فيصل الشمري

فيينا والنظام في طهران

الاحد - 26 ديسمبر 2021

Sun - 26 Dec 2021

استؤنفت مفاوضات إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 في فيينا على الرغم من تصعيد الأنشطة غير الشرعية ذات طابع تصدير الثورة للنظام في إيران وحرسه الثوري في الشرق الأوسط. في وقت سابق من هذا الشهر، استولت القوات الإيرانية على ناقلة نفط في خليج عمان وأجرت تدريبات عسكرية شاملة، قامت بعروض عسكرية للصواريخ الباليستية وطائرات بدون طيار انتحارية مثل تلك المستخدمة في محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الحوثي حاول أن يهدد المدنيين مستخدما الطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية داخل اليمن وفي السعودية.

تفاخر محمد إسلامي، الرئيس الجديد لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، مؤخرا بأن إيران قد حصلت على مخزونات من اليورانيوم عالي التخصيب أكثر من ما ذكرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها ربع السنوي الأخير. من المؤكد أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي عين إسلاميا في المنصب على أساس أنه سوف يقوض الاتفاق النووي. إنه واحد فقط من بين العديد من المعينين الذين يجسدون الموقف المتشدد للقيادة الإيرانية الحالية الممثلة في رئيسي.

على مدار سنوات تواجدي في الولايات المتحدة الأمريكية شاهدت وسمعت أعضاء في الكونجرس الأمريكي ووسائل إعلام، يلقون على المسؤولين الإيرانيين الثناء على اعتدالهم فقط ليتم تغيرهم في وقت لاحق إلى متشددين يهددون المصالح الغربية وتقويض الأمن في الشرق الأوسط والعالمي، يتخذون سياسات القمع العنيف للشعب الإيراني، وصل لكثير من هؤلاء السياسيين والإعلاميين الذين في وقت من الأوقات كانوا يعتقدون في أن النظام الإيراني يستطيع أن يصلح وأن المعتدلين من السياسيين الإيرانيين سوف يستطيعون أن يكون لهم دور أكبر، تخلى معظم هؤلاء منذ فترة طويلة عن فكرة أن سلوك إيران سيتغير من خلال جهود مسؤوليها أو الجهود الدبلوماسية، وأدركوا أن مثل هذا التغيير لن يأتي بدون أن يسقط النظام بشكل كامل ليصعد بدلا عنه مجموعة مؤيدة للديمقراطية، آلية التواب في السلطة بين المتشددين والمعتدلين هي طريقة النظام المتطرف في البقاء بالسلطة عملية استهلاكية في نهاية المطاف، الحاكم الفعلي المرشد علي خامنئي ومجلس تشخيص النظام وآلة القمع الحرس الثوري.

في (يناير) 2018، هزت انتفاضة في إيران شملت أكثر من 100 مدينة وبلدة، وشارك ما يقرب من 200 بلدة في انتفاضة أخرى في نوفمبر 2019، قمع الحراك الشعبي والمتظاهرين من قبل «الإصلاحيين» و»المتشددين» إثبات أنهم وجهان لعملة واحدة. أجرى الشعب الإيراني مقاطعات انتخابية واسعة النطاق للتعبير عن استيائه من السياسيين بشقيها المعتدل والمتشدد المختارين بعناية مجلس تشخيص النظام وخامنئي، صوت أقل من 10% من الناخبين الإيرانيين المؤهلين بأصواتهم في الانتخابات وذلك مؤشر لرفض الشعب الإيراني المرشحين المدعومين والمختارين بعناية من قبل خامنئي، تجنب معظمهم العملية الصورية تماما بينما قدم البعض أوراق اقتراع باطلة عمدا. عكست المقاطعة نفس الرغبة في التغيير التي حددت الانتفاضات السابقة، لكنها كانت مدفوعة أكثر بالاعتراف بسجل المرشح الرئيس في انتهاك حقوق الإنسان وقمع المعارضة. كان لرئيسي دور في مذبحة 30 ألف سجين سياسي في عام 1988 وفي حملة قمع انتفاضة 2019 أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 1500 متظاهر سلمي.

مع ظهور الصراع الداخلي في إيران والحراك الشعبي ضد النظام في طهران، يتعين على المجتمع الدولي أن يكون مستعدا للانحياز إلى طرف الشعب. يتطلع الكثير من العالم إلى الولايات المتحدة لإظهار القيادة في هذا الصدد، يجب ألا تضيع الولايات المتحدة أي وقت لإظهار دعمها للشعب الإيراني الذي أظهر إرادته ضد النظام في انتفاضتي 2018 و2019، فضلا عن المقاطعات الانتخابية الأخيرة.

من الواضح أن تصرفات رئيسي السابقة تشكل أساسا لمزيد من العقوبات على إيران بشكل عام، وعليه بشكل خاص، قد تكون أيضا أسبابا للمقاضاة في المحكمة الجنائية الدولية، في حال أجرت الأمم المتحدة أخيرا تحقيقا في مذبحة عام 1988. الولايات المتحدة في وضع قوي لأخذ زمام المبادرة في كلتا القضيتين لوقف طموح إيران النووي. السياسات الحازمة من الخارج، والضغط المؤيد للديمقراطية من الداخل، هما الأمل الوحيد لانتزاع التغيير من الحكومة الإيرانية، يجب أن تكون الدول الغربية إلهام الشعب الإيراني لتغيير تلك الحكومة، بشكل نهائي، من الديكتاتورية إلى الديمقراطية.

التعامل مع النظام في طهران ليس من مصلحة النظام الدولي والسلم العالمي فلا جدوى من المفاوضات في فيينا ولا جدوى من محاولة تغير أو إصلاح النظام حتى لو انفتح على العالم لأن العقيدة والفلسفة لهذا النظام مبنية على تصدير وصناعة الثورات، مبنية أن النظام هو الحق البين وغيره ومعارضوه هم الباطل، هذا النظام يختزل الحق في نفسه فلا يستطيع أن يخرج من ذلك الإطار.

mr_alshammeri@