فارس محمد عمر

لا غنى..

تفاعل
تفاعل

السبت - 06 أغسطس 2016

Sat - 06 Aug 2016

سيدتي.. هل علمت برجل في التاريخ كله، حتى الطاغية، لم يسكن إلى أنثى، ينشد عطفا وسلوى وتأييدا، علنا بينا أو سرا مؤجلا؟ كيفما نشأ، أيما صار وامتلأ، تستقرين فيه أعمق من ظنه وأصدق من اعترافه.



أنياب، قرقعات، زلازل، أشواك، ينساها بعودته إلى قلب قلعته وقلعة قلبه، إليك. يفلت من أثقال وأوحال إلى فضائه الرحب، إليك.



أنت ميلاده المتجدد وواحته التي يهوي إليها ويتغذى بوجودها وإن أنكر. مهما كتم وجنح وادعى، فسنده وجودك وصمودك وغيثك الذي لولاه ما مكث في صحرائه ساعة، وما تحول من هامش إلى جماعة. قطع جدب وصلف.. تقويه وتضعفك. جلاميد كذب وخرف.. ترفعه وتخفضك. أنت أم وقرينة وابنة وقريبة وكريمة وسيدة، إن جهل عليك واحد فأنت عزيزة غالية عند آحاد.



«أحبك» الموؤودة، إن طافت به لحظة، أو أفلتت منه مرة، لا تكفي. هو يحتاجك، يهرب إليك من كل شيء، حتى من عثراته. يلملم شخصيته منك ليجربها فيك. لا يحتمل غثاء ما اعتلاه من غيرك سوى بحرك. يساير وينافق، يخسر ويفشل، ثم يلقي جوارحه وأسلحته وأجراحه وإحباطه عندك وعليك.



مهما تباعد وهجر، فقوته وثقته وتجربته منك. كل غنيمة له تستدعي خيالك. ما نضج إلا بك، ما كان رجلا لولا كنز أنوثتك ومقبرة صمتك وصبرك. أنت الكف والكتف والحضن مهما تغافل وجحد ونسب كل شيء لنفسه، فما أكثر المرتفعين بجهود ونتاج وأفكار غيرهم.



عزيزتنا الأنثى. رفيقتنا أنت أيما كنت وكنا، ضالتنا ومنتهى خواطرنا وحرصنا. لا غنى عن الليل للنهار، عن الثمر للأزهار، عن الظل للأطيار. مهما تضخم حوت وافترس قرش وتمدد أخطبوط، فلا بقاء لهم بلا ماء. لا يكون طفل ولا رجل ولا حياة بلا أنثى، هذه هي الحقيقة الأزلية الراسخة الأولى مهما عمينا عنها.



فاعلمي، وستعلمين ولو بعد حين، ألا غنى عنك.. لا غنى..