إيمان أشقر

(هنا وهناك)

السبت - 29 يناير 2022

Sat - 29 Jan 2022

أدوات مكان لا توجد منطقة وسطى بينهما، هنا وهناك نفس الزمن وإن اختلف التوقيت، هنا وهناك ظرفا مكان لا يقبلان المشاركة فإما أن تكون هنا أو أن تكون هناك.

وأنا هناك اشتقت لكل من تركتهم هنا، وحين عدت إلى هنا افتقدت من هم هناك. هذه المعادلة هي قانون اللحظة، قانون الآن.

من البديهي أن نعيش الآن بكل جزئياته، تفاصيله، ثوانيه، نحيا بكل من هم معنا الآن ولا ننتظر حتى يكون أحدنا هناك (على الطرف الآخر من الزمان والمكان)، ولكن بطبيعة الإنسان الذي يغلب عليها التمني والرجاء ننسى أن غدا آت بلا محالة، ولكن بأقدار الله كما يريدها لنا لا كما خططنا لها، تفلتُ من بين أصابعنا لحظات كان الأجدر بها ولها أن نحياها، ونأسر كلمات كان الأجمل لو قيلت في حينها.

الآن هنا (الزمان والمكان) محوران اللحظة التي تحياها النفس والروح والجسد، وكل ما يصدر منها من مشاعر وكلمات وأفعال، بعد لحظة من الآن يأتي آن آخر وتسجيل جديد ولكن هل يكون معنا من كان في تلك الآن التي لا تعود؟ وحين نذهب إلى هناك هل يكون معنا من تركناهم هنا؟!

كلنا يعرف ذلك المشهد الجميل في البرنامج التعليمي الرائع في الثمانينات والذي أعد للأطفال (درس في غاية الروعة يحمل رسائل ضمنية قد يكون غاب عن البعض المقصود منها) برنامج افتح يا سمسم (بدر وأنيس) وهو يقول «أريد أن أذهب هناك وحين يكون هناك يقول أنا الآن هنا ولكن أريد هناك..».

في ساعات اليد وبوصلة تحديد الأماكن لا يوجد توقيت الآن ولا توجد إشارة هنا وهناك، وعلى الرغم من ذلك نترك لساعات ذات قيمة (كما يدعون) تحديد استمتاعنا بالوقت وتبخر لحظات سعادة من بين أصابعنا، ونجعل من سهم البوصلة حق التسديد وتحديد الأماكن وإن أبعدتنا عما نريد.

إلى من هم هنا وإلى أولئك الذين هم هناك، الآن في هذه اللحظة وأنا هنا سأعترف بكل ما في قلبي من حب لمن حولي، سأشارك من أرى السعادة في أعينهم سعادة الآن، سأخبر من يجاورني عن جمال الآن، لن أحمل معي وجع الأمس ولا تخوفات غد ولا شدة الحر هناك.

إيمان أشقر