منى سالم باخشوين

أنت حُر ولكن...

السبت - 06 أغسطس 2016

Sat - 06 Aug 2016

الخصوصية والحريات الشخصية بالتأكيد هي حقوق يجب أن تُحترم. هذا مبدأ مفروغ منه.



ولكن متى تعدت هذه الحريات الشخصية مصلحتك وتسببت في أي نوع ولو بسيط من الأذى لسواك فهي لم تعد تخصك وحدك ولا بد من أن تفعل شيئا لتغير من طريقتك في ممارسة حريتك الشخصية هذه لأنها تجاوزت الحدود الخاصة بك وأثرت على سواك. و«سواك» هذا يمكن أن يكون شخصا أو شيئا.



أنت حر أن تمشي في الشارع وتذهب حيثما تريد. ولكنك لست حرا أن تلقي بما يسيء لنظافة الشارع ولا أن تخرب أي شيء في هذا الشارع بأي شكل من الأشكال.



أنت حر بالتأكيد أن تذهب حيثما تريد من أماكن عامة ولكنك لست حرا عندما تذهب إلى هذه الأماكن وتنظر إلى سيدة مثلا هناك بشكل متكرر وتضايقها بنظراتك الفضولية.



وأنتِ حرة أن ترتدي ماتشائين ولكنك لست حرة أبدا في أن يخدش ما ترتدين الحياء العام أو أن يخالف طبيعة ما ترتدينه الأخريات في المكان الذي ترتادينه.



وأنت حر بالطبع في أن تقتني الجهاز الذكي كهاتف مثلا وتستخدمه كيف تشاء ولكنك لست حرا أبدا حينما تستخدمه بطريقة تتسبب من خلالها في إيذاء الآخرين حتى وإن كان هذا الأذى بدرجة بسيطة، أنت لا تعرف ما مدى الضرر الذي يأتي من وراء ما تظنه شيئا بسيطا. إن استخدمته لتتجسس به على سواك أو أن تنقل من خلاله ما يفضح سواك أو يسيء إليه فأنت حينها لست حرا في ذلك.



وإن كنت زوجا واستخدمت هاتفك الذكي هذا بطريقة تدخل الشك إلى قلب زوجتك، فحريتك الشخصية تصبح مصدرا لقلقها وأذاها ولو أن ما تسميه حريتك الشخصية كان شيئا لا تخجل منه لما أصبح لديك هذا الإصرار على إخفاء كل ما يحتويه هذا الجهاز. ولو أنها هي من أصر على إخفاء كل ذلك عنك والحرص الشديد على عدم إتاحة أية فرصة لك لتتعدى تلك الخصوصية لشعرت أنت بالتأكيد بالقلق ولأقض الشك راحتك.



هذه ليست دعوة ليفتش كل فرد في الأسرة الأجهزة الذكية الخاصة بأفراد أسرته، ولكنها دعوة لنضع أنفسنا مكان الآخر ونفكر كما يفكر لبعض الوقت.



ما يزعجك سيزعجه وما يقلقك سيقلقه ولا دخل لذلك بكون المرأة «ناقصة عقل ودين» واستغلال هذا الفهم الخاطئ ليُمارس ضدها «استغفالها» ويستغل فيها قلة حيلتها أحيانا واستسلامها للتغاضي كثيرا وطويلا عن نزوات زوج لا يتوقف كلما سنحت الفرصة ليمارس مراهقة لا تنتهي.



الأكرم له ولها أن يعيش حريته كاملة بعيدا عنها فلا يتسبب لها بضرر معنوي يتمثل في قلق وعدم شعور بالأمان و تهديد لثقتها بنفسها وكفايتها له. ولو أنها تتأكد أن المشكلة تكمن فيه هو وفي عدم اكتمال نضج عقله وعواطفه وعدم احترامه لدينه وأخلاقه لما شعرت بأن هناك ما ينتقص من ثقتها بنفسها شكلا ومضمونا.