بندر الزهراني

فضيحة رئيس الجامعة بعد الاقتباس!

السبت - 01 يناير 2022

Sat - 01 Jan 2022

استقال بوب كاسلين رئيس جامعة ساوث كارولاينا من منصبه بعد فضيحة الاقتباس الخاطئ الذي وقع فيه، الاستقالة جاءت بعد أقل من عامين على تسلمه منصب رئاسة الجامعة، بوب وهو جنرال متقاعد من الجيش وكان رئيسا للأكاديمية العسكرية أخطأ في كلمته المكتوبة أمام الخريجين حينما استبدل جامعة ساوث كارولاينا بجامعة كاليفورنيا، ما أثار جدلا واسعا بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الأمر الذي دعاه إلى تقديم استقالته بعد خطابه بأشهر!

لا دخل لنا في استقالة بوب كاسلين التي ربما وراءها صراعات وتنافس أحزاب سياسية، أو ربما هناك رغبة حقيقية لدى أعضاء هيئة التدريس في وجود رئيس لجامعتهم بمميزات خاصة، وله على الأقل خلفية أكاديمية تمكنه من جلب داعمين ومانحين لجامعة عريقة كجامعة ساوث كارولاينا، خاصة أن بوب لا يحمل شهادة الدكتوراه، وأيضا لا دخل لنا في أحاديث بوب عن صعوبة الرئاسة في أجواء نقدية دقيقة وبيئة جامعية مثيرة للجدل، ولا حتى في كمية التنمر التي تعرض لها، ولكننا نتلمس في استقالته فوائد جمة على مستوى الإدارة الأكاديمية.

وبالرغم من خبرات بوب كاسلين الطويلة وسجله العسكري المليء بالإنجازات والبطولات والجوائز التقديرية، وبالرغم من أنه شارك في عاصفة الصحراء في حرب الخليج، وفي عملية دعم الديموقراطية في هاييتي، وشارك في حربي أفغانستان والعراق، وكان موجودا داخل البنتاغون أثناء استهدافه في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وبالرغم من أنه كان أحد مرشحي الرئيس دونالد ترمب لتولي منصب مستشار الأمن القومي بعد إقالة مايكل فلين، إلا أن كل هذا لم يشفع للرجل كي يستمر في عمله رئيسا للجامعة!

وقبل أن نغلق (سالفة) بوب، دعونا نحيي أعضاء هيئة التدريس الذين انتقدوه وتذمروا من خطابه، وبحثوا عن مصلحة الجامعة وجعلوها مصلحة عليا، بغض النظر عن دوافعهم الأخرى التي لا يخلو المشهد منها، ودعونا أيضا نحيي بوب كاسلين على شجاعته في تقديم الاستقالة، فهو لم يتشبث بالمنصب بالرغم من خلفيته العسكرية الصارمة والعنيدة، وأقر بخطئه البسيط وتحمل تبعاته، وما دام أن المنتصر في النهاية هي الجامعة فلا خسارة في صفوف المتنازعين.

بعض الجامعات -وأسفي- رئيسها لا يحسن الحديث، فضلا عن أن يخطئ في لفظ غير مقصود أو في جملة مقتبسة في خطاب التخرج أمام مئات الخريجين، والسبب في وجود مثل هذه العينات المخجلة: (1) أن اختيار المنصب القيادي الأهم في الجامعة لم يكن مبنيا على أسس صحيحة، وإنما جاء هكذا كيفما اتفق مع الترشيح والتوصيات الخاصة، (2) قصور الوعي بأهمية منصب رئيس الجامعة في رسم سياساتها العامة وإعداد خططها الاستراتيجية، (3) تقوقع الرئيس حول بؤر تصريف الأعمال الروتينية كدشّن ووقع، واستقبل وودع، وهلم جرا، (4) كرسي الرئيس دجاجة تبيض ذهبا ويجب المحافظة عليه بغض النظر عن أي شيء آخر.

تصوروا ماذا كان سيحدث لبوب كاسلين لو أن ظاهرة (تصور حياة وأشكاله) ظهرت في جامعة ساوث كارولاينا أثناء رئاسته لها؟! أو أن ميقان ميزرلي كانت تعني جامعة ساوث كارولاينا في مقالها (اقتباسات للبيع) ترى هل كانت هيئة التدريس ستصاب بالخرس! أو أن أعضاءها كانوا سيجاملون بوب على حساب سمعة ومكانة الجامعة! إطلاقا لا، لأن وجود القائد الأكاديمي الكفء لرئاسة الجامعة هي كلمة السر ومفتاح صندوق الكنز في كثير من النجاحات، ولذلك نجحت الجامعات الأمريكية حينما اعتنت بهذا الأمر عناية فائقة، وتخلف غيرها.

من يدري! لعله بعد هذه الزوبعة الإعلامية يبزغ نجم بوب كاسلين في الانتخابات الأمريكية القادمة! إن لم يكن رئيسا أو نائبا للرئيس فأحد أعضاء إدارة الرئيس الجديد! هل تذكرون عندما قلت لكم ذات مرة: إن استقالة رئيس الجامعة الاستثنائي نجدها مكتوبة (في جيبه) يقدمها أنى شعر بعجزه عن الإبداع والابتكار أو لم ينجح في تجسيد أفكاره وتنفيذها في الميدان! الجنرال بوب من هذا النوع!

drbmaz@