رائد محمد المالكي

هبّة تأسيس الجمعيات الأهلية

الاثنين - 03 يناير 2022

Mon - 03 Jan 2022

تؤسس الجمعيات الأهلية لأغراض تنموية متعددة منها مناصرة بعض القضايا المجتمعية المتعلقة بالطفل أو المرأة أو البيئة أو القيم والفضيلة أو لنشر ثقافة أو دعم مجتمع مهني معين، ويعتبر تأسيس الجمعية مشاركة أهلية عبارة عن مبادرة يقوم بها مجموعة من الأشخاص عن طريق رفع طلب لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية عبر موقعها ومن ثم إكمال خطوات التسجيل رقميا حتى تصدر موافقة معالي الوزير على تأسيس الجمعية الأهلية، لينطلق بعد ذلك فريق التأسيس لإكمال باقي المعاملات البنكية والسجل التجاري واشتراك الغرفة التجارية والتأمينات والبريد والمقر والموقع الالكتروني وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي.. ربما أنها رحلة شاقة!! «مالك بالطويلة» على قولة الصديق مالك الروقي في برنامجه الشهير.

أعترف لك عزيزي القارئ أن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تقدم بالفعل تسهيلات غير مسبوقة في تأسيس الجمعيات الأهلية وهذه التسهيلات استثمرها كثير من راغبي المشاركة المجتمعية وقاموا بتأسيس جمعياتهم الأهلية.. ولكن!! وقعت بعض المشاكل التي لم يتوقعها في الغالب فريق التأسيس لأسباب.. من خلال قراءة ومشاركة للميدان التنموي استنتجت بعض الأسباب التي جعلت سهولة إجراءات التأسيس مشكلة بدلا أن تكون حافزا لدى البعض وأكرر لك كلمة (لدى البعض)، وهذا لا يعني أني مستاء من التسهيلات، بل سعيد جدا بها، ولكن لنتعلم من الأخطاء بهدف التطوير والتجويد حتى نقدم عملا تنمويا يرتقي لأن نصدره للعالم بعد أن بدأ مركز الملك سلمان الإغاثي بإعطاء تراخيص العمل في الخارج لبعض الجمعيات.

أولا: عدم فهم واقع العمل التنموي، فيظن فريق تأسيس الجمعية أن رحلة عملهم ستكون مفروشة بالورد وهذه مشكلة كبيرة بأن يكون ربان السفينة غير مدرك بالعقبات التي ستواجهه في رحلته مما يجعله يصاب بالإحباط وينتج عنه إحباطه أو انسحاب الفريق المؤسس ثم ينتهي بهم المطاف للإغلاق.

ثانيا: سياسة البطل الواحد، حيث يكون صاحب الفكرة أو من قام على إجراءات التأسيس هو البطل الوحيد الذي يقوم بكل الأدوار إما لتكاسل بقية الفريق (وهذه مشكلة يمكن حلها) أو لأنه يرى أن هذه الجمعية محسوبة ضمن ممتلكاته الخاصة (هذه مشكلة شبه مستحيلة الحل).

ثالثا: خبرة الفريق المؤسس وتنوع ممارساته، وهذه من المشاكل التي لاحظتها في بعض الجمعيات الناشئة، حيث يكون فريق العمل بالكامل ممن لم يعملوا في القطاع غير الربحي ولا يملكون الحد الأدنى من معرفة طبيعة عمل هذا القطاع.

رابعا: علاقات الفريق المؤسس، وهنا لا أعتقد أن المنظمة غير الربحية تنجح بدون علاقات وثيقة مع أصحاب الأموال والتعامل معهم كمانحين وشركاء نجاح مهمين، وقد يتحجج البعض أن لا أحد يدفع وأقول ردا عليهم بالفعل لا أحد يدفع المال لمنظمة لا تعرف صناعة برامجها وتقديمها بالشكل الذي يجذب لها المانحين.

خامسا: تصميم البرامج، وهذه مشكلة كبيرة جدا فهي الوحيدة التي لا يمكن أن أغض الطرف عنها؛ لأن من غير الممكن أن تستمر جمعية بالعمل وهي لا تعرف كيف تصنع برامجها التنموية، ولذلك نجد الجمعيات المفلسة تقوم بعمل لقاءات ومحاضرات فقط كنشاط رئيسي لها دون أن يكون لها تواجد حقيقي للمساهمة في تحقيق أهدافها.

تلك خمسة كاملة.. وهناك بعض المشاكل الفنية التي يفتعلها فريق العمل بحسن نية ظنا منه أن يحسن الصنع كالعمل على الخطة الاستراتيجية في أول سنة تأسيس أو تصميم برامج مليونية التكلفة، حيث يجب أن يدرك فريق العمل المؤسس للجمعية أن أول سنة هي سنة تأسيس واستقرار وعمل دؤوب للوصول بالجمعية لبر الأمان، إضافة لزيادة أعضاء الجمعية العمومية وترويج العضويات وبناء الهوية الإعلامية، وكذلك العمل على مبادرات صغيرة يختبر بها الفريق المؤسس جاهزيته، والبحث عن فريق تنفيذي متطوع ورسم هيكل تنظيمي مصغر وبسيط يحفظ ويؤطر علاقة العمل داخل الجمعية، أما الانشغال بالأمور الكبيرة في سنة أولى تأسيس هو انتحار وحرق للطاقة.

@raed_arn