بسام فتيني

كُلنا نتغير

الأحد - 02 يناير 2022

Sun - 02 Jan 2022

ولأن التغيير سُنة هذا الكون، فلا يظل الإنسان على حاله طوال مراحل حياته، بل يتشكل ويتكون وينضج شيئا فشيئا خلال رحلته في هذه الحياة الدُنيا؛ لذلك قد تقف أحيانا أمام المرآة وتتأمل ملامح وجهك وتقول والله وكبرنا!

لاسيما إن بدت بعضُ تجاعيد السنين تتكون شاهدة على ما مر بك في رحلتك التي لم تتوقف منذ ولادتك، ويعتقد البعض أن عُمر الإنسان يحسب بعدد السنوات التي عاشها بعد ولادته، وهذا في ظني غير دقيق!

فحين يكتبون جوار اسمك العُمر50 عاما مثلا، فهذا يعني عدد سنوات وجودك على كوكب الأرض، أما العُمر الحقيقي للإنسان فهو ما يكون بتجارب الحياة وتجاوز عقباتها وصعوباتها،! ولو كانت الأعمار تُحسب بما يمر به الإنسان لكنت الآن كهلا في التسعين من عمري.!

لذلك على الإنسان أن يعيش ويتعايش مع جميع مراحل حياته، فما أجمل أن تتلذذ بطفولتك وألعابك وأحلامك الصغيرة، ثم تكبر قليلا وتبدأ في اكتشاف بوادر بلوغك مراحل الرجولة فيخشن صوتك ويُخط شنبك ثم تبدأ عوامل التعرية تغزوك، فيبدأ الشيب أو الصلع ومع ذلك لا تخجل منهما!

هذه هي مراحل الحياة وعلينا أن نعيشها بكل جمالها وتفاصيلها دون أن نصاب بهوس الشباب الدائم فلكل مرحلة جمالها ومميزاتها، لذلك أستغرب حين يسارع البعض لصبغ شعراته البيضاء أو زراعة صلعته اللماعة خوفا من آثار السنين، وكأنه يريد أن يعيش زمانه وزمان غيره ويستحوذ على كل الأزمان؛ لذلك أخطر الكائنات الحية (في ظني) هو المتقاعد المتصابي الذي يصبغ شنبه كل يوم ثلاثاء عند حلاقه التركي ثم يذهب للمول ويتحول لبرج مراقبة يرصد بنظراته خطوات كل السيدات بل وحتى الفتيات التي في عُمر حفيداته ويعتقد أنه (دنجوان) عصره، ولا يعلم أحيانا أن منظره يموّت ضحك ومكشوف أمام هذا الجيل الذكي جدا والمحظوظ جدا جدا، وبمناسبة الحديث عن التطور والذكاء، دعوني أقول لكم إن الذكي هو من يعلم أنه غبي لو حاول الاستذكاء!

وفي الختام انتبه عزيزي الشاب فكُلنا نتغير؛ لذلك احرص على أن تتغير للأفضل، وكلما تقدم بك العمر احرص كثيرا على أن تكون قدوة يشار لها بالبنان حتى لا ينتهي بك الحال كصاحبنا متسكع المولات المذكور أعلاه، الحياة حلوة عيشوها حتى في المُرة.

BASSAM_FATINY@