محمد عبدالله القرني

فلسفة الإعلام بين الماضي والحاضر

الثلاثاء - 18 يناير 2022

Tue - 18 Jan 2022

لا شك أن لكل علم أسسا يستند عليها، والإعلام والاتصال ليس باستثناء من ذلك، ولكن مع تقدم التكنولوجيا والتطور السريع الذي طرأ على الإعلام والاتصال وظهور وسائل التواصل الاجتماعي هل تغيرت الفلسفات الإعلامية القديمة وجددت أم لا زالت الحكومات ووسائل الإعلام المختلفة مستمرة في سياساتها، حسنا.. دعونا ننظر إلى الإعلام العالمي والصحافة في الوقت الراهن، وخصوصا في العالم الغربي الأكثر «ليبرالية» حسب زعمهم والأكثر حرية صحفية، هل لا زالت كذلك أم أنها تحولت لنظريات حارس البوابة؟ وهي إذا ما عرفناها بكلمة نعني بها «الرقابة» سواء بدراية منهم أو دون دراية.

قد يستغرب البعض من ذلك كون الدول الغربية عرفت عنها حرية الصحافة إلا أننا بدأنا نلحظ وفي السنوات الأخيرة قمعا ممنهجا للآراء المحافظة والأدلة على ذلك القمع كثيرة، إذا ما أخذنا ما حصل من تضييق على ترمب وأنصاره في الانتخابات الأخيرة، والشواهد على تلك الممارسات أصبحت أكثر وضوحا وعلى سبيل المثال لا يستطيع أي صحفي محافظ نشر آراء في الصحف الليبرالية تخص المثليين والمتحولين وغيرهم من الشواذ من القواعد البشرية، بل على النقيض أصبحت تلك الصحف تروج لتلك الأفكار بكل قوة ودون الأخذ بعين الاعتبار للآراء والأفكار الأخرى، هذا ما يخص الإعلام الرسمي.

وإذا ما ذهبنا إلى الإعلام الجديد فمعظم الوسائل هي تحت أيدي تلك الجماعات مدعي الليبرالية ويمارسون ما يمارس في الإعلام الرسمي من دعم لا محدود للشواذ وقمع للآراء الأخرى عن طريق نظريات حراس البوابة الذين أصبحوا أكثر اشمئزازا من أولئك الحراس السابقين؛ لذلك يمكننا القول بأن الإعلام المحافظ المتبني لنظرية المسؤولية الاجتماعية أصبح أكثر حرية من الإعلام الليبرالي وأن الإعلام الليبرالي أصبح رقابيا دون مسؤولية اجتماعية، ذلك ما كشفته لنا السنون والوسائل الجديدة، هذا ما يخص النظريات في الإعلام الغربي.وعلى الجانب الآخر وفي الشرق أصبحت النظرية السلطوية أكثر ضعفا من السابق بحكم الانفتاح العالمي والضخ الإعلامي الكبير؛ لذلك أصبحت سيطرة السلطة على الإعلام أشبه بالمهمة المستحيلة، وبما أن تلك النظرية أشبه بالمستحيلة يمكننا القول بأن النظرية الاشتراكية المنتشرة في الصين وروسيا سابقا أصبحت رسميا مستحيلة، لذلك اتجهت الدولتان للنظرية التنموية وهي عبارة عن هامش حرية يصب في المصلحة العليا للدولة.

ختاما علينا التوضيح للمخدوعين بالحرية المطلقة للإعلام أنه لا يوجد ولن يوجد لا في التاريخ القديم ولا الجديد؛ لأنه وبكل بساطة الإعلام الموجه دون هدف يراد الوصول إليه أو تأثير يرجا تحقيقه على العقول ليس بإعلام، وأن كل مادة يتم نشرها لابد وأنها تتماشى مع فلسفة وسياسة الوسيلة الناشرة.

@m_a_algarni509