أحمد بن قروش

الغرب وازدواجية المعايير

الخميس - 23 ديسمبر 2021

Thu - 23 Dec 2021

لطالما ظلت العديد من البلدان الغربية تزعم تبنيها للكثير من المفاهيم وكيف أنها أصبحت قواعد يعتمدونها في تفكيرهم وسلوكهم وتقييمهم للآخر، خاصة في الحالات المتعلقة بحماية حقوق الإنسان والانتصار لمظلوميته، إلا أن الواقع أثبت أن خضوع الغرب لهذه القيم والمبادئ لا يحكمه إلا ضابط رئيسي واحد يتعلق بمصلحتهم هم فقط، وكيف يحققون هذه المصلحة، وأين يجدونها، وكيف يتم لهم الاستحواذ عليها دون مراعاة لأبسط قواعد التعامل الدبلوماسي والإنساني مع تلك المجتمعات ودون التزام فعلي بتصريحاتهم المبدئية الشعاراتية التي يروج له زعماء وأفراد المجتمعات الغربية، والتي سرعان ما تفشل عندما يتم اختبارها.

وكل ذلك يتم تغليفه بشعارات برّاقة كالتي ذكرت آنفا إلا أن الغالبية من أفراد المجتمعات خارج تلك الدول أصبحوا يدركون أن تلك المزاعم لا تتجاوز منحهم منبرا مزيفا يعبرون من خلاله عن أمور لا تسمن ولا تغني من جوع، أو توفير ملاذ هلامي لا يوفر لهم أبسط مبادئ العيش الكريم التي يصر الغرب على احترامه لها ومساعدته في تحقيقها، وجميع ما سبق ذكره يؤكد أن تبني الدول الغربية الكامل والثابت والدائم الذي يشرعن في نظرهم أهمية تفعيل مبدأ ازدواجية المعايير في مختلف تعاملاتهم وتوجهاتهم ونظرتهم للآخر يتعلق بكيفية تحقيق منافعهم الاقتصادية وغير الاقتصادية فقط لا غير.

والعارف بحقيقة وجود هذه الازدواجية في المعايير التي هي في معظم الأحيان لُبّ العلاقة التي يُؤسس عليها الغرب الأسلوب الأمثل للتعامل مع الآخر أيا كان جنسه أو عرقه أو لونه أو حتى معتقده، وهذا التأسيس المشار إليه أصبح واضحا وضوح الشمس ولا يجهله إلا السذج وقليلو العلم والمعرفة.

وبناء على ما سبق ينبغي على حكومات الدول الفقيرة وغير الفقيرة عمل ورش عمل مكثفة وبرامج تفصيلية توضح هذه الحقيقة لشعوبها، وتحديدا شبابها وفتياتها، حيث إنهم أكثر الناس وقوعا في هذا الفخ الذي لا يعرفون مدى سوئه إلا بعد الوقوع فيه.

إن عدم الإيمان والاقتناع بوجود هذه الازدواجية عند الغرب هو مفتاح دمار المكذبين بوجودها وخراب ديارهم وفوق ذلك فقدان مصالحهم، الأمر الذي يجب أن يجعلنا نتبنى مبدأ ألا يحكم العلاقة بيننا وبين الغرب إلا التعامل بالمثل حتى يكون معلوما لديهم بأن الجزاء من جنس العمل، كما يجب أن نعي نحن بأن إهمالنا لهذه الازدواجية في المعايير سيجعل خطرها يتفاقم ونارها تزداد اشتعالا، مما يجعل إخمادها أشبه بالمستحيل ما لم يتم التحرك الجدي، سواء من قبل الحكومات أو من قبل مؤسسات المجتمع المدني لاحتواء مثل هذه الظاهرة الخطيرة.

ahmedbingroush@