سميرة الحارثي

معجزة الصبر

الاثنين - 07 فبراير 2022

Mon - 07 Feb 2022

تمر بالإنسان شتى الابتلاءات من خير وشر فيكابد كل ضراء ويعيش بها ألما طويلا ولربما أصابه اليأس عند أول باب يغلق أمام ناظريه، لكن لايعي أن خلف هذا الباب حبال وصل تأخذ بيديه لنور اليقين وسعة العطاء وإجابات الدعاء التي كان يلقيها في وقت السحر ويتمتم بشفتيه بها ليلا ونهارا.

خلال هذه المُكابدة والتي قد صاحبها العديد من الاختبارات لا يعلم كم من الأجور العظيمة كتبت له إن احتسب وشكر، فالله هو العليم الحكيم بأحواله، الخبير بوقت إنقاذه وانتشاله من قاع الظلمات إلى شواطئ الرحمة.

وفي قصة نوح -عليه السلام- معجزة تصوغ روعة من التصوير وتُذهل من يظن أن أهوال الدنيا قد تكالبت عليه واستحالت عليه سبل النجاة، فقد صبر نوح -عليه السلام- في دعاء قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، وكان من آمن معه قلّة، فتكفل به لطيف السماوات والأرض ورحيمهما بخطاب إلهي عظيم في قوله: (وَٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا).

ولأن الله كان عليما بنيته وصدقه في إبلاغ رسالته، والاستعانة به في كل وقت يغلب يأسه الرجاء تولاه برحمته وأرسل لقومه من أشد أنواع العذاب وهو "الطوفان".

لم يكن صبر نوح -عليه السلام- هنا فحسب، بل ابتُليَ أشد البلاء بابنه الذي لم يؤمن بالله وكان من الكافرين.

وفي حالة افتراقهم التي يكاد ألا يصدقها العاقل أعظم ما يجسده امتثال نوح لأمر ربه وهو ينادي ابنه قطعة روحه أن يصعد إلى الأمان معهم فيرفض هذا النداء ويحول بينهم الموج تاركا ابنه في أصعب بلاء له مع الغارقين فيمضي بقوة إيمانه وطاعة لجبار السماوات والأرض الذي سيجبر حتما آلامه وانكساراته ويجزيه عظم الثواب ونعيم الجنان.

فعلى الإنسان أن يملأ قلبه يقينا بأن ماعند الله خير وأبقى ويسعى جاهدا متلبسا بثوب الصبر في كل خطواته مُحتسبا بأن ما أصابه من سراء وضراء فشكر وصبر إلا كان خيرا له.