سعد المطيري

التفنن بادعاء الأعمال الصالحة

السبت - 01 يناير 2022

Sat - 01 Jan 2022

الكثير من الناس يراؤون بالأفعال الحميدة ويتمظهرون بكل احتراف ويملؤون الآفاق بأعمال قد تبدو للوهلة الأولى أنها أعمال حميدة بينما هي مجرد أقاويل ضخمة لأفعال ضئيلة، يحدث هذا الأمر دون حياء أو خوف من تدقيق الآخرين.

وأكثر ما يجعل الأمر يبدو خطيرا إذا انطبقت هذه الحال على أصحاب المنابر الإعلامية أو المنصات الاجتماعية، بين باحث عن المال وبين باحث عن شهرة يبلغ بها الآفاق، وبين باحث عن أمجاد ذاتية، دون أي اهتمام في نشأة الجيل وتأثرهم بهذه الخدع الشيطانية ذات التأثير السلبي في تكوين الشخصية الحقيقية للإنسان.

هؤلاء مسؤولون عن تأثير الكلمة، ولن يستمر مسلسل التغطية لبعض الأخطاء وادعاء الكمال في نفوسهم دون السماح بالنقد متخذين بهذه الطريقة إخفاء العيوب الكبيرة وإبراز ما يمكن تسميته محاسنا -إن وجدت أصلا-، والحديث عن هذه الخدع هو محاولة تقليم الإذعان من قبل الناس لأن سيل الرسائل الدعائية الغزير قد يخلق مع عامل الوقت حقائق ثابتة لا يمكن المساس بها، وهذا العمل كما هو معروف جزء من البرمجيات العصبية اللغوية التي تستند على مجرد تكرار الشيء حتى يثبت لمجرد تكراره لا لمجرد حقيقته.

ينطبق هذا أيضا على ادعاء الاستقامة الذاتية والتقيا الدينية والنقاء الأخلاقي المزيف، متخذين بهذه الممارسات أسلوب المزايدة بالشكليات وليس بما يكون في القلب، وهو أسلوب يعتمد على صور الإبداع البلاغي وفن إجادة المراوغة والتلون حسب الموقف، ولعلي أذكر هنا قصة الرجل الذي وقف على باب المسجد وكان معه تمرة في يده وينادي لمرتادي المسجد: لقد وجدت هذه التمرة فهل هي لأحد منكم؟ فضربه عمر بدرته قائلا: «لو كانت أكبر من تمرة ما سألت عن صاحبها». هؤلاء المتمظهرون يهتمون بالشكل الخارجي وبالقشور التي تعطي الانطباع الأول فقط، وهنا تكمن خطورة الادعاءات الصالحة إذ إنها تعتمد اعتمادا كليا على المظهر الشكلي الخادع.

saad_almutire@