عبدالله العولقي

حول الحوثيين وإيران

الأحد - 02 يناير 2022

Sun - 02 Jan 2022

عندما خسر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب الانتخابات الأخيرة، تنفس الإيرانيون الصعداء، وتوهموا أن الرئيس القادم أخف وطئا عليهم من سابقه، لا سيما أنه في السابق كان يشغل منصب نائب الرئيس إبان العهد الأوبامي، تلك الفترة الرئاسية المفضلة لملالي طهران، بيد أن السنة الأولى من حكم الرئيس بايدن قد أبانت أنه لا يختلف كثيرا عن سابقه!!

المتأمل للإعلام الإيراني خلال السنوات الأخيرة، سيجده لا ينفك عن تذكار العالم والعرب بسقوط أربع عواصم تحت قبضته الطائفية كنتاج لمشروع التصدير الثوري، وهذه النظرة المفرطة في المثالية لا تتوافق مع حقيقة النظام في الداخل الإيراني، فنظرة فاحصة لطبيعة أوضاعه المحلية ستعكس صورة مغايرة عن تلك المثالية الزائفة، فيكفي أن ثلاثة أرباع الإيرانيين يصنفون اقتصاديا تحت خط الفقر العالمي، ويعانون من آلام الجهل والجوع والتخلف، وهذا بحد ذاته يعتبر فشلا في إعطاء المنطقة نموذجا ناجحا وملهما يعد قابلا للتصدير!!

المدرسة الزيدية التي ينتمي لها الحوثيون في اليمن، ظلت لعقود طويلة وهي ترتهن لأسس فقهية تقليدية تتقاطع مع المذهب السني في أغلب دوائره وقضاياه، بينما تتقاطع مع المذهب الشيعي في نطاقات ضيقة، ولهذا كان يصف البعض منتميها بأنهم سنة الشيعة وشيعة السنة، ومن الجدير بالذكر القول بأن أعلاما برزوا من أعماق الزيدية ولم تنكر المدرسة السلفية السنية جهودهم في تطوير الفقه الإسلامي، بل إنها اعتبرت مخرجاتهم العلمية ومصنفاتهم كمراجع رسمية تلقن في المدارس والجامعات، ومن أبرزهم الإمام محمد بن علي الشوكاني والأمير الصنعاني، وكان آخرهم الشيخ محمد بن إسماعيل العمراني، بيد أن واقع السنوات الأخيرة في اليمن، ينذر عن انقلاب فكري وفقهي يقوده الحوثيون في تدمير أسس هذه المدرسة التاريخية ولا يختلف في خطره عن الانقلاب العسكري الذي اقترفوه في عام 2015م، ولا شك أن الارتماء الحوثي بهذه الصورة المخزية في أحضان نظرية الولي الفقيه الخمينية وراء هذا الانقلاب الفقهي الجسيم، فالحوثية اليوم هي نتاج تحورات عقدية خطيرة أصابت جوهر ولب الزيدية وأبعدتها كثيرا عن هويتها التقليدية المعتدلة، بل وحورتها إلى نسخة خمينية متطرفة تتباعد مع مرور الوقت عن أسسها التقليدية وعقيدتها التاريخية.

في الأيام الأخيرة، وصلت مفاوضات فيينا إلى جولتها الثامنة، ولا زالت المكابرة الإيرانية هي عنوان تلك المفاوضات، ويأتي هذا النهج الإيراني في سبيل كسب العامل الزمني للوصول إلى القدرة الكاملة في تصنيع السلاح النووي، وهذا ما دعا أبرز خبراء الأمن والطاقة الأمريكيين إلى توجيه رسالة تحذيرية إلى الرئيس بايدن بخصوص برنامج طهران النووي، فقد طالبوه بإظهار العمل العسكري كآلة ردع ضد إيران، لاسيما أن زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 20% تحمل دلالة صارخة بأن طهران لا تسعى إلى الطاقة السلمية بقدر ما تهدف للوصول إلى امتلاك السلاح النووي المدمر!!

وفي الختام، هل يفعلها الرئيس الذي فرح الإيرانيون غباء بانتصاره في الانتخابات الأخيرة ويوجه الضربة القاصمة لهم ولحلفائهم في المنطقة، وينهي إرهاب وخرافة الولي الفقيه عن المنطقة، كل شيء وارد في عالم اليوم.

@albakry1814