محمد العوفي

الصناعات الموجهة للتصدير هي الحل!

الاثنين - 08 أغسطس 2016

Mon - 08 Aug 2016

كشفت البيانات المالية التي أعلنتها الشركات السعودية خلال النصف الأول من العام الجاري، أن الشركات التي تعتمد على التصدير لم تتأثر ماليا، أو بالأحرى كانت أقل تأثرا من نظيراتها التي تعتمد على الإنفاق الحكومي أو المستهلك الداخلي، وهي نتيجة طبيعية كون التصدير يكون لأسواق مفتوحة تتغير وتتبدل أوضاعها من بلد لآخر، ومن زمن لزمن، في حين أن الشركات التي تعتمد على السوق المحلية ستتأثر بالسياسة الإنفاقية التي تنتهجها الحكومة في الوقت الراهن لتراجع أسعار النفط الخام.



ويعطي ذلك دلالة على أن النمو الذي حققه القطاع الخاص في السنوات العشر الماضية لم يكن سوى ردة فعل للإنفاق الحكومي المرتفع، وأنه لم يكن هناك نمو خارج منظومة الإنفاق الحكومي، وأن الإنتاج والتصدير لم يكن لهما حضور ما عدا منتجات البتروكيمياويات، والسبب في ذلك أن العلاقة بين القطاع الخاص والإنفاق الحكومي علاقة طردية، وستظل كذلك لفترات طويلة، لأن القطاع الخاص قطاع خدمي غير منتج أو مصدر، لذلك لم يتمكن حتى هذه اللحظة من الاستقلال ولو جزئيا عن تبعية الإنفاق الحكومي، فهو يعتمد كليا في نموه على الإنفاق الحكومي إلا في حالات قليلة أو نادرة.



كما أن القوة الشرائية للمستهلك المحلي انخفضت في العامين الماضيين وانعكست بصورة سلبية على النتائج المالية لشركات التجزئة، لأن إنفاق المستهلك المحلي هو الآخر يرتبط ارتباطا غير مباشر بحجم الإنفاق الحكومي، فكلما كانت السياسة الإنفاقية توسعية، كانت احتمالات زيادة دخله واردة وممكنة، مما يعني أن قوته الشرائية ستزداد وفرص الادخار سترتفع، وبالتالي يزداد إنفاقه، والعكس مع السياسة الانكماشية في الإنفاق الحكومي.



المحصلة النهائية مما سبق، أن القطاع الخاص بصورته الحالية سيواجه تحديات كبرى خلال الفترة القادمة في الخروج من عباءة الإنفاق الحكومي، وأن محاولة إنعاشه لن تأتي بالنتائج المأمولة، ولن تخلق اقتصادا منتجا ومصدرا يعتمد عليه، يضاف إلى ذلك أنه غير قادر على الاستجابة لمتطلبات المرحلة القادمة عندما يتحول الدور الحكومي تدريجيا من التنفيذ للإشراف والتنظيم.



ومن الطبيعي أن يكون هناك انكماش في النمو، والتوظيف، وقد نشهد تسريح مزيد من الموظفين، وارتفاعا في نسب البطالة، على عكس ما هو متوقع منه في أخذ زمام المبادرة للحصول على دور محوري في قيادة عملية التنمية وتحقيق أهداف المجتمع، من توظيف كامل للموارد وكفاءة في استغلالها وتوجيهها، وتحقيق معدلات نمو مرتفعة، وتحسين مستوى المعيشة، واستقرار الأسعار وغيرها.



لذلك أعتقد أن إنشاء الصناعات القائمة على أساس التصدير أو استقطابها هو المخرج لتلافي أي انكماش محتمل في القطاع الخاص مستقبلا، ولنا في الاقتصادات التي حققت قفزات كبيرة في النمو في الأعوام الماضية من دول شرق آسيا (هونج كونج وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان وإندونيسيا وماليزيا وتايلاند) أسوة حسنة، ومثال يحتذى به، فهذه الاقتصادات نجحت في تحقيق معدلات نمو مرتفعة وخلق فرص عمل جديدة ساهمت في تراجع مستوى البطالة بفضل الصناعات القائمة على التصدير، والدور الذي لعبته في تنويع صادراتها، وبناء على صناعات ذات قيمة مضافة للاقتصاد، وتوفير العملة الصعبة لها.



وبالتالي، فإن الاتجاه لإقامة المصانع المخصصة للتصدير يفترض أن يعطي أولوية خاصة في الإقراض والتمويل سواء من قبل الصناديق الحكومية أو البنوك بضمانات شبه حكومية، في المرحلة المقبلة، لأن الصناعات الموجهة للتصدير أثبتت قدرتها على خلق فرص عمل جديدة، وتقديم رواتب وأجور وحوافز مغرية، علاوة على أن فرص العمل والرواتب ستزداد مستقبلا كلما ارتفع الطلب على هذه المنتجات وقدرتها التنافسية.



[email protected]