزي

نهاية جريمة التستر

الأحد - 13 فبراير 2022

Sun - 13 Feb 2022

الاقتصاد الخفي أو غير المنظم أو قل اقتصاد الظل كل هذه المصطلحات لها معنى واحد وهو «جريمة التستر التجاري» أي الأنشطة التجارية التي يمارسها غير السعودي تحت اسم سعودي دون أن يتم إحصاء هذه الأنشطة بشكل رسمي ولا تعرف الحكومة قيمتها الفعلية ولا تدخل ضمن حسابات الدخل القومي ولا تخضع للنظام الضريبي ولا رسوم –ولا هم يحزنون– هذه الجريمة التي تهدد المستقبل التنموي للبلد يجب أن تشغل كافة أطياف المجتمع من الاقتصاديين ورجال القانون والسياسيين بل لا أكاد أبالغ إن قلت يجب أن تشغل الصغير والكبير أي بالبلدي (تحتاج فزعة).

ستنتهي مهلة التصحيح الثلاثاء القادم 15/2/2022 والتي بدأت مع نفاذ نظام مكافحة التستر المحدث وستنطلق كافة الجهات المعنية بمطاردة المتسترين تقنيا وميدانيا، ولا يخفى على أحد أن عقوبة جريمة التستر التجاري مدة لا تزيد على 5 سنوات وبغرامة لا تزيد على 5 ملايين ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين وهذه العقوبة كفيلة بأن يعي المواطن حجم الخطر الذي يهدد مستقبله وسمعته وسط المجتمع لأنه سوف يشهر به حالة أصر على أنانيته وتقديم مصلحته على المصلحة العامة.

الجدير بالذكر أن هناك مبادرة شعبية أطلقت في قطاع الخضار والفواكه تحت مسمى (سوقنا يرجع لنا) أطلقها الشاب السعودي عبدالعزيز سليمان النذير تلقاها المجتمع بالقبول تقوم المبادرة على مد الجهات المعنية بالمعلومات عن العصابات التي تتستر عليها مؤسسات وتجار مع الاهتمام بجانب تدريب الشباب السعودي العاطلين عن العمل وإدخالهم بديلا كيد وطنية عاملة حتى لا يحدث فجوة في الأسواق مقابل إنهاء تواجد لصوص الليل في أسواق الخضار والفواكه.

إن وقوف المواطن مكتوف اليدين أمام نمو الاقتصاد الخفي دون التعاون مع الجهات المعنية بعد انتهاء مهلة التصحيح سوف يعيدنا إلى المربع الأول وسيؤدي ذلك إلى عدم الاستقرار الاقتصادي وانتشار البطالة لأن العمالة الوافدة تزاحم المواطنين في أعمالهم بصورة غير مشروعة لا سيما المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتهريب الأموال المكتسبة بطرق غير مشروعة خارج البلاد بصور ملتوية ومتعددة أضف إلى ذلك أن هذه العمالة تكتسب خبرة في التجارة والتقنية والإدارة وهي بطبيعة الأحوال عمالة غير مستقرة في البلد وعلى ذلك سوف يحد هذا من وجود بيئة عمل للمواطن يكتسب الخبرة فيها ويوظفها في اقتصاد وطنه.

إن جريمة التستر تمثل ظاهرة اقتصادية واجتماعية قبل أن تكون جنائية وهي أبرز مشكلاتنا وتهدد اقتصادنا الوطني على كافة مستوياته مما يفرض تكاتفنا مع مؤسسات الدولة المعنية في مكافحة جريمة التستر لأن مثل هذه الجرائم لا يمكن القضاء عليها نهائيا ما لم يتعاون المواطن مع الجهات ذات العلاقة وتتغير ثقافة شريحة من المجتمع من شخص خامل متكل على عمالة وافدة تعطيه بعض أرباحها مقابل وضع غطاء تجاري على أنشطتها الاقتصادية غير المشروعة إلى شخص منتج ومساهم في المجتمع.

من المعروف أن التستر التجاري لم يحدث فجأة وإنما تشكل وتكون عبر مراحل ابتداء من تحولات في ثقافة المجتمع إلى أن أصبح جريمة تهدد الاقتصاد الوطني وعلى ذلك علاجها والقضاء عليها نهائيا لا بد أن يمر بنفس المراحل التي مر بها التستر في المجتمع بأن يكون ذلك بتغيير ثقافة المجتمع وإعادة العامل الوافد إلى وضعه الصحيح والقانوني.

expert_55@