3 دول متورطة في معارك إثيوبيا

عسكر: طائرات مسيرة وراء انسحاب قوات تيجراي وتحول الدفة لصالح آبي أحمد مجلس حقوق الإنسان يشكل لجنة مستقلة للتحقيق في تجاوزات أطراف الصراع الحكومة الإثيوبية تدعي أن بعض القوى الدولية وعلى رأسها أمريكا تتآمر عليها تيجراي تخشى الإبادة وخبراء يتوقعون استمرار الحرب دون حسم وبلا منتصر 5 أسباب وراء الانسحاب المفاجئ أبرزها إحراج إثيوبيا أمام المجتمع الدولي
عسكر: طائرات مسيرة وراء انسحاب قوات تيجراي وتحول الدفة لصالح آبي أحمد مجلس حقوق الإنسان يشكل لجنة مستقلة للتحقيق في تجاوزات أطراف الصراع الحكومة الإثيوبية تدعي أن بعض القوى الدولية وعلى رأسها أمريكا تتآمر عليها تيجراي تخشى الإبادة وخبراء يتوقعون استمرار الحرب دون حسم وبلا منتصر 5 أسباب وراء الانسحاب المفاجئ أبرزها إحراج إثيوبيا أمام المجتمع الدولي

الخميس - 23 ديسمبر 2021

Thu - 23 Dec 2021

فضح باحث في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية تورط إيران وتركيا والصين في الحرب التي يشنها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على إقليم تيجراي، وأكد أن الطائرات المسيرة التي استعان بها الأخير من تلك الدول، أسهمت في قلب موازين المعركة الحربية لصالحه في الفترة الأخيرة.

وأعلنت جبهة تحرير تيجراي في الأيام الماضية انسحاب قواتها من مناطق الصراع في إقليمي عفر وأمهرة، وبدت علامات النصر لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الذي تعهد بتحرير بلاده وقمع عمليات التمرد، وعد مراقبون أن التغير الدراماتيكي في مسار الحرب سببه دخول الطائرات المسيرة.

وسط توقعات بمزيد من التأزم في المشهد الإثيوبي خلال الفترة المقبلة في ضوء حالة عملية اللايقين السياسي بين أطراف الصراع ما لم يتم التوافق على تسوية شاملة تنهي الصراع الدائر منذ أكثر من 13 شهرا بشكل نهائي.

إعادة انتشار

ويرى الباحث أحمد عسكر، أن التراجع التكتيكي المفاجئ لقوات تيجراي بعد سلسلة من الانتصارات العسكرية، بعد جولات عكست فيها تفوقها العسكري على الجيش الإثيوبي خلال الشهور الماضية منذ يونيو 2020، أضفى مزيدا من الضبابية على مستقبل الصراع.

ويؤكد أن إدخال الطائرات من دون طيار (الدرونز) في الصراع، التي حصل عليها الجيش الإثيوبي من قبل الأطراف الإقليمية والدولية التي تتمسك ببقائه في السلطة لاعتبارات عديدة، فيما أكدت جبهة تحرير تيجراي أن تراجعها يأتي لأسباب استراتيجية تتعلق بإعادة انتشار قواتها وفقا لخطة موضوعة من أجل مواجهة القوات الحكومية، وفي الوقت نفسه رغبة قادة الجبهة في إنهاء الحرب الأهلية في البلاد وتحقيق السلام من خلال إجراء المفاوضات والحوار الوطني.

واتخذت المعارك مسارا مضادا، بعد شن القوات الحكومية والميليشيات المتحالفة معها هجوما أسهم في استعادة عدد من المدن التي كانت تسيطر عليها قوات دفاع تيجراي في منطقتي أمهرة وعفر، مما أدى إلى تعطل تقدم قوات تيجراي نحو العاصمة أديس أبابا والتي كانت على بعد 130 كلم منها.

طائرات مسيرة

ويفسر التحول الاستراتيجي في الحرب الإثيوبية بإعلان قوات تيجراي انسحابها والعودة إلى قواعدها في إقليم تيجراي التأثير القوي لدور الطائرات من دون طيار (المسيرة) التي استخدمها الجيش في الحرب.

وشكلت الطائرات عاملا حاسما في تحول دفة الحرب، حيث استطاع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، بالتزامن مع عملية الحشد والتعبئة لساحات المعركة، أن يعزز تحركاته الخارجية مع بعض الأطراف الإقليمية والدولية من أجل الحصول على السلاح لتغيير المعادلة العسكرية على الأرض، إذ حصل على شحنات ضمت العشرات من هذا النوع من الطائرات التي نجحت في إيقاف تقدم قوات دفاع تيجراي واستهداف عناصرها وقوافل الإمداد الخاصة بها في مناطق تمركزها في كل من عفر وأمهرة.

3 دول

ويؤكد عسكر أن 3 دول تورطت في الحرب وشاركت بشكل غير مباشر في تحول الصراع، وهي إيران وتركيا وإثيوبيا، حيث تسلمت أديس أبابا صفقة الطائرات التركية (بيرقدار) بقيمة 95 مليون دولار خلال العام الحالي، بموجب اتفاق وقع بين البلدين في أغسطس 2021، وإن زعمت أنقرة أخيرا تجميد صادراتها التسليحية لأديس أبابا خوفا من الضغوط الدولية المتزامنة مع تفاقم الصراع الدائر في البلاد خلال الأشهر الماضية، وهي التي تسعى إلى توسيع مبيعاتها العسكرية في القرن الأفريقي، كما أنها تنظر إلى إثيوبيا كحليف يمكن توظيفه ضد بعض الأطراف الإقليمية في المنطقة.

ومنذ أغسطس 2021 واصلت الطائرات الإيرانية رحلاتها لأديس أبابا بهدف توريد الطائرات من دون طيار للمشاركة في الحرب الإثيوبية، وهو ما دفع واشنطن إلى مطالبة آبي أحمد بإيقاف تلك الرحلات بسبب تورط فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في هذه العملية، الأمر الذي أدى إلى تصاعد التوتر بين واشنطن وأديس أبابا خلال الفترة الأخيرة. كما عكست زيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى إثيوبيا في أوائل نوفمبر الماضي الدعم الصيني للنظام الحاكم في أديس أبابا سياسيا وعسكريا واقتصاديا، وهو ما يعزز التقارير التي تفيد بإمداد بكين لأديس أبابا بشحنات من الطائرات من دون طيار.

انسحاب تكتيكي

في المقابل، يؤكد الباحث أن جبهة تحرير تيجراي تعد الانسحاب طوعية وتكتيكيا بسبب حرصها على إنهاء الحرب الأهلية في البلاد، وتحقيق السلام، وهو ما برز في خطاب ديبرتسيون جبرمايكل، زعيم الجبهة، إلى الأمم المتحدة والذي طالب فيه بالضغط على آبي أحمد من أجل وقف إطلاق النار، وحظر الطيران الجوي فوق إقليم تيجراي باستثناء الأغراض الإنسانية والمدنية، وفرض حظر سلاح على كل من إثيوبيا وإريتريا، وضمان وصول المساعدات الغذائية إلى إقليم تيجراي.

وجاء ذلك بعد أيام من تشكيل الحكومة الإثيوبية لجنة الحوار الوطني بهدف التوافق بين الأطراف السياسية في البلاد، الأمر الذي يشكل اختبارا لمصداقية آبي أحمد وحرصه على مستقبل البلاد، كما أنه بانخراط الجبهة في الحوار الوطني تضمن وجودها كرقم مهم في المعادلة السياسية في البلاد وتقف عائقا أمام مشروع آبي أحمد السياسي حول مستقبل النظام السياسي في البلاد.

ضغوط دولية

وتصاعدت الضغوط الدولية على إثيوبيا، خاصة بعد إصدار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 17 ديسمبر الحالي قرارا بإنشاء لجنة دولية مستقلة من الخبراء لإجراء تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات من جانب أطراف الصراع في شمال إثيوبيا على مدار العام الماضي، ما رفضته الحكومة الإثيوبية التي أعلنت أيضا رفضها التعاون مع اللجنة الدولية كونها عدت ذلك بمثابة تدخل في الشأن الداخلي الإثيوبي، على نحو يعزز الرؤية الإثيوبية حول تآمر بعض القوى الدولية ضد النظام الحاكم في إثيوبيا لاسيما الولايات المتحدة.

وبالرغم من تعمد الحكومة الإثيوبية تكثيف الضربات الجوية ضد أهداف في منطقة ألماطا بإقليم تيجراي، مما أسفر عن مقتل أكثر من 28 شخصا وإصابة آخرين، فضلا عن احتجاز بعض الصحفيين بتهمة توثيق أنشطة جبهة تحرير أورومو العسكرية لصالح وكالات أجنبية.

لا منتصر

ورغم ما يشهده الصراع الإثيوبي من تحولات وتغيرات استراتيجية وعسكرية بين طرفيه في مراحله المختلفة، إلا أن هذا التراجع التكتيكي من جانب قوات دفاع تيجراي لا يغير حقيقة عدم حسم الصراع الإثيوبي بعد، وإن طرأت عليه بعض التطورات النوعية مثل تنامي دور العامل الخارجي الذي يدعم النظام الحاكم في أديس أبابا من خلال تزويده بالطائرات من دون طيار في ساحات القتال والتي رجحت كفة القوات الحكومية في هذه المرحلة من الصراع.

لماذا انسحبت قوات تيجراي؟

  1. الدعم الإقليمي والدولي من حلفاء إقليميين ودوليين حريصين على بقاء آبي أحمد في السلطة

  2. التفوق النوعي لطائرات الدرونز المسيرة، حيث استهدفت أسرابها قوافل الإمداد مما أعاق تقدم قوات تيجراي

  3. إحراج إثيوبيا أمام المجتمع الدولي وزيادة الضغوط الدولية على الحكومة للجلوس على طاولة المفاوضات

  4. تحول قوات تيجراي إلى رقم مهم في المعادلة السياسية، بعد انخراطها في الحوار الوطني

  5. إعادة ترتيب صفوفها وأوضاعها العسكرية استعدادا لمرحلة جديدة من الصراع ربما تندلع خلال الفترة المقبلة