مسميات نظيفة لا تعكس الواقع
الأحد - 02 يناير 2022
Sun - 02 Jan 2022
الدوافع الاقتصادية سيدة هذا العالم وهي جزء رئيس لتشكيل الحروب والنزاعات والسياسات والقضايا والقيم والحريات! وكل ما حولنا وما كان وما سيكون من مجريات عالمية الاقتصاد محرك لها وتضارب المصالح الاقتصادية جزء من (الحدوتة) الأممية.
العالم يتلاعب دوما بالمفردات كان وما زال ليحقق منافعه ويسمى المسميات وفق ما يدعم تجارته. الموضوعية جزء من الخيال حتى الأبحاث والأوساط العلمية تخضع لمن يمولها، حتى القوانين تخضع لسطوة الاقتصاد والعائدات وتصبح المحرمات مباحات!
مثلا السماح بتشريع الماريجوانا واستخدامها ليس لأغراض علاجية كما تفعل بعض الدول بل لغرض الترفيه! وتشرع تدخينه فزاد المستثمرون فيه والعائدات الاقتصادية، كما هي الحال في عدد من الولايات الأمريكية منها: كاليفورنيا، نيفادا، وكولورادو.
يسمح شراء وتعاطي الحشيش بكل حرية مع وضعهم قيود على الكمية المرخصة للنقل، علما أن دراساتهم تقول إن أعداد الحوادث المرورية ارتفع بعد تشريعه! لا بأس في سبيل الاقتصاد ربما ستراه يباع ويكتب عليه «قد سيارتك بعد تناوله بخمس ساعات وإلا ستعرض حياتك والآخرين للخطر»!
ما أود قوله بالعالم مسميات وحقوق وشعارات رنانة: طاقة نظيفة، تعدين مستدام، تحت إطار الاتفاقيات والتشريع.. إلخ مسميات تجمل ولكنها ليست دقيقة أو حقيقية وعملية بل تستطيع أن تقول إنها لعبة شطرنج.
صحة الإنسان وحياته هي حجر أساس المحافظة على البيئة وقد تسبب الإنسان بالتعمير والتدمير على حد سواء وبالعديد من الكوارث والخراب وأحال مناطق عديدة غير صالحة للسكن لعقود. ومنها كوارث المنافع السلمية المولدة من الطاقة النووية، ولا أتحدث عن قنابل الموت ومع أن اليابان كانت مسرحها مع ذلك سعت لتطوير قدرتها النووية السلمية وذاقت أحد أضرارها بحادث محطة فوكيشيما 2011 والمرئيات الفضائية التي نقلتها ناسا شاهدا على الدمار الذي لحق المنطقة؛ فقد تسبب زلزال التسونامي في فشل نظام التبريد للمحطة مما تسبب في انهيار عدد من المفاعلات وأدى إلى تلوث إشعاعي وإخلاء سكان المنطقة، وتعرض 170 عامل إنقاذ لمستوى عال من الإشعاع.
بعد 10 سنوات هل انتهت القصة؟ لا بالطبع مع أن السلطات تسعى لإعادة السكان وإظهار أن الأمور على ما يرام (فخفض حرارة الوقود النووي وإبقاء المفاعلات المنهارة باردة لجأ إلى سكب 170 طنا من المياه يوميا طوال الـ10 سنوات الماضية).
مياه التبريد الملوثة مخزنة وما زالت تحتفظ بمواد مشعة كالتريتيوم رغم معالجتها، لكن المياه تتسرب لعدم كفاية السعة التخزينية فتقرر في 2021 أن يبدأ التخلص التدريجي منها في المحيط لمدة 30 عاما بعد تخفيفها كحل أقل كلفة من حلول أخرى كالخزن لمدة 120 عاما.
وطبعا الصيادون المحليون يرفضون ذلك إثر الضرر الذي ينتظرهم، وعلى صعيد الدول تعارض الصين وكوريا الجنوبية ومنظمات بيئية كالسلام الأخضر هذه الحلول في حين تقر الوكالة الدولية الذرية وأمريكا هذا الحل؛ فالضرر للمياه البحرية غير مهم! ولا تعتقد أن اليابان وبعد كل هذا تنوي التخفيف من نشاطها النووي، بل تقود هذا المجال هي وفرنسا وغيرهم.
الطاقة النووية النظيفة ومخاطرها المريعة التي لا يتم التحدث عنها بصورة كافية بل يروج لها وتسمع نظيفة أكثر من أي شيء فهي لا تطلق الكربون، لكن ماذا عن نفاياتها؟ علما بأنها ليست متجددة، وسلبيات التعرض لكميات طفيفة من المواد الإشعاعية قد يسبب السرطان.
لنرجع للوراء في السبعينيات إثر الحرب مع إسرائيل وخيار دول المصدرة للنفط وارتفاع سعره أدت إلى وضع مشكلة الطاقة كمركز اهتمام، ثم بدأت تتعاظم حمى تشييد المفاعلات مع أن تكلفة تشيدها مرتفعة جدا وطويلة الأمد، ونفاياتها المشعة كانت ترمى في البحر وتلوثه وتضر بالكائنات البحرية إلى تحريم إلقائها بالمحيط بعام 1993 وصارت تدفن في الأرض! وهذه الصورة الرسمية طبعا غير التجاوزات ممن يخالفون من الشركات التي تتخلص من النفايات منخفضة الإشعاع في المحيط.
كارثة محطة تشيرنوبيل النووية بأوكرانيا 1986 دوى صدى خطرها عاليا، فقللت دول الميزانيات المرصودة للطاقة النووية وخففت من توجهاتها كألمانيا وأمريكا.
كما لحق القطاع النووي كثير من الفتور لعظم التحديات والتأثيرات والتكاليف؛ فكانت سياسة ألمانيا مع ميركل وقف وتفكيك المحطات النووية تدريجيا بسبب مخاطرها الجمة على البيئة وإغلاقها بشكل كامل بحلول 2022، على نقيض جارتها فرنسا بها ما يربو عن 50 محطة نووية وكلما زاد عدد المفاعلات زادت كمية النفايات المشعة التي تدفن وتخزن على عمق 500م تحت الأرض على حد قولهم، و70% من طاقتها معتمدة عليها وتسعى لتصدير قدراتها النووية والترويج لها.
بالعالم تسبب الاحتباس الحراري بفتح فرصة جديدة للطاقة النووية وتنشيطها؛ فمثلا بريطانيا 2006 أطلق بلير برنامج نووي لمواجهة الاحتباس الحراري، وبأمريكا في 2015 أعلن أوباما عن تشييد محطة نووية بعد توقف 3 عقود.
الزبدة: الواقع والحلول العادلة وهم لا وجود له والأصل المصالح، البيئة ضمن المضمار العالمي للسباق وجزء من تضارب المصالح، للأسف حتى المختصين يركزون على المناخ والبيئة ويقصون ويتناسون الأركان الأخرى المضرة بالبيئة.
لا يوجد نشاط بشري اقتصادي ليس له تأثير على البيئة بشكل مباشر أو غير مباشر الفكرة الحد من هذا التأثير لصالح صحة الإنسان والتنمية العادلة.
AlaLabani_1@
العالم يتلاعب دوما بالمفردات كان وما زال ليحقق منافعه ويسمى المسميات وفق ما يدعم تجارته. الموضوعية جزء من الخيال حتى الأبحاث والأوساط العلمية تخضع لمن يمولها، حتى القوانين تخضع لسطوة الاقتصاد والعائدات وتصبح المحرمات مباحات!
مثلا السماح بتشريع الماريجوانا واستخدامها ليس لأغراض علاجية كما تفعل بعض الدول بل لغرض الترفيه! وتشرع تدخينه فزاد المستثمرون فيه والعائدات الاقتصادية، كما هي الحال في عدد من الولايات الأمريكية منها: كاليفورنيا، نيفادا، وكولورادو.
يسمح شراء وتعاطي الحشيش بكل حرية مع وضعهم قيود على الكمية المرخصة للنقل، علما أن دراساتهم تقول إن أعداد الحوادث المرورية ارتفع بعد تشريعه! لا بأس في سبيل الاقتصاد ربما ستراه يباع ويكتب عليه «قد سيارتك بعد تناوله بخمس ساعات وإلا ستعرض حياتك والآخرين للخطر»!
ما أود قوله بالعالم مسميات وحقوق وشعارات رنانة: طاقة نظيفة، تعدين مستدام، تحت إطار الاتفاقيات والتشريع.. إلخ مسميات تجمل ولكنها ليست دقيقة أو حقيقية وعملية بل تستطيع أن تقول إنها لعبة شطرنج.
صحة الإنسان وحياته هي حجر أساس المحافظة على البيئة وقد تسبب الإنسان بالتعمير والتدمير على حد سواء وبالعديد من الكوارث والخراب وأحال مناطق عديدة غير صالحة للسكن لعقود. ومنها كوارث المنافع السلمية المولدة من الطاقة النووية، ولا أتحدث عن قنابل الموت ومع أن اليابان كانت مسرحها مع ذلك سعت لتطوير قدرتها النووية السلمية وذاقت أحد أضرارها بحادث محطة فوكيشيما 2011 والمرئيات الفضائية التي نقلتها ناسا شاهدا على الدمار الذي لحق المنطقة؛ فقد تسبب زلزال التسونامي في فشل نظام التبريد للمحطة مما تسبب في انهيار عدد من المفاعلات وأدى إلى تلوث إشعاعي وإخلاء سكان المنطقة، وتعرض 170 عامل إنقاذ لمستوى عال من الإشعاع.
بعد 10 سنوات هل انتهت القصة؟ لا بالطبع مع أن السلطات تسعى لإعادة السكان وإظهار أن الأمور على ما يرام (فخفض حرارة الوقود النووي وإبقاء المفاعلات المنهارة باردة لجأ إلى سكب 170 طنا من المياه يوميا طوال الـ10 سنوات الماضية).
مياه التبريد الملوثة مخزنة وما زالت تحتفظ بمواد مشعة كالتريتيوم رغم معالجتها، لكن المياه تتسرب لعدم كفاية السعة التخزينية فتقرر في 2021 أن يبدأ التخلص التدريجي منها في المحيط لمدة 30 عاما بعد تخفيفها كحل أقل كلفة من حلول أخرى كالخزن لمدة 120 عاما.
وطبعا الصيادون المحليون يرفضون ذلك إثر الضرر الذي ينتظرهم، وعلى صعيد الدول تعارض الصين وكوريا الجنوبية ومنظمات بيئية كالسلام الأخضر هذه الحلول في حين تقر الوكالة الدولية الذرية وأمريكا هذا الحل؛ فالضرر للمياه البحرية غير مهم! ولا تعتقد أن اليابان وبعد كل هذا تنوي التخفيف من نشاطها النووي، بل تقود هذا المجال هي وفرنسا وغيرهم.
الطاقة النووية النظيفة ومخاطرها المريعة التي لا يتم التحدث عنها بصورة كافية بل يروج لها وتسمع نظيفة أكثر من أي شيء فهي لا تطلق الكربون، لكن ماذا عن نفاياتها؟ علما بأنها ليست متجددة، وسلبيات التعرض لكميات طفيفة من المواد الإشعاعية قد يسبب السرطان.
لنرجع للوراء في السبعينيات إثر الحرب مع إسرائيل وخيار دول المصدرة للنفط وارتفاع سعره أدت إلى وضع مشكلة الطاقة كمركز اهتمام، ثم بدأت تتعاظم حمى تشييد المفاعلات مع أن تكلفة تشيدها مرتفعة جدا وطويلة الأمد، ونفاياتها المشعة كانت ترمى في البحر وتلوثه وتضر بالكائنات البحرية إلى تحريم إلقائها بالمحيط بعام 1993 وصارت تدفن في الأرض! وهذه الصورة الرسمية طبعا غير التجاوزات ممن يخالفون من الشركات التي تتخلص من النفايات منخفضة الإشعاع في المحيط.
كارثة محطة تشيرنوبيل النووية بأوكرانيا 1986 دوى صدى خطرها عاليا، فقللت دول الميزانيات المرصودة للطاقة النووية وخففت من توجهاتها كألمانيا وأمريكا.
كما لحق القطاع النووي كثير من الفتور لعظم التحديات والتأثيرات والتكاليف؛ فكانت سياسة ألمانيا مع ميركل وقف وتفكيك المحطات النووية تدريجيا بسبب مخاطرها الجمة على البيئة وإغلاقها بشكل كامل بحلول 2022، على نقيض جارتها فرنسا بها ما يربو عن 50 محطة نووية وكلما زاد عدد المفاعلات زادت كمية النفايات المشعة التي تدفن وتخزن على عمق 500م تحت الأرض على حد قولهم، و70% من طاقتها معتمدة عليها وتسعى لتصدير قدراتها النووية والترويج لها.
بالعالم تسبب الاحتباس الحراري بفتح فرصة جديدة للطاقة النووية وتنشيطها؛ فمثلا بريطانيا 2006 أطلق بلير برنامج نووي لمواجهة الاحتباس الحراري، وبأمريكا في 2015 أعلن أوباما عن تشييد محطة نووية بعد توقف 3 عقود.
الزبدة: الواقع والحلول العادلة وهم لا وجود له والأصل المصالح، البيئة ضمن المضمار العالمي للسباق وجزء من تضارب المصالح، للأسف حتى المختصين يركزون على المناخ والبيئة ويقصون ويتناسون الأركان الأخرى المضرة بالبيئة.
لا يوجد نشاط بشري اقتصادي ليس له تأثير على البيئة بشكل مباشر أو غير مباشر الفكرة الحد من هذا التأثير لصالح صحة الإنسان والتنمية العادلة.
AlaLabani_1@