إيمان أشقر

نزهة العزلة

السبت - 12 فبراير 2022

Sat - 12 Feb 2022

العزلة ذلك الكابوس الذي خيم علينا فرادى وجماعات، وأصبح الجميع يخشى أن يبيت وحيدا.

لم نكن نخشى المرض حينها، ولكن كنا نفزع من أمر العزلة والانفراد الإجباري.

ما الذي تعلمناه؟! كيف عدنا بعد الوحدة إلى الجماعة؟

من مبادئ علم التأمل أن تنعزل الجمع، تتعلم مهارة الصمت والسكون، أن تجيد الإصغاء للحن الحياة.

البعض قضى العزلة برفقة أجهزة التواصل والفضائيات والبث المباشر مع من هم خارج دائرته، والبعض أصابته الوحدة بالاكتئاب والنقم على ما أصابه.

صيام العزلة.. قد يكون مفهوما جديدا، ولكن هل نستطيع القيام به؟ بمعنى أن يكون هناك يوم في الأسبوع أو لنقل نصف نهار في الأسبوع ويوم في الشهر وأسبوع في السنة نعتزل فيها كل شيء من ضوضاء سمعية وبصرية، من هموم العالم حولنا، من أغذية معلبة، فقط أنا مع أنا، نعيد فيها ترتيب الأوراق في ذاكرتنا، في قلوبنا، في ما نحن مقدمون عليه من غد.. عزلة ترميم لأنفسنا بمحض إرادتنا دون أن تكون قرارا إجباريا أو عقابا أو خوفا من مجهول قادم، ولنسميها نزهة عزلة مع النفس.

تأمل وعبادة صمت {إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا}.

لا نتحدث ولا نتبادل الحديث مع الأجهزة الذكية وضوضاء أعطيناها الحق في الولوج لأرواحنا.

المهم ألا نجعلها عزلة لجلد الذات، أو محاسبة هفواتنا، واسترجاع لأخطاء الآخرين وكم من الأسى والإخفاق مر بنا، بل نجعلها عزلة للهدوء ومراجعة الكثير من الأشياء الجميلة لدينا، كم من الأرواح المحبة حولنا، وأن نشحن جميل الرضا والقبول في قلوبنا لما هو آت أيا كان القادم.

سنعود بإذن الله أصفى وأرق وأكثر تأملا في الجمال من حولنا.

وكما ورد في مأثور الأدب العالمي:

‏»اللغة ابتكرت كلمة (الوحدة) لوصف ألم أن تكون وحيدا، وابتكرت كلمة (العزلة) لتصف شرف أن تكون وحيدا».

‏- بول تيليش

والآن، لنبدأ في الاستمتاع بشرف نزهة العزلة حتى يأتي الربيع القادم ونحن أزهى تفتحا واخضرارا.

أنتظر الربيع وأنتم بخير.

@DrEmanMA