أحمد الهلالي

الصمت ولا وعي الخطاب يعريان الخمينيين!

الثلاثاء - 01 فبراير 2022

Tue - 01 Feb 2022

الخمينية هي الوصف الدقيق للفكر الإرهابي العنيف المنظم الذي تصدره إيران إلى المنطقة العربية على ظهر المذهب، وهو لا يختلف عن الداعشية في أفكاره ومنطلقاته وأهدافه، فكر يطمح إلى التوسع على ثنائية التدمير والترهيب، وإن استطاع العالم القضاء على (الداعشية)، إلا أن جذوة (الخمينية) ما تزال متقدة؛ لأن النظام الإيراني الإرهابي بكل مكوناته السياسية والاقتصادية والعقدية والثقافية تغذيها، فيجوع الشعب الإيراني، ويسحقه الفقر ويتظاهر ويقتل من أجل استمرار الخمينية وانتشارها لبناء الإمبراطورية الفارسية على جماجم أغبياء العرب الخمينيين ومقدرات أوطانهم!

سحقت الخمينية العراق، بكل مكوناته، وامتصت ثرواته، وأعادت شعبه إلى العصور المظلمة التي لم يعرفها العراق من قبل، وعاثت فسادا في سوريا، وهاهي تدمر لبنان وتغرقه في فوضى لم يشهدها ربما حتى في الحرب الأهلية، فلا أمن ولا اقتصاد ولا حياة كريمة، وغامرت باليمن على هزاله القديم حتى بات كسيحا ممزقا، يعتاش أهله على الجهود الإغاثية من الخليج والعالم.

صحا شيعة العراق على بلد كأن لم يغن بالأمس، وبكوا بحرقة على عراق الدكتاتور صدام، فكل وعود الخمينيين كانت سرابا، حسبوها ماء، فوجدوا الموت والجوع والذل عندها، فانتفض الأحرار منهم، وخرجوا بمظاهراتهم الحاشدة تحت رصاص الميليشيات (إيران بره بره)، واحتفل شباب الشيعة بمقتل الإرهابي قاسم سليماني تحت وابل الرصاص، فلم يعد الموت يشكل فرقا عندهم، فإن صمتوا فهم ميتون من الجوع، وربما صوتهم تحت مخالب الموت بكرامة يغيّر المعادلة القهرية التي فرضها عليهم الخمينيون.

أما خمينية الخليج، فقد تصدت لها دول الخليج، كما تصدت للداعشية، فأخمدت نيرانها ووأدت مواقدها في البحرين، والكويت، والسعودية، ولأنها دول تحترم مكوناتها الاجتماعية فقد كان التصدي محدودا، والمعالجات استصلاحية ممنهجة بما يكفل الأمن والسلم الاجتماعي وكرامة الإنسان وخصوصيته، وأخذت هذه الدول على عاتقها إعلاء قيم المواطنة، وتحقيق الرفاه لكل مواطنيها دون تفريق.

نحن اليوم في السعودية والخليج، في مواجهة مباشرة مع الخمينية عبر أذرعها في المنطقة العربية، كما كنا في مواجهة مع (الداعشية/ والإخوانية/ والصحوية) واستطعنا تجاوز الثلاث الأخيرة، وتجريم خطاباتها وتحريم كل مظاهرها وطقوسها المعكرة لصفاء العقيدة والاعتدال، ولكننا في حاجة إلى حزم أكثر في مواجهة الخمينية، وتجريم خطاباتها المختلفة، فالأئمة والمثقفون والكتاب الذين يتخذون ثنائية (الحسين/ ويزيد) وغيرها من الثيمات التاريخية المعروفة غطاء لتورياتهم ورمزياتهم واستعاراتهم وكناياتهم في خطاباتهم التحريضية الثورية المبطنة يجب أن يساءلوا ويحاسبوا، وألا يستمر هذا الخطاب جاريا يؤذي آذان وأرواح الوطنيين من كل مكونات المجتمع السعودي.

نواجه حربا وجودية تفرضها علينا الخمينية منذ نشوئها، يتصدى لها الوطن بكافة مكوناته الاجتماعية والعقدية، ولا يتخاذل أمامها سوى المؤمنين بالخمينية، فلا يخفى عزوف بعض المثقفين (الرماديين) من كتاب وأدباء وإعلاميين ومفكرين عن نقد الخمينية، يدّعون أنها (سياسة) وهم ينأون عن السياسة، ولم يكونوا كذلك مع (الصحوية والإخوانية والداعشية)، بل تجدهم صقورا هناك، وحمائم سلام أمام الخمينية، ولو قرأنا كثيرا من الخطابات الأدبية والثقافية والإعلامية لبعضهم لوجدنا نزف اللاوعي في بكائياتهم على العراق (معقل الخمينية الأول) بشوارعه وميادينه وأزقته يغرق أدبياتهم في معنى مواز للعراق العربي، إنه عراق المذهب الذي صيرته الخمينية عاصمة للخمينيين العرب، وقبلة أخرى غير مكة، ولكن هيهات أن تجد دمعة على الوطن بمعناه الشمولي، ولا رموزه، ولا جنوده الذين استشهدوا في مواجهة إرهاب الخمينية، كما استشهدوا في إرهاب الداعشية.

أعلنها بصدق، ليس مثقفا ولا حرا ولا وطنيا، من التحف بالصمت أمام وحش الخمينية، فالوطن أكبر من خواء الإيديولوجيا، والصامت عنها جبان أرعن، فما الخسائر التي يخشاها، وما قيمتها أمام معنى (الوطن)؟! وأتحدى أن يخرج الصامت عن أحد ثلاثة: مؤمن بالخمينية وينتظر فرصة مناصرتها كما فعل بعض مثقفي العراق ولبنان، وثانيها: رعديد خائف من الخمينية الخارجية، ثالثها: محاط بخمينيين في الداخل ويخشى على مصالحه معهم، وأيا كان الحال، فهو (خميني) أو (جبان) لا قيمة له في حسابات الوطن، ولا تحية إلا للوطنيين الشرفاء الشجعان!

ahmad_helali@