مفلح زابن القحطاني

حول إعلام النزاهة.. مرة أخرى

الأحد - 07 أغسطس 2016

Sun - 07 Aug 2016

المعروف أن وسائل الإعلام (المقروءة والمسموعة والمرئية وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي) تمثل السلطة الرابعة وهي – كما يرى الباحثون في شؤون الإعلام – تشكل سلطة اجتماعية قوية وذات تأثير عال وتعبر عن ما يريد المجتمع وتحرص على مصالحه الوطنية، وهكذا ينبغي أن تكون، وبذلك تقع عليها مسؤولية كبرى في تكريس الوعي ونشره والعمل على تحقيقه ونشر ثقافة النزاهة والعمل والإخلاص والعطاء ومكافحة الفساد بمختلف أنواعه (الاجتماعي، والأخلاقي، والإداري، والمالي، والعلمي إلخ) والتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة (الفساد).



وفي سبيل تحقيق هذه الغاية النبيلة التي ينبغي أن تكرس وسائل الإعلام جهودها فيها يجب أن تتحلى بالموضوعية والصدق وحس الوطنية والمسؤولية لتنمي ثقافة النزاهة والعمل والعطاء والإنتاج وترصد وتكشف وتتابع أية مخالفات أوممارسات فاسدة أو تتعارض مع المبادئ السليمة ومبادئ النزاهة، وكل ذلك ينبغي أن يكون بعيدا عن أساليب التشهير والتحيز والمبالغة والإثارة.



ولا يخفى علينا القدرة التأثيرية لوسائل الإعلام على المجتمع وإسهامها في توجيه الرأي بشكل واضح وتأطير الأنساق الاجتماعية، وبالتالي هذا يعطيها أهمية خاصة في قدرتها على تكريس الوعي ونشره والتصدي للفساد بمختلف أشكاله وأنواعه، ومحاربة هذه الظاهرة الخطيرة كون الإعلام يتوجه مباشرة لجميع أفراد المجتمع ويشكل عامل تأثير وتوجيه قويا.



وتتجسد رسالة الإعلام في هذا الاتجاه – كما يرى الباحثون في هذا الشأن – عبر عدد من الوسائل من أهمها نشر الوعي الإداري والأخلاقي بين أفراد المجتمع بالتعاون مع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والعمل على تكريس مبادئ العطاء والإخلاص والإنتاج والحرص على المصلحة العامة وتقديمها على المصلحة الخاصة والعمل بمنهج مؤسسي وتنظيم حملات توعية للرأي العام لدعم مكافحة الفساد وتكريس الوعي ونشر الدراسات المتخصصة المتعلقة بهذه الظاهرة وتسليط الضوء على مشكلات الأجهزة الحكومية بطريقة موضوعية ومتزنة تسعى إلى الإصلاح والتحسين والتطوير لا لمجرد النقد والتشهير.



وكذلك كشف معوقات تحسين الأداء المؤسسي الحكومي، والعمل على متابعة الندوات والمؤتمرات ذات العلاقة بموضوع الوعي الإداري والفساد والممارسات الوظيفية على اختلافها واختلاف مؤسساتها ونشر التقارير عنها وإعطائها أهمية خاصة، ومتابعة الإجراءات الحكومية الخاصة بتكريس الوعي الإداري ومحاربة الفساد، والعمل على نشر تجارب الدول الأخرى التي نجحت في الحد من هذه الظاهرة ومحاولة تسليط الضوء عليها وعلى الوعي الاجتماعي وثقافة العمل لديها وتوعية المجتمع بأهمية تحقيق الإصلاح الإداري والحاجة للإصلاح وبيان ضرورة تكاتف الجميع للوصول إلى الإصلاح الإداري المنشود بعيدا عن الإثارة الإعلامية التي تذهب بأهداف العمل الإعلامي وكذلك الشفافية في كشف كل ممارسات الإدارات وبيان مواطن التقصير وإيلاؤها الأهمية الكافية بوضعها على سلم أولوياتها واaعتبارها من الأهداف الأساسية للإعلام، وهذا الأمر يتطلب – كما يرى عدد من الدراسات - استخدام طرق ووسائل جديدة ومؤثرة اجتماعيا تعمل على تكريس الوعي الاجتماعي والوظيفي وتسهم في محاربة الفساد ومتابعة قضايا الفساد.



وبالنظر إلى ما سبق تبدو الفجوة بين الجانب النظري لعلاقة الإعلام بمفاهيم النزاهة ومكافحة الفساد والممارسات الإعلامية كبيرة جدا، وتبقى الوسائل والأدوات التي يمكن أن يعتمد عليها الإعلام في هذا السياق متعددة وذات جدوى ولكن إعلامنا لم يفد منها، ولذا تبقى جهوده في هذا الجانب دون المستوى.



[email protected]