كيف نتعلم قيادة الدراجة من دون دراجة؟
مكاشفات
مكاشفات
الأحد - 07 أغسطس 2016
Sun - 07 Aug 2016
تخيل أنك رجل ثري جدا، وترغب في أن يتعلم ابنك قيادة الدراجة، ولكنك لا تريده أن يصاب خلال تعلمه قيادتها.
لذلك، قررت أن تجلب أفضل العقول لتعليمه، فأتيت ببطل العالم في سباق الدراجات، وأتيت بأحد الفائزين بجائزة نوبل في الفيزياء حتى يعلمه كيف تتم عملية قيادة الدراجة من الناحية الفيزيائية. واشترطت عليهم شرطا واحدا: يجب أن تتم عملية التعليم دون أن يركب ابنك الدراجة، وأن لا يركبها أبدا إلا بعد أن يكون قادرا على قيادتها دون أن يسقط. بعد سنوات من التدريب على يد أفضل من يعرفون كيف تعمل الدراجة، قرر الفريق أن ابنك جاهز الآن لركوبها.
ركب ابنك الدراجة لأول مرة في حياته، وبعد أقل من خمس ثوان ودون أن يتحرك للأمام أكثر من نصف متر، سقط بها على الأرض. من البديهي لنا جميعا أن نتوقع سقوط الابن من الدراجة، فقيادتها لا يمكن تعلمها إلا بالممارسة، ولا يمكن لأي كتاب أو مدرب أو محاضرة أن تنقل المعرفة التي نحتاجها لقيادة الدراجة دون أن نمارس ركوبها بأنفسنا.
هذا النوع من المعرفة يسمى المعرفة الضمنية Tacit Knowledge. وهي المعرفة التي لا يمكن نقلها من خلال الكتب أو المحاضرات، بل تكتسب فقط من خلال الممارسة كالسباحة والعزف الموسيقي وقيادة السيارة.. وتقابلها المعرفة الظاهرة Explicit Knowledge، وهي المعرفة القابلة للانتقال دون ممارسة، كمعرفة قوانين الفيزياء أو الرياضيات أو معرفة الحقائق كالتاريخ والجغرافيا وحتى المعلومات التقنية.. ليس من الصعب أن نكتسب المعرفة المتعلقة بكيفية طيران الطائرة من الناحية الفيزيائية، أو معرفة محتوى محركها والقياس المطلوب لجناحيها، فهذه معرفة ظاهرة يمكن اكتسابها من خلال بضعة كتب، ولكن المعرفة المطلوبة لصناعة الطائرة بشكل فعلي من الصعب اكتسابها إلا بالممارسة، لأن جزءا كبيرا من المعرفة المطلوبة لصناعة الطائرة هو معرفة ضمنية.
لم يتوقع أي منا أن ينجح الأب الثري في تعليم ابنه قيادة الدراجة دون ممارسة، وكان من البديهي أن يسقط ابنه مع أول ركوب لها. ولكن رغم بداهة هذا الأمر، فإن كثيرا من ممارساتنا الاقتصادية تشبه ما قام به الأب مع ابنه. في سلسلة المقالات القادمة، سأسرد تأثير هذا النوع من المعرفة في النمو الاقتصادي، وعلاقته بسوق العمل والتعليم والإنتاجية.
[email protected]
لذلك، قررت أن تجلب أفضل العقول لتعليمه، فأتيت ببطل العالم في سباق الدراجات، وأتيت بأحد الفائزين بجائزة نوبل في الفيزياء حتى يعلمه كيف تتم عملية قيادة الدراجة من الناحية الفيزيائية. واشترطت عليهم شرطا واحدا: يجب أن تتم عملية التعليم دون أن يركب ابنك الدراجة، وأن لا يركبها أبدا إلا بعد أن يكون قادرا على قيادتها دون أن يسقط. بعد سنوات من التدريب على يد أفضل من يعرفون كيف تعمل الدراجة، قرر الفريق أن ابنك جاهز الآن لركوبها.
ركب ابنك الدراجة لأول مرة في حياته، وبعد أقل من خمس ثوان ودون أن يتحرك للأمام أكثر من نصف متر، سقط بها على الأرض. من البديهي لنا جميعا أن نتوقع سقوط الابن من الدراجة، فقيادتها لا يمكن تعلمها إلا بالممارسة، ولا يمكن لأي كتاب أو مدرب أو محاضرة أن تنقل المعرفة التي نحتاجها لقيادة الدراجة دون أن نمارس ركوبها بأنفسنا.
هذا النوع من المعرفة يسمى المعرفة الضمنية Tacit Knowledge. وهي المعرفة التي لا يمكن نقلها من خلال الكتب أو المحاضرات، بل تكتسب فقط من خلال الممارسة كالسباحة والعزف الموسيقي وقيادة السيارة.. وتقابلها المعرفة الظاهرة Explicit Knowledge، وهي المعرفة القابلة للانتقال دون ممارسة، كمعرفة قوانين الفيزياء أو الرياضيات أو معرفة الحقائق كالتاريخ والجغرافيا وحتى المعلومات التقنية.. ليس من الصعب أن نكتسب المعرفة المتعلقة بكيفية طيران الطائرة من الناحية الفيزيائية، أو معرفة محتوى محركها والقياس المطلوب لجناحيها، فهذه معرفة ظاهرة يمكن اكتسابها من خلال بضعة كتب، ولكن المعرفة المطلوبة لصناعة الطائرة بشكل فعلي من الصعب اكتسابها إلا بالممارسة، لأن جزءا كبيرا من المعرفة المطلوبة لصناعة الطائرة هو معرفة ضمنية.
لم يتوقع أي منا أن ينجح الأب الثري في تعليم ابنه قيادة الدراجة دون ممارسة، وكان من البديهي أن يسقط ابنه مع أول ركوب لها. ولكن رغم بداهة هذا الأمر، فإن كثيرا من ممارساتنا الاقتصادية تشبه ما قام به الأب مع ابنه. في سلسلة المقالات القادمة، سأسرد تأثير هذا النوع من المعرفة في النمو الاقتصادي، وعلاقته بسوق العمل والتعليم والإنتاجية.
[email protected]