كيف نبني جسور التعاون الثقافي والإعلامي بين السعودية والعراق؟
الأحد - 16 يناير 2022
Sun - 16 Jan 2022
تضرب العلاقات السعودية العراقية في شتى المجالات بجذورها في أعماق التاريخ، وعلى مدى التاريخ ترى المملكة العراق عمقا استراتيجيا لها، وتربط أمنها بأمن العراق ضمن وحدة عربية، حيث تشهد العلاقات بين البلدين الشقيقين انطلاقة جديدة تسير نحو أوجه تعاون بناءة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والمجتمعية.
لعل درب زبيدة الذي بناه الرشيد بين بغداد ومكة طريقا للحج، - وكان يبدأ من الكوفة حتى مكة المكرمة -، يُعد من أهم طرق الحج والتجارة خلال العصر الإسلامي، وقد اشتهر باسم (درب زبيدة) نسبة إلى السيدة زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور زوجة الخليفة هارون الرشيد، التي أسهمت في عمارته فكان أن خلد ذكرها على مر العصور.
كان درب زبيدة من الطرق التجارية قبل الإسلام، وازدادت أهميته مع بزوغ فجر الإسلام، وبلغ ذروة ازدهاره في عصر الخلافة العباسية الأول، حيث أنشئت عليه المحطات والاستراحات، وتم تزويدها بالآبار والبرك والسدود والقصور والدور والخدمات المتنوعة، ونفذ مسار الطريق بطريقة علمية وهندسية فريدة، حيث رصفت أرضيته بالحجارة في المناطق الرملية، مع وجود علامات ومواقد توضع مساء على طريق زبيدة، وذلك ليهتدي بها المسافرون.
حاليا تشهد العلاقات (السعودية-العراقية) تطورا كبيرا في مختلف المجالات؛ الأمر الذي يمثل انطلاقة نحو عهد جديد بما يعود بالنفع على المصالح البلدين المشتركة، وكانت المملكة دائما الداعم الأول لكل ما يحقق للعراق نماءه وأمنه، وحرصها على تقوية العلاقات بين البلدين، وتأكيدها على أنها معنية باستقرار وسيادة العراق وعودته لعمقه العربي ومكانته في المجتمع الدولي.
وهناك العديد من الاتفاقيات التعاون المشترك، ومن أهم المشاريع التي شهدتها الفترة السابقة افتتاح منفذ (جديدة-عرعر) الحدودي الرابط بين السعودية والعراق، في خطوة وصفها مسؤولو البلدين بالتاريخية، والتي تفتح آفاقا واسعة لتنمية الاقتصاد والتجارة والاستثمار. على أهمية توسيع آفاق التعاون الثنائي وتعزيزها بما يخدم مصالح البلدين والشعبين في المجالات المختلفة، ولا سيما السياسية والأمنية والثقافية والاجتماعية والتجارية والاستثمارية والسياحية، والبناء على ما سبق وأن تحقق من نتائج إيجابية في الزيارات المتبادلة بين البلدين، وجدد الطرفان الدعوات للشركات للاستثمار المشترك من خلال إتاحة الفرص الواعدة بمختلف المجالات.
هذا وقد دعمت المملكة جهود ومشاريع إعادة إعمار العراق، وتواصل الوفاء بالتزاماتها التي قدمتها خلال مشاركتها في مؤتمر المانحين في الكويت في العام 2018، مما يؤكد أن المملكة لم تتوان يوما عن الوقوف إلى جانب العراق في مختلف الظروف.
من ناحية أخرى تشهد العلاقات السعودية-العراقية قوة ورسوخا كبيرين، عكسته مبادرات القيادتين لتعزيز العلاقات الثنائية، وحرصت المملكة على السير قدما في الانفتاح على العراق بعد عقود طويلة من الانكفاء، هذا وقد تم زيادة الملحقيات التجارية بين البلدين، كما تم إنشاء صندوق استثماري ما بين بغداد والرياض لضمان فرص استثمارية أكبر بين البلدين، هذا ويقدم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز هدية متمثلة بالمدينة الرياضية التي تنشئها المملكة على أرض شقيقتها العراق، كما أن هنالك تقدما كبيرا في ملف الربط الكهربائي بين البلدين، والزيارات المتبادلة مستمرة بين الوفود السعودية والعراقية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف نبني جسور التعاون بين المملكة والعراق؟ أعتقد أنه يجب عقد شراكة إعلامية مع الإعلاميين السعوديين والعراقيين لترويج مشروع (جسر الثقافة السعودية العراقية) من خلال تعميق الحوار حول مشاريع مشتركة نحن بحاجة لترويجها وفتح آفاق الحوار الاقتصادي بين البلدين بالدرجة الأساس باعتماد كادر متخصص مقبول وفاهم نمط الحوار والأهداف، كما يجب شرح استراتيجية سمو ولي العهد المنفتحة على العراق ومساعدتها في المشاريع المشتركة وماذا ستُدر على البلدين، كمشروع الربط الكهربائي بشبكة تمتد من المملكة للعراق، والمشروع المشترك للبتروكيمياويات؛ حيث إنه بلاشك أن العراق في أمس الحاجة إليه حاليا، كما هناك حاجة ملحة لإجراء الحوار حول البنية المجتمعية الواحدة، وإغناء الحوار حول موضوعات يتم إعدادها مسبقا وتبث بوسائل الإعلام السعودية العراقية، كما يجب أن يتم التأكيد على أن هناك سوء فهم وقلة معلومات تعيق نوايا المملكة الطيبة بشقيقتها العراق، ونحتاج جميعا إلى حوار مستمر واختيار موضوعات تروج هنا وهناك.
ختاما.. تجدر الإشارة إلى أن دولة كإيران مثلا تدعم 70 محطة إعلامية في مجلس مشترك بينها وبين العراق بغرض الغزو الفكري والثقافي والإعلامي مع إثارة التشيع وإذكاء روح الفتن ضد المملكة بصفة خاصة ودول الخليج بصفة عامة.
وهذا العمل يحتاج من البلدين عملا دؤوبا للحوار والقيام بإعداد موضوعات تبث من الوسائل الإعلامية بالمملكة تمهد للقيام بآمال وطموحات التي تسبق الحوارات الاقتصادية والسياسية والمجتمعية. مما يتطلب عقد جلسات حوارية تمهيدية في العاصمة الرياض بين الطرفين للتمهيد لهذا العمل الكبير بإذن الله.
saadelsbeai@
لعل درب زبيدة الذي بناه الرشيد بين بغداد ومكة طريقا للحج، - وكان يبدأ من الكوفة حتى مكة المكرمة -، يُعد من أهم طرق الحج والتجارة خلال العصر الإسلامي، وقد اشتهر باسم (درب زبيدة) نسبة إلى السيدة زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور زوجة الخليفة هارون الرشيد، التي أسهمت في عمارته فكان أن خلد ذكرها على مر العصور.
كان درب زبيدة من الطرق التجارية قبل الإسلام، وازدادت أهميته مع بزوغ فجر الإسلام، وبلغ ذروة ازدهاره في عصر الخلافة العباسية الأول، حيث أنشئت عليه المحطات والاستراحات، وتم تزويدها بالآبار والبرك والسدود والقصور والدور والخدمات المتنوعة، ونفذ مسار الطريق بطريقة علمية وهندسية فريدة، حيث رصفت أرضيته بالحجارة في المناطق الرملية، مع وجود علامات ومواقد توضع مساء على طريق زبيدة، وذلك ليهتدي بها المسافرون.
حاليا تشهد العلاقات (السعودية-العراقية) تطورا كبيرا في مختلف المجالات؛ الأمر الذي يمثل انطلاقة نحو عهد جديد بما يعود بالنفع على المصالح البلدين المشتركة، وكانت المملكة دائما الداعم الأول لكل ما يحقق للعراق نماءه وأمنه، وحرصها على تقوية العلاقات بين البلدين، وتأكيدها على أنها معنية باستقرار وسيادة العراق وعودته لعمقه العربي ومكانته في المجتمع الدولي.
وهناك العديد من الاتفاقيات التعاون المشترك، ومن أهم المشاريع التي شهدتها الفترة السابقة افتتاح منفذ (جديدة-عرعر) الحدودي الرابط بين السعودية والعراق، في خطوة وصفها مسؤولو البلدين بالتاريخية، والتي تفتح آفاقا واسعة لتنمية الاقتصاد والتجارة والاستثمار. على أهمية توسيع آفاق التعاون الثنائي وتعزيزها بما يخدم مصالح البلدين والشعبين في المجالات المختلفة، ولا سيما السياسية والأمنية والثقافية والاجتماعية والتجارية والاستثمارية والسياحية، والبناء على ما سبق وأن تحقق من نتائج إيجابية في الزيارات المتبادلة بين البلدين، وجدد الطرفان الدعوات للشركات للاستثمار المشترك من خلال إتاحة الفرص الواعدة بمختلف المجالات.
هذا وقد دعمت المملكة جهود ومشاريع إعادة إعمار العراق، وتواصل الوفاء بالتزاماتها التي قدمتها خلال مشاركتها في مؤتمر المانحين في الكويت في العام 2018، مما يؤكد أن المملكة لم تتوان يوما عن الوقوف إلى جانب العراق في مختلف الظروف.
من ناحية أخرى تشهد العلاقات السعودية-العراقية قوة ورسوخا كبيرين، عكسته مبادرات القيادتين لتعزيز العلاقات الثنائية، وحرصت المملكة على السير قدما في الانفتاح على العراق بعد عقود طويلة من الانكفاء، هذا وقد تم زيادة الملحقيات التجارية بين البلدين، كما تم إنشاء صندوق استثماري ما بين بغداد والرياض لضمان فرص استثمارية أكبر بين البلدين، هذا ويقدم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز هدية متمثلة بالمدينة الرياضية التي تنشئها المملكة على أرض شقيقتها العراق، كما أن هنالك تقدما كبيرا في ملف الربط الكهربائي بين البلدين، والزيارات المتبادلة مستمرة بين الوفود السعودية والعراقية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف نبني جسور التعاون بين المملكة والعراق؟ أعتقد أنه يجب عقد شراكة إعلامية مع الإعلاميين السعوديين والعراقيين لترويج مشروع (جسر الثقافة السعودية العراقية) من خلال تعميق الحوار حول مشاريع مشتركة نحن بحاجة لترويجها وفتح آفاق الحوار الاقتصادي بين البلدين بالدرجة الأساس باعتماد كادر متخصص مقبول وفاهم نمط الحوار والأهداف، كما يجب شرح استراتيجية سمو ولي العهد المنفتحة على العراق ومساعدتها في المشاريع المشتركة وماذا ستُدر على البلدين، كمشروع الربط الكهربائي بشبكة تمتد من المملكة للعراق، والمشروع المشترك للبتروكيمياويات؛ حيث إنه بلاشك أن العراق في أمس الحاجة إليه حاليا، كما هناك حاجة ملحة لإجراء الحوار حول البنية المجتمعية الواحدة، وإغناء الحوار حول موضوعات يتم إعدادها مسبقا وتبث بوسائل الإعلام السعودية العراقية، كما يجب أن يتم التأكيد على أن هناك سوء فهم وقلة معلومات تعيق نوايا المملكة الطيبة بشقيقتها العراق، ونحتاج جميعا إلى حوار مستمر واختيار موضوعات تروج هنا وهناك.
ختاما.. تجدر الإشارة إلى أن دولة كإيران مثلا تدعم 70 محطة إعلامية في مجلس مشترك بينها وبين العراق بغرض الغزو الفكري والثقافي والإعلامي مع إثارة التشيع وإذكاء روح الفتن ضد المملكة بصفة خاصة ودول الخليج بصفة عامة.
وهذا العمل يحتاج من البلدين عملا دؤوبا للحوار والقيام بإعداد موضوعات تبث من الوسائل الإعلامية بالمملكة تمهد للقيام بآمال وطموحات التي تسبق الحوارات الاقتصادية والسياسية والمجتمعية. مما يتطلب عقد جلسات حوارية تمهيدية في العاصمة الرياض بين الطرفين للتمهيد لهذا العمل الكبير بإذن الله.
saadelsbeai@