ياسر عمر سندي

النجاح والنباح وجهان لعدة عملات

الأربعاء - 05 يناير 2022

Wed - 05 Jan 2022

كل عام والجميع بخير بمناسبة دخول 2022 ونحن بأمن وأمان واطمئنان واستشراف للنجاح والفلاح.

فلسفلة النجاح لا يتقنها سوى من تميز بعدد من الإمكانات جعلته ذا شغف عظيم وقلب حليم وطبع رحيم وسلوك قويم هذه الأربع مقومات تدعم العقلية التي تسعى إلى كسب الربح المستدام؛ ولا أعني بذلك الانتهاز الدائم والاستغلال المتعاظم؛ بل أقصد تعزيز فلسفة الفكر الرابح للمواقف والأشخاص من منطلق مبدأ العلاقات الإيجابية المتبادلة أي جميعنا رابحون أو على الأقل لا يوجد خاسر بيننا، وإن كان ولا بد فخسارة المواقف مقدمة على خسارة الأشخاص لديمومة الصلات واستمرار العلاقات، وهذا بحد ذاته يعتبر النضج بفكرة الربح والعمق بفلسفة النجاح.

النجاح ليس مختزلا في التقدم العلمي أو الترقي العملي فقط؛ لكنه حالة استشعار عامة تنظر إلى ما وراء ذلك بكثير، فالناجح سلوكيا وأخلاقيا يعي معنى الآية الكريمة «إلا من أتى الله بقلبٍ سليم» ليسهل عليه تجاوز الصعاب وما يعترضه من منغصات نفسية ومجتمعية؛ وهذا ما يسمى بالذكاء العاطفي.

النجاح يرتبط بطريقة التفكير الإيجابي وهنالك علاقة طردية ومستدامة بينهما أي كلما زاد التفكير المتعمق ارتفع معه معدل الإنجاز وأقصد بذلك كيفية إعمال العقل بذكاء وبحسن تصرف للوصول إلى الهدف، وهنالك الكثير من المؤثرين الناجحين لم يبلغوا أهدافهم حتى أعادوا التفكير مرارا وتكرارا من حيث الفهم والإدراك واكتساب الخبرات لتذليل العقبات، والأهم من ذلك كله هو الثقة بالله أولا ومن ثم الثقة بالنفس.

في رأيي النفسي والمعرفي أن الناجح يمضي مثل القافلة المحملة بالبضائع الثمينة والتي يعترض مسيرتها سلوكيات مخلوقات ضالة ينتابها خلل نفسي تنبح بردود أفعال غير منضبطة وإسقاطات سلبية لفظية وفعلية وإيمائية تحاول أن تعرقل طريق القافلة؛ والتركيز على المشهدين للناجح والنابح يعكس ما وراء خبايا النفس؛ وأجد أن هنالك علاقة بين من يتقن فلسفة النجاح وبين من يتفنن في آلية النباح، فالأخير يعمد إلى قذف النكات والسخريات والتهكمات ومن خلال الهمز والغمز واللمز لإعاقة وإحباط الأول.

الناجح يتمتع غالبا بتوافق نفسي واتفاق مجتمعي ويبحث وراء ما يرضيه من خلال سعيه الدؤوب لأهدافه التي صاغها في خياله ليجتهد في تحقيقها؛ الأمر الذي أعطاه الدافع النفسي الكامن مع وجود الحافز البيئي المتزامن من الإيجابية؛ ويسعى لتطويع كل ما يعترضه فيحوله لصالحه بسبب تبنيه لفلسفة النجاح المسيطرة على تفكيره والتي ترفع من معنوياته الشعورية واللاشعورية وتجعله في صحة نفسية وهمة معنوية مرتفعة.

ربما ينتاب الناجح شيء من الكدر والضجر جراء عقبات الحياة وهذا أمر طبيعي فكبوة الجواد تجعله يركز فيما يصادفه من حواجز ليتخطاها؛ لكنه لا يلبث ذلك طويلا ليعود الناجح إلى فكرة الوعي الذاتي التي تقوده للإيمان والصبر.

النابح يتبنى الانتقاد اللاذع للقريب والبعيد وهب نفسه لتحطيم الناجحين في حياتهم والبارزين بمجتمعاتهم، وأفسّر سلوكياتهم إما بسبب التربية المشوهة من زيادة القسوة أو فرط الدلال؛ ثانيا فساد القلب وسواده بسبب الحقد والحسد وتمني زوال النعم.

الشخصية النابحة قد تجد المقومات التي تمتلكها الشخصية الناجحة ماديا ومعنويا؛ ولكن سيطرة الفشل السلوكي وفقد التناغم التواصلي يجعلهم في خانة ما يسمى بالشخصية السايكوباتية psychopathic personality أي المضادة للمجتمع.

فلسفة النجاح مهارة وفن تساعد على الاندماج وآلية النباح سلوك لا يتعدى الإزعاج.

همسة إلى كل ناجح.. الحياة مليئة بالفرص الذهبية لتكسبها وتتخطى الركب؛ ضع نفسك في مقدمة القافلة ولا تلتفت لنباحهم؛ فلن يلتقطوا سوى سقط المتاع.

@Yos123Omar