عائشة العتيبي

لسنا بأفضل منهم

الخميس - 23 ديسمبر 2021

Thu - 23 Dec 2021

ربما نرى ونعتقد ونخطئ بما نظن، نحكم بما نشاء، نبتعد عن الحقائق، يتم بناء فكرنا على الظاهر ونجهل حقيقة الباطن، نحكم ونلقي اللوم على الأشخاص من أول حدث وفي آخر مظهر ونعبر بلسان نظنه صادقا، ولكن نحن فعلا وقعنا بالفخ، نتجرد من فهم الواقع ونهمس بكلمات قاسية وردة فعل ساخرة وننظر بنظرات مثيرة، نتهم ونعبر عن الآخرين بمنطقيتنا الكاذبة ونلقي الحكم عليهم بسرعة فائقة معتقدين بأننا ملائكة وهم من فئة الشر وأعوان الشياطين الخاربة، إذن لماذا نلقي عليهم تلك الأحكام بمجرد مظهرهم وطريقة تحدثهم وهيئة خلقتهم؟

البعض يفكر بمبدأ الشكل الخارجي وهيئة الشخص ويتسرع في إطلاق الحكم، قد يحكم على الأفعال الخارجية ومجال عمل الشخص ويهتم به أكثر من اهتمامه بما يمكن أن يحمل هذا الشخص من صفات حسنة؛ لذا الفرض الذي يجب اتباعه هو عدم إطلاق الحكم عليهم بمجرد مجالاتهم العملية أو مظهرهم، بل لابد أن نتبع أسلوب من هو الذي سوف يكون عند الله أفضل.

حين نرى ونحكم على شخص يعمل في مجال فني مثلا قد نقول عنه مذنب وسيئ؛ لأننا نحكم على مظهره الخارجي ومسار توجهه ووجهته العملية، حتى لو توفاه الله قد يقول البعض كيف تترحم عليه؟ وقد يقول الآخر عنه ماذا قدم لحياته، وربما يحكم عليه بنار وجنة أيضا، من أنتم حتى تحكمون بتلك المنطقية؟! و من أنتم حتى تتحملون تلك المسؤولية؟! و من أنتم حتى تتجردون من حس الإنسانية؟!

يليه صورة أخرى مغايرة تصف عنصرا بشريا يحب التقليل ويظن أنه أفضل حين يجد من أقل منه سواء في المال أو المنصب أو قيمة العمل، ثم يضع من نفسه قيمة كبيرة ومقدرة أعلى وأن غيره لن يصل إلى مستواه هو ظان ومعتقد بشكل كبير بأنه أفضل منهم، لقد استعلى وتكبر وفرض أحكاما وأطلقها عليهم؛ لأنه يعتقد بأنه الأفضل، ما هي الميزة التي بك وليست بهم! هل أنت منزه عن الخطأ، أم من أحد العشر المبشرين بالجنة يا ترى!، أم أنت الذي يملك الدنيا وما فيها؟

ومنهم من يطلق الحكم على هيئة المرأة، يحكم على درجة إيمانها بحسب حجابها أو لباسها ونحو ذلك، يظن بأن ما تصاب به من تحرش وما شابه هو بسبب ‏لباسها وينسى أن لابد على الرجل غض البصر وحفظ نفسه أيضا، من أوجد هذا القانون هم دعاة تدعي بحماية المرأة، لكن في الحقيقة لم يصلوا لهذه النقطة، فعليهم توجيه نصيحة عامة للفئتين معا وليس لطرف على حساب آخر، أنا ضد ما يرتديه البعض من النساء وضد أيضا نظرية درجة الإيمان حسب اللباس وأن سبب ما تصاب به المرأة ‏جراء ما ترتديه، وكذلك ضد أصحاب النصائح غير العادلة أنا ضدهم فكرة ومنطقا، فكيف يمكن تحديد درجة إيمان الشخص إذا كان الإيمان محله القلب، وكيف نحكم على غيرنا بمجرد مظهر خارجي.

قال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: 281].، من نحن حتى نشعر بأننا أفضل منهم، لابد أن نهتم لأنفسنا ونرى عيوبنا ونصلحها، و‏نتقي الله ونكف النظر عن غيرنا، إذن هم ليسوا بأفضل منا فقد نصل إلى ما وصلوا إليه وربما نصبح أسوأ منهم.

3ny_dh@