آراؤكم.. قرار
الأربعاء - 26 يناير 2022
Wed - 26 Jan 2022
كيف يشعر المجتمع حيال قضايا الساعة.. ما موقف الغالبية من أي حدث مستجد.. ما الخيارات المفضلة للفرد العادي في اليوم العادي.. وما هي وجهات النظر والآراء حيال قضية ما أو تجاه إجراءات مستحدثة.. أو ما هي المواقف الأعلى احتمالا وما هو التصرف الذي يرجح بأن يتصرف به الأغلبية عموما؟
التفاهم المجتمعي.. من الحيوي الوصول إلى قراءة واقعية للوعي الجمعي تجاه قضية ما ومساعدة الفئات المختلفة عمريا وتعليميا ومناطقيا وجغرافيا على فهم بعضها البعض، وذلك من خلال إتاحة الفرصة للأفراد للتحدث عن أنفسهم بأريحية وعفوية بدلا من تغييب صوتهم وتوكيل نجوم الأقلام وبرامج الإعلام ومشاهير الغفلة بالتحدث نيابة عن الجميع.
هل فهم الرأي العام مهم؟ الإجابة (نعم) وبالتوكيد؛ فهو محور العملية الحيوية في المجتمع.
أولا: هو يرصد ويحدد القضايا المهمة التي تتطلب حلولا ومن ثم يدخل المجتمع في النقاش والجدال حولها، كما يساعد في اختيار الخبراء والنشطاء المختصين لصياغة المقترحات، وأخيرا وهو الأهم كونه يقدم لصناع القرار صورة صحيحة عما تريده الأغلبية.
ثانيا: هو ذو دور مركزي في تأسيس حوار هادف وبناء وحضاري في المجتمع ومساندة صناع القرار في استقراء المشهد بصورة سليمة واتخاذ القرارات الصحيحة؛ فالحوار يظهر قوة الارتباط بين السياسات العامة والرأي العام، وهذا يفرض المواءمة بين ما يريده المجتمع ويناقشه وبين مرئيات صائغ الاستراتيجية بشكلها التكاملي وما تفرضه المصلحة العامة، إذن هو (البوصلة) الإرشادية لصانعي السياسات العامة المعتمدة في توجيه العمل وتصميم الاستراتيجيات المؤثرة على كل من المؤسسات الحكومية والتفاعلية الإيجابية لرجل الشارع وعامة الجمهور، بكلمة واحدة الرأي العام هو (معيار القرار) في النظم الإدارية الحديثة.
آليات الاستطلاع.. أداة قياس علمية تنبئنا عن ذهنية وطريقة تفكير الناس وتحديد نسب الأشخاص الذين يملكون وجهة نظر معينة حيال موضوع معين؛ فإذا كان هذا هدفنا فإنه سيتطلب منا قياس مشاعر الأغلبية بدقة، الأمر الذي لا يتسنى إلا بسماعهم والاستماع لهم بل والإنصات لهم وبشكل صحيح خاصة للأشخاص العاديين، وهي منهجية علمية تعتمد رصد آراء السكان بإجراء سلسلة من الأسئلة المعتمدة من الخبراء في المجال وتطبيقها على عينة تمثل المجتمع المستهدف ثم استطلاع قناعات المشاركين وتوجهاتهم واستقراء البيانات وتحليلها بالأساليب الإحصائية من أجل استنباط النتائج ضمن درجة عالية من الموثوقية والمصداقية ودون أي تدخلات خارجية أيا كانت الاستنتاجات، هذه الاستبيانات لا تركز ولا تتطرق إلى أسباب الرأي المطروح أو لماذا يقوم الناس بتغيير آرائهم لأنها وظيفة علم الاجتماع وغيره من العلوم أما تجميع الاستبيانات فيجري عبر الكثير من الأساليب كالبريد والإيميل والإنترنت والمقابلات، والطرق الأكثر شيوعا هي المقابلات الهاتفية والمقابلات الشخصية وجها لوجه، فهما الأعلى في نسبة الاستجابة والمصداقية، جدير بالتنويه أن (وسائل التواصل الاجتماعي) -مع التحفظ عن الأخذ بها على وجه الإطلاق- قد غدت ضوءا سريعا كاشفا للرأي العام في عصر الرقمية.. وفي جميع الأحوال فالحكمة تقتضي عدم تهميشها أو إهمالها.
المصداقية والموثوقية.. الاستطلاعات سلاح ذو حدين.. وكما نفعها العميم فكذلك خطؤها الجسيم؛ لأنها قد تنتج توقعات هائلة الخطأ وقرارات سيئة تتضرر منها كل شرائح المجتمع، لذلك قام علم الإحصاء بتطوير تقنيات حديثة ومنهجية أكثر تعقيدا، ومن أهم معاييره (نوع العينة) حتى تكون كل فئات المجتمع المستهدف ممثلة بشكل واقعي، و(حجم العينة) أو عدد الأشخاص الذين تمت مقابلتهم، و(طريقة الاختيار من العينة) كالانتقاء العشوائي لتجنب أو تقليل التحيز، و(نوعية الأسئلة) لتجنب الأسئلة -غير الواضحة أو المشحونة عاطفيا- أو المتحيزة لرأي ما أو الموجهة نحو اتجاه بعينه منعا لسوء الفهم أو التضليل، وعدم التحديد لرأي الشخص بشكل متطرف (نعم/لا) ووضع عدد مقبول من الخيارات في صياغة سهلة مفهومة لكافة المستويات، والالتزام بحرية رأي المشاركين والحيادية الكاملة للباحث وجهة البحث، والأخذ في الاعتبار ظروف وتوقيت الاستطلاع، وتطبيق التحليل الإحصائي وطرق البحث الاجتماعي والنفسي وبرمجيات التكنولوجيا للوصول إلى نتائج حقيقية ورؤية واقعية واضحة ومن ثم الحصول على القدرة على توقع الاحتمالات ونسب حصولها إحصائيا بما يمكن من التخطيط العلمي للمستقبل.
في هذا التقاطع يتوجب القول إن العمود الأساس هو الجهة المنظمة لهذه الاستطلاعات؛ فالسمعة الحسنة وكفاءة الأداء ودرجة المهنية وسنوات الخبرة العالمية بالإضافة إلى وجود فريق كبير من الموظفين وخدمات المساندة اللوجستية وامتلاك مخزون معرفي ضخم كلها معايير مفتاحية تصب في دقة ومصداقية وموثوقية الاستنتاجات والتوصيات.
ضوء الفنار.. الواقع كما البحر له تدرجاته وأسراره وسبره ومعرفة خفاياه لا يتأتى لنا إلا من ميكروسكوب الغواص الماهر إلى أعماقه.. فقط من أرشيف هذه الرحلات.. نحرز التحول بشكل مضطرد من مرحلة (عدم الفهم) مرورا بـ (الفهم غيرالكامل) إلى مرحلة (الفهم الكامل)، فالبحر ليس قطبين متناقضين ساكنين، وغني عن الذكر أنه بالرغم من أن الشعور الجمعي له تأثير كبير على سرعة ووجهة السفينة إلا أن خبرة القبطان هي المقود؛ فهو وحده يتقن قراءة لغة البحر ولا يمتثل لكل نسيم موسمي مفاجئ أو موجة اندفاع عابرة.
تحت التوقيع..
الرأي العام هو المجهر الدقيق للفساد.. أخبرك عن الاحتمالات حتى أبعدك عن المفاجآت!
RimaRabah@
التفاهم المجتمعي.. من الحيوي الوصول إلى قراءة واقعية للوعي الجمعي تجاه قضية ما ومساعدة الفئات المختلفة عمريا وتعليميا ومناطقيا وجغرافيا على فهم بعضها البعض، وذلك من خلال إتاحة الفرصة للأفراد للتحدث عن أنفسهم بأريحية وعفوية بدلا من تغييب صوتهم وتوكيل نجوم الأقلام وبرامج الإعلام ومشاهير الغفلة بالتحدث نيابة عن الجميع.
هل فهم الرأي العام مهم؟ الإجابة (نعم) وبالتوكيد؛ فهو محور العملية الحيوية في المجتمع.
أولا: هو يرصد ويحدد القضايا المهمة التي تتطلب حلولا ومن ثم يدخل المجتمع في النقاش والجدال حولها، كما يساعد في اختيار الخبراء والنشطاء المختصين لصياغة المقترحات، وأخيرا وهو الأهم كونه يقدم لصناع القرار صورة صحيحة عما تريده الأغلبية.
ثانيا: هو ذو دور مركزي في تأسيس حوار هادف وبناء وحضاري في المجتمع ومساندة صناع القرار في استقراء المشهد بصورة سليمة واتخاذ القرارات الصحيحة؛ فالحوار يظهر قوة الارتباط بين السياسات العامة والرأي العام، وهذا يفرض المواءمة بين ما يريده المجتمع ويناقشه وبين مرئيات صائغ الاستراتيجية بشكلها التكاملي وما تفرضه المصلحة العامة، إذن هو (البوصلة) الإرشادية لصانعي السياسات العامة المعتمدة في توجيه العمل وتصميم الاستراتيجيات المؤثرة على كل من المؤسسات الحكومية والتفاعلية الإيجابية لرجل الشارع وعامة الجمهور، بكلمة واحدة الرأي العام هو (معيار القرار) في النظم الإدارية الحديثة.
آليات الاستطلاع.. أداة قياس علمية تنبئنا عن ذهنية وطريقة تفكير الناس وتحديد نسب الأشخاص الذين يملكون وجهة نظر معينة حيال موضوع معين؛ فإذا كان هذا هدفنا فإنه سيتطلب منا قياس مشاعر الأغلبية بدقة، الأمر الذي لا يتسنى إلا بسماعهم والاستماع لهم بل والإنصات لهم وبشكل صحيح خاصة للأشخاص العاديين، وهي منهجية علمية تعتمد رصد آراء السكان بإجراء سلسلة من الأسئلة المعتمدة من الخبراء في المجال وتطبيقها على عينة تمثل المجتمع المستهدف ثم استطلاع قناعات المشاركين وتوجهاتهم واستقراء البيانات وتحليلها بالأساليب الإحصائية من أجل استنباط النتائج ضمن درجة عالية من الموثوقية والمصداقية ودون أي تدخلات خارجية أيا كانت الاستنتاجات، هذه الاستبيانات لا تركز ولا تتطرق إلى أسباب الرأي المطروح أو لماذا يقوم الناس بتغيير آرائهم لأنها وظيفة علم الاجتماع وغيره من العلوم أما تجميع الاستبيانات فيجري عبر الكثير من الأساليب كالبريد والإيميل والإنترنت والمقابلات، والطرق الأكثر شيوعا هي المقابلات الهاتفية والمقابلات الشخصية وجها لوجه، فهما الأعلى في نسبة الاستجابة والمصداقية، جدير بالتنويه أن (وسائل التواصل الاجتماعي) -مع التحفظ عن الأخذ بها على وجه الإطلاق- قد غدت ضوءا سريعا كاشفا للرأي العام في عصر الرقمية.. وفي جميع الأحوال فالحكمة تقتضي عدم تهميشها أو إهمالها.
المصداقية والموثوقية.. الاستطلاعات سلاح ذو حدين.. وكما نفعها العميم فكذلك خطؤها الجسيم؛ لأنها قد تنتج توقعات هائلة الخطأ وقرارات سيئة تتضرر منها كل شرائح المجتمع، لذلك قام علم الإحصاء بتطوير تقنيات حديثة ومنهجية أكثر تعقيدا، ومن أهم معاييره (نوع العينة) حتى تكون كل فئات المجتمع المستهدف ممثلة بشكل واقعي، و(حجم العينة) أو عدد الأشخاص الذين تمت مقابلتهم، و(طريقة الاختيار من العينة) كالانتقاء العشوائي لتجنب أو تقليل التحيز، و(نوعية الأسئلة) لتجنب الأسئلة -غير الواضحة أو المشحونة عاطفيا- أو المتحيزة لرأي ما أو الموجهة نحو اتجاه بعينه منعا لسوء الفهم أو التضليل، وعدم التحديد لرأي الشخص بشكل متطرف (نعم/لا) ووضع عدد مقبول من الخيارات في صياغة سهلة مفهومة لكافة المستويات، والالتزام بحرية رأي المشاركين والحيادية الكاملة للباحث وجهة البحث، والأخذ في الاعتبار ظروف وتوقيت الاستطلاع، وتطبيق التحليل الإحصائي وطرق البحث الاجتماعي والنفسي وبرمجيات التكنولوجيا للوصول إلى نتائج حقيقية ورؤية واقعية واضحة ومن ثم الحصول على القدرة على توقع الاحتمالات ونسب حصولها إحصائيا بما يمكن من التخطيط العلمي للمستقبل.
في هذا التقاطع يتوجب القول إن العمود الأساس هو الجهة المنظمة لهذه الاستطلاعات؛ فالسمعة الحسنة وكفاءة الأداء ودرجة المهنية وسنوات الخبرة العالمية بالإضافة إلى وجود فريق كبير من الموظفين وخدمات المساندة اللوجستية وامتلاك مخزون معرفي ضخم كلها معايير مفتاحية تصب في دقة ومصداقية وموثوقية الاستنتاجات والتوصيات.
ضوء الفنار.. الواقع كما البحر له تدرجاته وأسراره وسبره ومعرفة خفاياه لا يتأتى لنا إلا من ميكروسكوب الغواص الماهر إلى أعماقه.. فقط من أرشيف هذه الرحلات.. نحرز التحول بشكل مضطرد من مرحلة (عدم الفهم) مرورا بـ (الفهم غيرالكامل) إلى مرحلة (الفهم الكامل)، فالبحر ليس قطبين متناقضين ساكنين، وغني عن الذكر أنه بالرغم من أن الشعور الجمعي له تأثير كبير على سرعة ووجهة السفينة إلا أن خبرة القبطان هي المقود؛ فهو وحده يتقن قراءة لغة البحر ولا يمتثل لكل نسيم موسمي مفاجئ أو موجة اندفاع عابرة.
تحت التوقيع..
الرأي العام هو المجهر الدقيق للفساد.. أخبرك عن الاحتمالات حتى أبعدك عن المفاجآت!
RimaRabah@