لندن فى أدب الرحلات

تفاعل
تفاعل

السبت - 06 أغسطس 2016

Sat - 06 Aug 2016

أصبحت لندن وجهته السياحية كل عام، يوثق اللحظات أكثر مما يعيشها، أولاده وبناته يغيظون المغلوبين على حالهم بمشاهدهم السنابية وهي ترصد حراكهم اليومي هناك.



الأب الرحالة يرضيه هذا ويجعله يعيش حالة من الرضى كونه أصبح سائحا عربيا نخبويا مهجري الهوى والهوية!



أقرانه ما زالوا يعيشون الحياة ذاتها، فرحلات الصيف ليست مجدولة في روزنامتهم الحياتية وما زال الإيجار وأقساط السيارة تحتل جزءا واسعا من حراك أفكارهم ورؤاهم وتطلعاتهم. سقفهم السياحي لا يتخطى حدود الجغرافيا التي يعيشون فيها، ومنتهى سرفهم أن يحظوا بوجبة عشاء شاردة في مطعم يؤمه برجوازيو الناحية التي يعيشون فيها.



لكن ماذا عن الريفي اللندني الذي يذرع شوارع لندن الفسيحة ونواحيها كل عام... كيف وصل إلى هناك؟ وكيف أصبحت لندن مقصده السياحي كل عام؟



الجواب يكمن في دهائه وتحلله من القيود التي ما زالت تكبل الضعفاء أمثال أقرانه الطيبين السابقين واللاحقين.



الريفي اللندني يرسم مظهره بأحسن أدوات الحضور، فالملابس جديدة والساعة من أغلى الماركات، بل إن أحد الخبثاء سأله يوما ليحرجه ويثبت جهله لماركة ساعته الثمينة، فلم يعرف لصعوبة نطقه لاسمها الأعجمي الموغل في التفرنج والتغريب! حتى صوته أصبح يطلقه من طبقة موسيقية عالية تتناسب ووجاهته المظهرية الحالية وحساباته الصفرية في المصارف المحلية .



أما مخبره فهو كالعشوائيات في المدن التي اكتفت من التحضر والتنمية بواجهات الشوارع الرئيسية وأحيائها الراقية المنعزلة، فمساحة هذا المخبر العشوائي ضيقة ومحشورة بنتوءات السنين والخوف من القادم المجهول الذي ربما يعيده إلى نقطة صفرية كانت وما زالت تؤرقه وتبعثر عليه مشاعر النشوة وايفوريا النجاحات الموقتة .



وبعد أن يعود إلى ريفه وحيه يبدأ في سرد تفاصيل رحلته والمشاهير الذين قابلهم هناك، ثم لا ينسى أن يمارس شيئا من جلد الذات للبشر الذين ما زالوا عبئا على الحضارة الإنسانية وكيف أن الغرب ما كان له أن يكون لولا احترام الوقت وخصوصية الإنسان وحفظ المال العام! ويختم مشاهده الروائية بلزمته المعهودة: (في لندن رأيت إسلاما ولم أر مسلمين)... صلينا يا جماعة؟