المدينة الفاضلة تحولت إلى ساحة معارك

نيويورك تايمز: حلم الحكم الذاتي للأكراد جعل داعش كابوسا
نيويورك تايمز: حلم الحكم الذاتي للأكراد جعل داعش كابوسا

الأربعاء - 09 فبراير 2022

Wed - 09 Feb 2022

عندما أعلنت الأقلية الكردية التي تسيطر على شمال شرق البلاد عن منطقة حكم ذاتي بالمنطقة بعد سنوات من الحرب السورية، حلمت بأن تكون «مدينة فاضلة» مستقلة متعددة الأعراق وتساوي بين الجنسين، لكن الحلم تحول إلى كابوس، غرقت المنطقة بحرب لا نهاية لها، خاضعة لأهواء جيرانهم في تركيا وسوريا، وعودة تنظيم داعش.

وأكدت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن داعش عاد ليطل برأسه مرة أخرى أخيرا، بعد ثلاث سنوات من طرد القوة العسكرية الرئيسية في هذه المنطقة، «قوات سوريا الديمقراطية» التي يقودها الأكراد، مسلحي التنظيم من آخر رقعة من الخلافة المعلنة في سوريا والعراق بمساعدة التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة، حيث هاجمت عناصر انتحارية ومسلحة من داعش سجن الحسكة قبل أسبوعين، في محاولة لإطلاق سراح نحو 4 آلاف مقاتل من زملائهم المحتجزين هناك. وأكدت الصحيفة أن الهجوم كان دليلا على عودة التنظيم إلى المنطقة التي تشكل جزءا من منطقة الحكم الذاتي، وقاتلت «قوات سوريا الديمقراطية» بدعم من القوة العسكرية الأمريكية، لمدة أسبوعين تقريبا قبل أن تستعيد السيطرة على السجن، وفقا لموقع (24) الإماراتي. وعلى الرغم من الشراكة العسكرية الوثيقة مع الولايات المتحدة التي استمرت لسنوات، فإن الأكراد السوريين يواجهون مستقبلا محفوفا بالمخاطر، ففي عام 2012 تم إنشاء منطقة الحكم الذاتي الكردية في سوريا التي تضم ما يقارب من ثلث البلاد شرق نهر الفرات، بعيدا عن سيطرة نظام بشار الأسد بعد انتفاضة شعبية في موجة الربيع العربي.

وفي واحدة من أكثر ساحات المعارك تعقيدا في العالم، تتواجد القوات الأمريكية في المنطقة مع انتشار للقوات الروسية المتحالفة مع حكومة الأسد، التي سمحت لها قوات الدفاع والأمن بالدخول، كحماية ضد التوغل التركي.

وفي ظل هذا التعايش المضطرب، تنقسم المدن الكبرى في المنطقة بين سيطرة الحكومة السورية والسيطرة المحلية، ويصطف السكان الذين يدرسون أو يعملون في المنطقة التي تسيطر عليها الحكومة عند نقاط التفتيش، بانتظار السماح لهم بالمرور، كما أن الكثيرين يخشون الاعتقال لدرجة لا تسمح لهم بالمغامرة.

ويسمي الأكراد المنطقة بـ»روج آفا»، والتي تعني «الغرب»، في إشارة إلى كردستان الغربية وحلم طويل الأمد بتأسيس دولة مستقلة تمتد على المناطق الكردية في سوريا والعراق وإيران وتركيا.

وقال رئيس قسم العلاقات الدولية في إقليم كردستان عبدالكريم عمر للصحيفة «كانت هناك حروب طائفية في سوريا والعراق. ولكن في منطقتنا، حافظنا على السلام الاجتماعي والتعايش». وتعتمد الإدارة الإقليمية على شبكة من المجالس متعددة الأعراق والديانات، وكل لجنة رئيسية يرأسها رجل وامرأة. كما تلعب النساء دورا بارزا كمقاتلات، بما في ذلك في الخطوط الأمامية. وقالت الصحيفة إن «هذه الخطوات نحو ضمان التنوع والمساواة بين الجنسين بعيدة كل البعد عن معظم البلدان في الشرق الأوسط».

وخلال عمرها القصير، واجهت المنطقة التي يقودها الأكراد تهديدات أمنية واقتصادية مستمرة من جميع الأطراف تقريبا، بما في ذلك من الحكومة السورية وأكراد العراق المجاور في الشرق. لكن التهديد التركي هو الذي يلوح في الأفق. وأرجعت تركيا التي حاربت المسلحين الأكراد في الداخل منذ عقود، المناطق التي تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية» التي يقودها الأكراد لإبعادها عن الحدود. وتعتبر أنقرة «قوات سوريا الديمقراطية» تهديدا أمنيا، إذ تنظر إليها على أنها مجموعة «إرهابية ترتبط بشكل مباشر بحزب العمال الكردستاني الذي يقود تمردا ضد الدولة التركية منذ عقود».

وفي المقابل، يرتبط أكراد العراق بعلاقات اقتصادية وثيقة مع تركيا. وفي الشهر الماضي، أغلق الحزب الكردي المهيمن في العراق حدود إقليم كردستان العراق مع المنطقة التي يقودها الأكراد في سوريا، مما أدى إلى أزمة محروقات ومواد غذائية. وألقى مظلوم كوباني، قائد قوات الأمن في المنطقة، باللوم على الضغوط التركية في إغلاق العراقيين للحدود. وكوباني مدرج على قائمة المطلوبين في تركيا، ويقيم في قاعدة مشتركة مع القوات الأمريكية، اختارها لردع تركيا عن شن غارة بطائرة بدون طيار لقتله.

وقال كوباني عن جيرانه الأكراد العراقيين «كلانا كردي، وعلينا أن نساعد بعضنا بعضا. لكن لديهم مصالح مع تركيا».

وختمت الصحيفة بأن «الأكراد السوريين يتوهمون بأنه يمكنهم الاعتماد على الولايات المتحدة لحمايتهم على المدى الطويل، لكن الشيء الوحيد المؤكد هو أن مستقبل روج آفا يعتمد بالكامل على قوى خارجة عن سيطرتها، وأنه في هذا المجتمع العسكري، سيخوض جيل جديد الحرب».

سكان شمال سوريا:

4.6 ملايين نسمة عدد سكان شمال سوريا

55 %منهم أكراد

45 % عرب وأشوريون وأرمن وإيزيديون