باسل النيرب

«وباء المعلومات» كيف تتحقق من الأخبار والمصادر؟

الأحد - 30 يناير 2022

Sun - 30 Jan 2022

مثلت جائحة «كوفيد- 19» وما ترتب عليها من تعطيل وإغلاقات أول جائحة عالمية يستخدم فيها وسائل التواصل الاجتماعي لإحاطة الجمهور وإعلامهم بوسائل الحفاظ على سلامتهم والتواصل فيما بينهم، وفي ذات الوقت أسهمت التكنولوجيا في سرعة انتشار المعلومات، ولأننا نعيش في عصر التكنولوجيا فمن السهل البحث عن المعلومات وإيجادها وباستطاعة أي شخص نشرها سواء كانت صحيحة أم خاطئة؛ ولكن الصعوبة في التأكد من صحة المعلومة.

وأسهم الانتشار المعلوماتي في تحول المعلومات إلى وباء على الإنسانية، فكثير من المعلومات التي تصل إلينا من مختلف المصادر الإعلامية بعضها مفيد والآخر ضار؛ فتحولت إلى وسيلة للهلاك، وليس المجال هنا لذكر عدد الأخبار الكاذبة التي تسببت في قتل عدد من الأشخاص حول العالم بسبب وصفات شعبية أو علاجات خاطئة غير معترف بها علميا، ولكن مجال الحديث حول تشكل المعلومات الزائفة والمضللة التي تصبح في هذه الحالة وباء وخاصة في أوقات الأزمات.

يعود استخدام مصطلح الوباء المعلوماتي إلى العام 2003، واستخدم لنقد المعالجات الإعلامية بعد انتشار المتلازمة التنفسية الحادة (SARS)، كما تعرف منظمة الصحة العالمية الوباء المعلوماتي بأنه «التدفق الكبير من المعلومات الخاطئة والمضللة على شبكة الإنترنت وخارجها، الذي يؤدى إلى تقويض الاستجابة في مجال الصحة العامة، ويلحق الضرر بصحة الجمهور الجسدية والنفسية؛ ويهدد الأنظمة الصحية؛ ويشجع على عدم التقيد بتدابير الصحة العامة، وهو ما يحد بالتالي من فعالية هذه التدابير رغم كلفتها الاقتصادية الهائلة ويهدد قدرة الدول على وقف مسار الجائحة».

وعليه فإن الزخم في تناقل المعلومات دون التحقق من صحتها وصل حد الكارثة بعد أن تصدرت المعلومات الطبية والعلمية المغلوطة والكاذبة الكثير من وسائل إعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ومجموعات الدردشة وخاصة الواتس أب الذي يكثر فيه المعلومات التي يتناقلها الجمهور على أنها معلومات موثوقة، الأمر الذي تسبب بحالة من الرعب سببتها الأخبار الكاذبة والمغلوطة عن «كوفيد-19» وغيره مما يمكن أن يمس الحياة الإنسانية عموما.

ويعتمد ناشرو الأكاذيب على الإنترنت وخاصة على شبكات التواصل الاجتماعي، فاحتمال نشر الأخبار الكاذبة عبر التويتر أعلى من نشر الأخبار الحقيقية، وغالبا ما تكون القصص المغلوطة والكاذبة مؤثرة وتحتوي على معلومات وإضافات ومنقولات أكثر من القصة الحقيقية، وتكون ردود الأفعال بالتصديق وتبني وجهة النظر وإعادة الإرسال والمشاركة للقصة الكاذبة حتى بعد نفيها أعلى من القصة الحقيقية، وهذا مع وجود بيئة برمجية تسهم فيها البوتات والبروفيلات المزيفة بنشر الأكاذيب وتبني هذه المغالطات، وكلما تم الترويج والمشاركة أكثر وتناقل المعلومة زاد مستوى الإقناع.

ويبقى هناك جملة من التحديات الأساسية في معالجة المعلومات الكاذبة والمغلوطة؛ فمثلا ندرة الآليات التنظيمية التي تعالج المعلومات المظللة؛ مع غياب الشفافية وعدم منح المستخدمين وصولا أكبر إلى بياناتهم والتحكم فيها يرتفع عندها وجود وانتشار المعلومات المغلوطة والأخبار الكاذبة، وهذا الأمر غير بعيد عن طبيعة الخوارزميات التي تنظم عمل منصات التواصل الاجتماعي، فهي تحدد وتؤثر في تنسيق موجز الأخبار وتقديم كيفية رؤية الأشخاص للمعلومات.

التحدي الثاني الذي يصاحب انتشار المعلومات المظللة التحيز العنصري والجنساني في الخوارزميات التي تستخدمها منصات وسائل التواصل الاجتماعي، فقد ادخلت شركات وسائل التواصل الاجتماعي آليات لتسليط الضوء على المصادر الموثوقة للمعلومات، فتصنيف المنشورات على أنها معلومات مغلوطة أو مظللة لا تحل التحيز العنصري والجنساني في الوصول إلى المعلومات، ولكنه قد يسلط الضوء على المصادر ذات الصلة.

التحدي الثالث الذي يصاحب انتشار المعلومات الكاذبة؛ هز أسس الديمقراطية وافتقاد الثقة في النظام السياسي وانتشار التشاؤم، مما يسهل الانفصال الاجتماعي، الأمر الذي نتج عنه تحول السياسيون ووسائل الإعلام إلى كبش فداء لأضرار «الأخبار الكاذبة».

وحتى لا تبقى وحيدا في مواجهة المعلومات الخاطئة والمضللة المتعلقة بـ»كوفيد-19» وغيرها، وتصاب بالإحباط بسبب الاضطرار إلى معالجتها أو إنكارها؛ تأكد أن الجائحة وما تسببه من انتشار للأخبار المغلوطة والكاذبة سينتهي يوما ما أو على الأقل سوف نتعايش معها؛ ولكن الوباء المعلوماتي لن ينتهي فهو الأخطر حاليا، حيث يتم إعادة إنتاج وتوزيع المعلومات على نطاق واسع وأصبح الجميع مشارك، الأمر الذي سهل على اختلاط الحقيقة بالشائعة، والعلم بالخرافات، مما يؤدي في النهاية إلى صعوبة تمييز المعلومات والإرشادات الصحيحة، وحتى تكون منصفا مع ذاتك مهم جدا نشر ومحاربة الأمية الإعلامية لشرح حالة «الأخبار الكاذبة» وتعلمها؛ وحتى تسهم في نشر التوعية والتربية الإعلامية، وقد نشرت منظمة الصحة العالمية النصائح الرئيسة للتغلب إدارة الوباء المعلوماتي بشأن «كوفيد-19» والحقيقة أنها تصلح للتحقق بشكل عام من الأخبار الكاذبة والمعلومات المغلوطة وتمثلت التوجيهات في التالي:

• دقق في المصدر الذي شارك في المعلومة.

• لا تكتف بالعنوان الجذاب اقرأ التفاصيل.

• تعرف على الكاتب وابحث عنه إذا كان ذا مصداقية.

• تحقق من تاريخ النشر وصلته بالأحداث وتاريخ الأرقام والإحصائيات.

• تفحص الأدلة والحقائق وابحث عنها.

• تجنب التحيزات والأحكام المسبقة.

• في حال وجود معلومات متضاربة تحقق من صحتها من المصادر الموثوقة.

@b_nerab