المثقف الرقمي
الخميس - 03 فبراير 2022
Thu - 03 Feb 2022
مما لا شك فيه أن الثقافة الرقمية فرضت نفسها بقوة في عصرنا الحاضر، فلم يعد أحد قادرا على الابتعاد عن وسائل الاتصال الحديثة، التي وفرت مساحات شاسعة من الحرية، كما وفرت منصات معرفية هائلة في مختلف مجالات المعرفة؛ الثقافية والعلمية والأدبية وغيرها.
وهذا أدى إلى بروز مصطلح المثقف الرقمي الذي يمتلك القدرة على البحث عن المعلومة وإيجادها ليثبت رأيا أو يدحض رأيا آخر، أو ينشر معلومات كانت تحتاج سابقا إلى التنقيب عنها في الكتب؛ مما يعني أنها تحتاج إلى الوقت والجهد والمال، وغير ذلك من أمور.
فالمثقف الرقمي يجلس أمام حاسوبه أو هاتفه، ويقرأ ويختصر ويكتب بحرية وثقة، نتيجة التغير السريع الذي أتاح له مواكبة المعرفة الحديثة، والخروج من لبوس الثقافة التقليدية النخبوية - غالبا - لأن التعامل مع قضايا الأمة والعصر تعاملا تاريخيا، والانغلاق عليها وحدها يجعل المثقف الورقي الكلاسيكي متأخرا وبطيئا.
فإذا كان المثقف - في أغلب التعريفات - هو الشخص الذي يملك قدرا من المعرفة الإنسانية بآدابها وفنونها وعلومها، فإن المثقف الرقمي الآن يتعامل مع هذه الظواهر في فضاء لا حدود له، فلا حاجة به إلى إذن يسمح له بالنشر أو الخوض في غمار الثقافة، وقد صارت الأبواب مفتوحة أمامه على اتساعها لينتج في حقول المعرفة كلها، وليقدم ذاته كما يشاء.
وهذا يعني من جهة ثانية أننا أمام حالة ثقافيّة فيها الغث والسمين، فقد أتاحت وسائل التواصل للكثيرين ممن لا يملكون القدرة الثقافية أن ينشروا ثقافة هابطة، وأدبا ركيكا يسهم في تكريسه القارئ العادي الذي ينبهر بما يُنشر لمجرد أن الناشر يمت له بصلة، أو لأن هذا القارئ ليس لديه ثقافة كافية للتمييز بين الحقيقي والمزيف في الحقل الثقافي.
ومع أننا لا يمكن أن ننكر دور المثقف التقليدي في المساهمة في إعلاء شأن الثقافة العربية، وتحديد معالمها المختلفة، بيد أننا نصاب بالدهشة أحيانا من جرأة المثقف الرقمي فيما يكرّسه من معرفة حديثة استطاع الوصول إليها عن طريق الترجمة المباشرة أو الالكترونيّة، بعيدا عن القيود والإيديولوجيات المغلقة، والعراقيل التي كان يضعها المجتمع التقليدي أمام المثقف التقليدي، فالمثقف الرقمي خرج من التابوهات المغلقة، وصار يغرد في فضائه المفتوح غير آبه بالمعايير التقليدية، وفي هذا الأمر نكون أمام اتجاهين متناقضين؛ الأول يدعو إلى حداثة مطلقة مطالبا بالتخلص من أوهام الثقافة التقليدية، والثاني يحاول استغلال ما أنتجته الثورة الرقمية لتكريس ثقافته الماضوية محاولا تسويقها بمعايير أخلاقية أو دينية أو اجتماعية، مما يجعل المتلقي يعيش صراعا حادا بين رغبته في الولوج إلى عالم صاخب تتدفّق فيه المعرفة بشتى أشكالها، وخوفه من سطوة الثقافة التقليدية التي تعاني تراجعا مستمرا أمام ما تنتجه الثورة الرقمية.
وهذا ما يدعو إلى محاولة ردم الهوّة بين الطرفين، والقبول بمنتجات الثقافة الرقمية، وغربلة الثقافة التقليدية مما علق بها عبر مراحل مختلفة حتى باتت حملا ثقيلا أحيانا ينوء بحمله أبناء الجيل المعاصر الذين تشكلت ثقافتهم الرقمية بحرية.
مما تقدّم يمكن أن نقول: إن المثقف الرقمي اليوم أكثر قدرة ومرونة على مواجهة معطيات العصر وحاجاته المتسارعة، بينما نجد المثقف التقليدي يتقهقر ويعيش حالة من النكوص نتيجة الفجوة بين تكوينه المحدود مهما اتسع، وبين ما تقدمه الثورة الرقمية من تغيرات فكرية ومعرفية، وقد يعزو هذا الأمر إلى التقصير في متابعة التجدد المعرفي، أو عدم مواكبة ما تقدمه الترجمات من ثقافات عالمية تتجاوزه بأشواط، بينما نجد الأجيال الشابة بدأت تشكل ثقافتها الرقمية وتبدد ملامح صورة المثقف التي كانت سائدة إلى حد كبير في مجتمعاتنا، فالإعلام الرقمي بات قادرا على تقديم أمسيات ثقافية مرئية على منصاته الافتراضية، وفيها يتم تقديم الثقافة بحرية مطلقة، كما بات قادرا على تكوين رأي عام مؤثر في السياسة والاقتصاد والاجتماع.
كل ذلك يجعل المثقف الورقي في حالة من التراجع أمام صعود المثقف الرقمي بخطاباته القصيرة المؤثرة، ولغته المكثفة، والتي تقدم الأفكار المبسطة والعميقة، وتجعل المتلقي في حالة استثمار قصوى للوقت؛ حيث صار قادرا على تخزين المعلومة والعودة إليها متى شاء، أو متابعتها أينما كان، لكن ذلك لا يجعلنا ندعو إلى غياب المثقف الورقي، بل إلى نقل الثقافة الورقية إلى فضاء الثقافة الرقمية الواسع، وإحداث تمازج فعال بينهما.
وهذا أدى إلى بروز مصطلح المثقف الرقمي الذي يمتلك القدرة على البحث عن المعلومة وإيجادها ليثبت رأيا أو يدحض رأيا آخر، أو ينشر معلومات كانت تحتاج سابقا إلى التنقيب عنها في الكتب؛ مما يعني أنها تحتاج إلى الوقت والجهد والمال، وغير ذلك من أمور.
فالمثقف الرقمي يجلس أمام حاسوبه أو هاتفه، ويقرأ ويختصر ويكتب بحرية وثقة، نتيجة التغير السريع الذي أتاح له مواكبة المعرفة الحديثة، والخروج من لبوس الثقافة التقليدية النخبوية - غالبا - لأن التعامل مع قضايا الأمة والعصر تعاملا تاريخيا، والانغلاق عليها وحدها يجعل المثقف الورقي الكلاسيكي متأخرا وبطيئا.
فإذا كان المثقف - في أغلب التعريفات - هو الشخص الذي يملك قدرا من المعرفة الإنسانية بآدابها وفنونها وعلومها، فإن المثقف الرقمي الآن يتعامل مع هذه الظواهر في فضاء لا حدود له، فلا حاجة به إلى إذن يسمح له بالنشر أو الخوض في غمار الثقافة، وقد صارت الأبواب مفتوحة أمامه على اتساعها لينتج في حقول المعرفة كلها، وليقدم ذاته كما يشاء.
وهذا يعني من جهة ثانية أننا أمام حالة ثقافيّة فيها الغث والسمين، فقد أتاحت وسائل التواصل للكثيرين ممن لا يملكون القدرة الثقافية أن ينشروا ثقافة هابطة، وأدبا ركيكا يسهم في تكريسه القارئ العادي الذي ينبهر بما يُنشر لمجرد أن الناشر يمت له بصلة، أو لأن هذا القارئ ليس لديه ثقافة كافية للتمييز بين الحقيقي والمزيف في الحقل الثقافي.
ومع أننا لا يمكن أن ننكر دور المثقف التقليدي في المساهمة في إعلاء شأن الثقافة العربية، وتحديد معالمها المختلفة، بيد أننا نصاب بالدهشة أحيانا من جرأة المثقف الرقمي فيما يكرّسه من معرفة حديثة استطاع الوصول إليها عن طريق الترجمة المباشرة أو الالكترونيّة، بعيدا عن القيود والإيديولوجيات المغلقة، والعراقيل التي كان يضعها المجتمع التقليدي أمام المثقف التقليدي، فالمثقف الرقمي خرج من التابوهات المغلقة، وصار يغرد في فضائه المفتوح غير آبه بالمعايير التقليدية، وفي هذا الأمر نكون أمام اتجاهين متناقضين؛ الأول يدعو إلى حداثة مطلقة مطالبا بالتخلص من أوهام الثقافة التقليدية، والثاني يحاول استغلال ما أنتجته الثورة الرقمية لتكريس ثقافته الماضوية محاولا تسويقها بمعايير أخلاقية أو دينية أو اجتماعية، مما يجعل المتلقي يعيش صراعا حادا بين رغبته في الولوج إلى عالم صاخب تتدفّق فيه المعرفة بشتى أشكالها، وخوفه من سطوة الثقافة التقليدية التي تعاني تراجعا مستمرا أمام ما تنتجه الثورة الرقمية.
وهذا ما يدعو إلى محاولة ردم الهوّة بين الطرفين، والقبول بمنتجات الثقافة الرقمية، وغربلة الثقافة التقليدية مما علق بها عبر مراحل مختلفة حتى باتت حملا ثقيلا أحيانا ينوء بحمله أبناء الجيل المعاصر الذين تشكلت ثقافتهم الرقمية بحرية.
مما تقدّم يمكن أن نقول: إن المثقف الرقمي اليوم أكثر قدرة ومرونة على مواجهة معطيات العصر وحاجاته المتسارعة، بينما نجد المثقف التقليدي يتقهقر ويعيش حالة من النكوص نتيجة الفجوة بين تكوينه المحدود مهما اتسع، وبين ما تقدمه الثورة الرقمية من تغيرات فكرية ومعرفية، وقد يعزو هذا الأمر إلى التقصير في متابعة التجدد المعرفي، أو عدم مواكبة ما تقدمه الترجمات من ثقافات عالمية تتجاوزه بأشواط، بينما نجد الأجيال الشابة بدأت تشكل ثقافتها الرقمية وتبدد ملامح صورة المثقف التي كانت سائدة إلى حد كبير في مجتمعاتنا، فالإعلام الرقمي بات قادرا على تقديم أمسيات ثقافية مرئية على منصاته الافتراضية، وفيها يتم تقديم الثقافة بحرية مطلقة، كما بات قادرا على تكوين رأي عام مؤثر في السياسة والاقتصاد والاجتماع.
كل ذلك يجعل المثقف الورقي في حالة من التراجع أمام صعود المثقف الرقمي بخطاباته القصيرة المؤثرة، ولغته المكثفة، والتي تقدم الأفكار المبسطة والعميقة، وتجعل المتلقي في حالة استثمار قصوى للوقت؛ حيث صار قادرا على تخزين المعلومة والعودة إليها متى شاء، أو متابعتها أينما كان، لكن ذلك لا يجعلنا ندعو إلى غياب المثقف الورقي، بل إلى نقل الثقافة الورقية إلى فضاء الثقافة الرقمية الواسع، وإحداث تمازج فعال بينهما.