فاتن محمد حسين

الانتخابات في الأندية الأدبية.. المعادلة الصعبة

مكيون
مكيون

الاثنين - 08 أغسطس 2016

Mon - 08 Aug 2016

تستعد الأندية الأدبية لخوض غمار انتخابات جديدة للدورة المقبلة، تتبدل فيها الكراسي والمقامات وتسمح بضخ دماء جديدة تكون قادرة على دعم الحركة الثقافية والأدبية وتحقيق أهداف حددتها اللائحة الجديدة والتي من أهمها خلق بيئة أدبية تفاعلية منتجة تساعد على إذكاء التنافس الأدبي والثقافي، واستقطاب المواهب الإبداعية الشابة ورعايتها وتشجيعها من خلال أنشطة ثقافية وأدبية متنوعة تسهم في نهضة ورقي المجتمع.



وحقيقة فإن ثقافة الانتخابات لم تعد جديدة على مجتمعنا، فهناك انتخابات لمجالس إدارات الغرف التجارية والمجالس البلدية ومؤسسات الطوافة في مكة وغيرها.



ولقد كثرت مؤخرا الانتقادات الموجهة للأندية الأدبية واتهمت بأنها (جزر معزولة) عن هموم المواطن وقضايا المجتمع، وأنها (منابر انتهت صلاحيتها).. وغير ذلك من العبارات التي تحط من مكانة الأندية الأدبية كصروح ثقافية وأدبية لها صفتها الاعتبارية؛ وحيث إن التعميم المطلق على أكثر من 16 ناديا أدبيا فيه الكثير من الإجحاف؛ فكل منها له برامجه ومناشطه الثقافية والأدبية وإن كان هناك تقاعس عند بعض الأندية فإن هناك أندية أخرى قدمت عطاءات فكرية وأدبية وثقافية فاعلة ومؤثرة في المشهد الثقافي، وعملت على معالجة القضايا الاجتماعية الراهنة، ومواكبة الأحداث الوطنية الجارية، وفعلت دور المثقف في تحمل أعباء بث الوعي الثقافي في المجتمع.



فما قدمه مثلا نادي مكة الثقافي الأدبي من محاضرات وملتقيات وندوات كان إثراء ثقافيا وفعلا اجتماعيا مؤثرا لتوجيه الشباب، خاصة في ملتقى (الشباب والأمن الفكري) لتعزيز مفاهيم الأمن الفكري في مواجهة التطرف والإرهاب. بل اهتم النادي بإبداعات الشباب وانخراطهم في المشهد الثقافي والذهاب لهم في مقارهم من خلال الشراكة الاجتماعية مع جمعية مراكز الأحياء وسلمت دفة القيادة لجميع الأنشطة الثقافية والأدبية للشباب لإدارتها، وتم خلق بيئة تنافسية عن طريق المسابقات الثقافية والأدبية في النصوص المسرحية، وفي الشعر، وفي الإلقاء، والرسم والتصوير.. مما ساهم في تحفيز الشباب وانخراطهم في العمل الثقافي الأدبي. هذا فضلا عما قدمه النادي من أمسيات قصصية وشعرية... استقطب فيها شعراء وأدباء ومفكرين لهم وزنهم على مستوى الوطن.. كما قدم ملتقيات متنوعة منها: (الثقافة والإعلام : توافق - تضاد - تكامل) فحتما كل هذا وغيره كثير.. كان له دور إيجابي فاعل على الثقافة والأدب في مكة.



وإن كنت أتفق مع البعض في أن من أسباب تدني مستويات بعض الأندية الأدبية هو: تنامي الخلافات واشتداد الصراع الشخصي بين أعضاء مجالس إدارتها على حساب المنتج الفكري والفعل الثقافي.. وهو ناتج عن عدم التجانس بين أعضاء المجلس في الفكر والرأي والثقافة مما يعمق الخلافات، وهذا ذو تأثير سلبي على نتاج وأداء النادي.



ولعلي هنا أعود إلى نقطة البدء وهي الانتخابات القادمة؛ فإن الترشيح الفردي - غالبا - يأتي بشخصيات لا يوجد بينها انسجام في العمل، وهذا يخلق جوا من الشحناء في المجلس بينما لو كانت هناك عدة خيارات فربما يلعب عنصر الكفاءة دوره في اختيار من هو جدير بالمكانة، وفي نفس الوقت تكون المجموعة المنتخبة مجموعة متجانسة فيما بينها من حيث التقارب الفكري والثقافي البناء وأن تعمل كفريق عمل لتحقيق أهداف محددة ومشتركة، لأن العمل الجماعي الناجح لا يحدث تلقائيا، وإنما يكون بمشاركة وتفاعل كل عضو؛ فلا إقصائية لأي فردن بل نجاح الفريق يعزى للجميع وليس لشخص محدد. ولكن قبل هذا وذاك فإن قيادة فريق العمل من أهم مقومات النجاح، فلا استئثار بالسلطة ولا ترفع ولا انعزال عن الأنشطة وإلقاء المسؤولية على الآخرين.



بقي أن نقول إنه لكي تقدم هذه الأندية ما هو مطلوب منها يجب أن تعطى الحرية المنضبطة في تقديم أنشطتها وبرامجها بدون المرور بالبيروقراطية التي تعطل أعمالها. وأن تعطى الثقة والمسؤولية فيما تقدمه من موضوعات ومن تستضيفهم من شخصيات وأن يكون مرجعها وزارة الثقافة والإعلام. كما أن الاستمرارية في دعم هذه الأندية ماديا، وبالقدر الذي يساهم في المسابقات الثقافية والأدبية، وإذكاء روح التنافس الأدبي في طباعة النتاج للأدباء والمثقفين، وبناء مكتبات عامة، واستخدام الوسائل السمعية والبصرية والإعلام الحديث والاهتمام باستقطاب الشباب وإعطائهم فرصة أن يكون الواحد (عضوا عاملا من 18 عاما) لأن هؤلاء سيكونون أكثر ولاء وحبا وانتماء للنادي وأنشطته بدلا من تشتت عطائهم فيما لا طائل منه.