نصف حقائق البيئة
الأربعاء - 19 يناير 2022
Wed - 19 Jan 2022
نصف الحقائق أسلوب شائع لتحقيق المكاسب والانتصارات، وأحيانا الكذب وتداول القضايا، فتذكر حقائق وتغيب أخرى سمة لمعظم ما يدار في العالم: سياسيا، اقتصاديا، اجتماعيا، بيئيا.
وكل ذلك يدق ويطحن ويشحن لأصقاع الأرض وفق تصالح المصالح وتعارضها. فما هي نصف حقائق ما يوصف بصديق للبيئة بمسميات عديدة: طاقة نظيفة، خضراء، مستدامة... إلخ؟
ما هو التعريف لكلمة صديق البيئة؟ وما هي كيفية الاستدامة وضوابطها؟ ومن يحدد مقياس الطاقة النظيفة؟
الحقيقة من يحدد المصطلحات والمدلولات هم السياسيون والاقتصاديون والمنتفعون أينما كانت مصالحهم حتى البيئيين! وإن كان الغوص في تفاصيل بحر البحث عن الإجابات ودراستها يسهم في فهم أوسع وقد يظهر منه حلول لمشاكل قائمة.
مدلولات تحل مشكلة بمشكلة أخرى أو تغمض عن جانب بجانب، وتحلم وتتخيل وتذر الرماد في العيون.
وليس المغزى الوقوف مع أطراف الصراع البيئي وخطوطه السياسية وآفاق الطاقة وأمنها، بل الهدف من الطرح تسليط الضوء على ما يغيب عن الأعين (أسمع جعجعة ولا أرى طحنا).
ليس هناك حل سحري لكوكب الأرض! فمثلا مسمى الطاقة النظيفة يصف جانبا يتعلق مجمله بإنتاج الكربون فقط؛ فمثلا يتم التركيز على قطاع السيارات ودعم استبدالها بالسيارات الكهربائية وتوفير مميزات كمساعي الاتحاد الأوروبي تختلف من دولة لأخرى كتوفير مواقف مجانية والإعفاء الضريبي... إلخ.
لكن ماذا عن قيود تلوث الهواء والانبعاثات في الدولة المنتجة والمصنعة لتلك السيارات والبطاريات؟ ماذا عن الطائرات والسفن والنقل والشحن التجاري بكافة أنواعه؟ وماذا عن قطاع الشحن البحري والصيد التجاري؟ أليس كلها منظومة متكاملة تأثر على البيئة؟
وفي الجانب الآخر نصف الحقيقة المغيبة للطاقة النظيفة وكل ما يتعلق بها من بداية القصة من الموارد والمعادن النادرة للتصنيع والتركيب والتخلص من النفايات والمخلفات وهي حقائق ومراحل يجب وضع كل تلك المراحل بالحسبان للمحافظة على البيئة وهي تشكل تحدي بيئي! ليس هناك تقنية نظيفة بالمعنى الحرفي، هذا ضرب من الأكذوبة العلمية والإعلامية والاقتصادية.
هل العالم لديه بنية تحتية كافية للتخلص من مخلفات الطاقة المتجددة النظيفة بعد انتهاء عمرها الافتراضي؟ وهل تمتلك الدول معايير مشتركة لتقليل التأثير البيئي؟ لماذا دولة كألمانيا تترك وتتخلص من تروبينات الهواء بعد انتهاء عمرها في الأماكن المفتوحة! وماذا عن بقية مخلفات المنظومة من أخوات الطاقة المتجددة؟ كل له حكاية.
وليس من المعقول أن تحد وتحجم من التداعيات السلبية لإنتاج الطاقة غير المتجددة وهذا أمر مطلوب في حين تدعم الطاقة المتجددة بشكل كامل دون معايير وتقيد لأضرارها على البيئة.
أو حتى النظر باستباقية للحد من تفاقم بعض المشاكل كإعادة تدوير التقنيات الصديقة للبيئة والمعادن ونحوه. وهنا يطرح تساؤل هل العالم لديه المعرفة الكافية لإعادة تدوير المعادن بأنواعها المختلفة؟ وهل يتم التحكم بفصل المعادن الأكثر سمية وضررا على الإنسان؟
لكن عودا لبداية القصة قبل انتهاء العمر الافتراضي، الطلب على المعادن النادرة الليثيوم، الكوبالت.. إلخ يرتفع ويزداد بشكل متواصل غير مسبوق، فالخارطة الجغرافية لتوزيع تلك المعادن محدودة.
مضمار سباق الاستثمار على أشده دول غنية غربية وشرقية ودول نامية تمتلك بعضها ودول فقيرة تمتلك المعادن ولا تمتلك القدرات ودول صناعية ستصبح متحكمة بمصادر المعادن النادرة التي تعتمد عليها الطاقة النظيفة كما يطلقون عليها كالصين أكبر الدول امتلاكا لها كما تحصل على استثمارات في عدد من الدول النامية لاستخراجها.
ما لا تراه بعينك من أضرار بيئية لا يعني أنه غير موجود.
فتغيب تكاليف تلوث المياه والتربة تحت ضغوط الطاقة البديلة يتم تجاهل الآثار السلبية لتكاليف التلوّث مثلا مياه الصرف غير المعالجة تتسرب إلى التربة مليئة بالسموم كالزئبق أو العناصر المشعة المتبقية، مع أن من المفترض أن صحة الإنسان والمحافظة على الموارد الطبيعية لا تتجزأ.
ولا ننسى الرغبة الأساسية بتخفيض كلفة الإنتاج لدى الشركات التي ستلتزم بوجود الرقيب وتتغافل بغيابه أو تستوطن الدول والمناطق التي يغيب فيها تطبيق الاشتراطات البيئية فتزيد من تضرر أجزاء وأماكن معينة بعنصرية بيئية.
تستخرج المعادن النادرة وتستنزف الموارد الطبيعية وتتلاشى الجغرافيا الطبيعية للعديد من المناطق، وتتعرض لاختلال التوازن البيئي وكثيرا ما تضر صحة الإنسان بسبب التلوث وتسرب السموم للمياه والتربة وتستنزف الموارد وتتسب بشح المياه فكثير من المعادن تحتاج لكميات كبيرة من المياه لاستخراجها كالنحاس، وتتراجع الأراضي الزراعية أمام التعدين وقلة المياه الجوفية ويتقلص الغطاء النباتي وتزداد ظاهرة التصحر امتدادا.
التناقض والمغالطة أن تبحث عن الحلول المبتورة وليست المبتكرة! وتنقل نصف الحقائق وتختار أن تعمى بصيرتك عن النصف الآخر (ليس هناك أشد عمى ممن لا يريد أن يرى).
عوامل تشكيل ذلك المستقبل سيدفع فاتورته وارتفاع قيمته الإنسان.
وكل ذلك يدق ويطحن ويشحن لأصقاع الأرض وفق تصالح المصالح وتعارضها. فما هي نصف حقائق ما يوصف بصديق للبيئة بمسميات عديدة: طاقة نظيفة، خضراء، مستدامة... إلخ؟
ما هو التعريف لكلمة صديق البيئة؟ وما هي كيفية الاستدامة وضوابطها؟ ومن يحدد مقياس الطاقة النظيفة؟
الحقيقة من يحدد المصطلحات والمدلولات هم السياسيون والاقتصاديون والمنتفعون أينما كانت مصالحهم حتى البيئيين! وإن كان الغوص في تفاصيل بحر البحث عن الإجابات ودراستها يسهم في فهم أوسع وقد يظهر منه حلول لمشاكل قائمة.
مدلولات تحل مشكلة بمشكلة أخرى أو تغمض عن جانب بجانب، وتحلم وتتخيل وتذر الرماد في العيون.
وليس المغزى الوقوف مع أطراف الصراع البيئي وخطوطه السياسية وآفاق الطاقة وأمنها، بل الهدف من الطرح تسليط الضوء على ما يغيب عن الأعين (أسمع جعجعة ولا أرى طحنا).
ليس هناك حل سحري لكوكب الأرض! فمثلا مسمى الطاقة النظيفة يصف جانبا يتعلق مجمله بإنتاج الكربون فقط؛ فمثلا يتم التركيز على قطاع السيارات ودعم استبدالها بالسيارات الكهربائية وتوفير مميزات كمساعي الاتحاد الأوروبي تختلف من دولة لأخرى كتوفير مواقف مجانية والإعفاء الضريبي... إلخ.
لكن ماذا عن قيود تلوث الهواء والانبعاثات في الدولة المنتجة والمصنعة لتلك السيارات والبطاريات؟ ماذا عن الطائرات والسفن والنقل والشحن التجاري بكافة أنواعه؟ وماذا عن قطاع الشحن البحري والصيد التجاري؟ أليس كلها منظومة متكاملة تأثر على البيئة؟
وفي الجانب الآخر نصف الحقيقة المغيبة للطاقة النظيفة وكل ما يتعلق بها من بداية القصة من الموارد والمعادن النادرة للتصنيع والتركيب والتخلص من النفايات والمخلفات وهي حقائق ومراحل يجب وضع كل تلك المراحل بالحسبان للمحافظة على البيئة وهي تشكل تحدي بيئي! ليس هناك تقنية نظيفة بالمعنى الحرفي، هذا ضرب من الأكذوبة العلمية والإعلامية والاقتصادية.
هل العالم لديه بنية تحتية كافية للتخلص من مخلفات الطاقة المتجددة النظيفة بعد انتهاء عمرها الافتراضي؟ وهل تمتلك الدول معايير مشتركة لتقليل التأثير البيئي؟ لماذا دولة كألمانيا تترك وتتخلص من تروبينات الهواء بعد انتهاء عمرها في الأماكن المفتوحة! وماذا عن بقية مخلفات المنظومة من أخوات الطاقة المتجددة؟ كل له حكاية.
وليس من المعقول أن تحد وتحجم من التداعيات السلبية لإنتاج الطاقة غير المتجددة وهذا أمر مطلوب في حين تدعم الطاقة المتجددة بشكل كامل دون معايير وتقيد لأضرارها على البيئة.
أو حتى النظر باستباقية للحد من تفاقم بعض المشاكل كإعادة تدوير التقنيات الصديقة للبيئة والمعادن ونحوه. وهنا يطرح تساؤل هل العالم لديه المعرفة الكافية لإعادة تدوير المعادن بأنواعها المختلفة؟ وهل يتم التحكم بفصل المعادن الأكثر سمية وضررا على الإنسان؟
لكن عودا لبداية القصة قبل انتهاء العمر الافتراضي، الطلب على المعادن النادرة الليثيوم، الكوبالت.. إلخ يرتفع ويزداد بشكل متواصل غير مسبوق، فالخارطة الجغرافية لتوزيع تلك المعادن محدودة.
مضمار سباق الاستثمار على أشده دول غنية غربية وشرقية ودول نامية تمتلك بعضها ودول فقيرة تمتلك المعادن ولا تمتلك القدرات ودول صناعية ستصبح متحكمة بمصادر المعادن النادرة التي تعتمد عليها الطاقة النظيفة كما يطلقون عليها كالصين أكبر الدول امتلاكا لها كما تحصل على استثمارات في عدد من الدول النامية لاستخراجها.
ما لا تراه بعينك من أضرار بيئية لا يعني أنه غير موجود.
فتغيب تكاليف تلوث المياه والتربة تحت ضغوط الطاقة البديلة يتم تجاهل الآثار السلبية لتكاليف التلوّث مثلا مياه الصرف غير المعالجة تتسرب إلى التربة مليئة بالسموم كالزئبق أو العناصر المشعة المتبقية، مع أن من المفترض أن صحة الإنسان والمحافظة على الموارد الطبيعية لا تتجزأ.
ولا ننسى الرغبة الأساسية بتخفيض كلفة الإنتاج لدى الشركات التي ستلتزم بوجود الرقيب وتتغافل بغيابه أو تستوطن الدول والمناطق التي يغيب فيها تطبيق الاشتراطات البيئية فتزيد من تضرر أجزاء وأماكن معينة بعنصرية بيئية.
تستخرج المعادن النادرة وتستنزف الموارد الطبيعية وتتلاشى الجغرافيا الطبيعية للعديد من المناطق، وتتعرض لاختلال التوازن البيئي وكثيرا ما تضر صحة الإنسان بسبب التلوث وتسرب السموم للمياه والتربة وتستنزف الموارد وتتسب بشح المياه فكثير من المعادن تحتاج لكميات كبيرة من المياه لاستخراجها كالنحاس، وتتراجع الأراضي الزراعية أمام التعدين وقلة المياه الجوفية ويتقلص الغطاء النباتي وتزداد ظاهرة التصحر امتدادا.
التناقض والمغالطة أن تبحث عن الحلول المبتورة وليست المبتكرة! وتنقل نصف الحقائق وتختار أن تعمى بصيرتك عن النصف الآخر (ليس هناك أشد عمى ممن لا يريد أن يرى).
عوامل تشكيل ذلك المستقبل سيدفع فاتورته وارتفاع قيمته الإنسان.