عادل الحميدان

دعوة للضحك

الثلاثاء - 18 يناير 2022

Tue - 18 Jan 2022

في الإعلام الغربي ومنذ وقت مبكر ساهمت زلات الساسة وتناقضاتهم وحتى أزيائهم وطريقة نطقهم للكلمات في صناعة نجوم ومشاهير سواء على صعيد البرامج أو المقدمين.

هذه الكوميديا الحقيقية وجدت قبولا بغض النظر عن هوية السياسي محل التشريح أو (الشرشحة)، فضلا عن كونها وسيلة لتغيير صورة نمطية عن المتجهمين المشتغلين بالسياسة ومعاركها.

في عالمنا العربي، وإن كان الوضع مختلفا نتيجة لطبيعة العلاقة بين الإعلام والسياسة في الدولة الواحدة في الغالب، فإن مثل هذه البرامج تظهر في حالة الخلاف مع الخارج كوسيلة من وسائل الهجوم أو الدفاع مع وجود رادع أخلاقي مفترض يمنع السخرية من عاهة أو عيب خلقي.

ثمة اختلاف جوهري آخر بيننا وبين الغرب في هذا المجال، وهو أن المعلق ومعه الضيوف وقبلهم جيش من المعدين والفنيين يعملون لساعات لإظهار خطأ في طريقة نطق كلمة، أو لاستدعاء حديث سابق مناقض لتصريح حديث.

في حين أن الوضع لدينا لا يتطلب أي جهد يذكر لإظهار الخلل، وقد لا يتطلب الموضوع برمته وجود معلقين أو محللين، فالمتحدث هو ذات الشخص والصوت واضح والكلمات مفهومة، وما على المتلقي سوى إبداء أقل قدر ممكن من التركيز.

الحالة مع بعض العرب أو المحسوبين على العرب تتجاوز تباين مواقف، أو زلات ألسن، أو حتى تغيير معتقد سياسي، فالوضع أشبه بحالة مرضية يصعب وصفها، تتمثل في متلازمة الكذب المتواصل مع معرفة الكاذب أن الجميع يعلم أنه يكذب، وأن هناك من هذا الجميع من يكذب على الكاذب الأصلي بادعائه أن الجميع المكذب يكذبون لأنهم كذبوه!

لعل أوضح نماذج على ما تقدم وإن كانت أسوأ أحاديث يمكن عرضها لشرح هذه المتلازمة تظهر في تصريحات تجار السياسة والسلاح والمخدرات في تلك الجمهورية الشقيقة بدءا من قادة ميليشيات ضاحية البؤس مرورا بتجار المواقف ومخلفات نصف قرن من الفوضى والاقتتال.

قد يعتب البعض لعدم وجود رد رسمي أو حتى مجتمعي على ما يردده هؤلاء في منحنى تصاعدي ملحوظ، لكن القافلة التي تسير لم تعد تواجه النباح المعتاد، بل أصبحت تمر بجوار فرقة سيرك، تكتفي بعد مشاهدتها بابتسامة ثم تواصل مسيرها حيث تريد.

بالنسبة للمشاهد فإن الخطوة الأخيرة في أحاديث هؤلاء المثيرة للسخرية تتمثل في تغيير القناة أو إغلاق المتصفح في انتظار كوميديا جديدة، أما بالنسبة للمتحدث فما عليه سوى إرسال (منيح هيك) لوكيل الولي الفقيه حتى يتمكن على الأقل من العودة إلى منزله بأمان.

@Unitedadel