عبدالمولى زهيميل

منطقة الراحة

الخميس - 23 ديسمبر 2021

Thu - 23 Dec 2021

مصطلح منطقة الراحة (comfort zone) مصطلح أول من صاغه – على حد علمي – الباحثة في علم الإدارة الأمريكية جوديث باردويك عام 1991 ، وهي من ضمن مناطق أخرى منها منطقة الخوف (fear zone) ومنطقة التعلم (Learning zone) ومنطقة النضج (growth zone)، فالإنسان إذا أراد أن ينتقل من منطقة الراحة لابد له من الانتقال إلى منطقة الخوف التي يتأثر فيها بآراء الآخرين ويخاف التحديات ويحتاج فيها إلى مزيد من الثقة ثم ينتقل إلى منطقة التعلم وفيها يواجه التحديات والمشكلات ويكتسب مهارات جديدة ثم يصل إلى منطقة النضج والإنتاجية، وفيها يبدأ في تحديد أهدافه وأحلامه والسعي إلى الوصول لها ثم تحقيقها.

ما يهمنا في هذا المقال هو منطقة الراحة، وهي ببساطة الحياة الروتينية التي يعيشها البعض، فمثلا يبدأ يومه بالعمل ثم يعود إلى المنزل وليلا يذهب إلى الشلة في الاستراحة وهكذا دواليك، والبعض يعيش روتينا آخر ولكن ذكرت ذلك على سبيل المثال لا الحصر، فهو بهذا الروتين الذي يجد فيه راحته ويبعده عن التوتر يعيش في منطقة الراحة؛ لأنه يعتقد أنه آمن مطمئن يأتيه رزقه رغدا من كل مكان.لكن في الحقيقة يعيش وهم الراحة والاطمئنان الذي قد يحرمه من فرص كثيرة ليس مستعدا لها وليس لديه القدرة على اقتناصها ويمر العمر ومازال في منطقة الراحة، فزملاؤه حصلوا على الشهادات وترقية في العمل وهو لم يحصل على ذلك؛ لأنه في منطقة الراحة، وآخر جاره استبدل البيت القديم بجديد وهو مازال في بيته المتهالك؛ لأنه في منطقة الراحة، وآخر اشترى صديقه أرضا لبناء منزله عليها وهو مازال يلعن الظلام ولا يشعل شمعة ويصرخ بأعلى صوته: راحت علينا؛ لأنه في منطقة الراحة.

وآخر زاد رصيد صديقه في البنك وأصبح يشار له بالبنان ومن ضمن رجال المال والأعمال، وهو يردد مقولة الراتب لا يكفي الحاجة؛ لأنه في منطقة الراحة، وتمر السنون وأصحابنا لا يحركون ساكنا فرفاقهم وأقرانهم كلٌ منهم شق طريقه في الحياة، وهم أمسهم مثل يومهم وغدهم مثل حاضرهم لا جديد يبررون نجاحات الآخرين بالحظ والصدفة والواسطة، ويبررون إخفاقاتهم أنهم لا يملكون لا حظا ولا تخدمهم الصدفة ولا تساعدهم الواسطة، ولم يروا من الناجحين إلا ما وصلوا إليه ويعيشونه وما علموا أن النجاح مثل جبل الجليد لا يرى الناس إلا ما ظهر على سطح الماء، فكما يقال بالإنجليزية «success is like an iceberg what people see is only on the surface» ولم يدركوا أن هذا النجاح مسبوق بمقاومة وتضحيات وفشل وإحباطات وانضباط وعمل جاد وتفان؛ لأنهم غادروا منطقة الراحة ولاقوا ما لاقوا في منطقة الخوف ثم تعلموا في منطقة التعلم حتى وصلوا منطقة النضج، حيث الإنجاز والنجاح.

أنا متأكد أن كثيرا من القراء الكرام يعرفون هذه المنطقة، وقرؤوا عنها أو سمعوا بها فتمردوا عليها وخرجوا منها، وبالمقابل أعرف أن هناك من لم يسمع بها قط ولم يعرف أنه في منطقة الراحة التي حرمته كثيرا من الفرص، ولعل هذا المقال يضع النقاط على الحروف، واليد على الجرح وينبه القارئ الكريم لعله يتأمل حياته، فإن كان يعيش سلوكا وروتينا يوميا لا جديد فيه ولا إنجاز يذكر، فالأيام عنده تتشابه والأعوام تتماثل وأقرانه وجيرانه وزملاؤه تحسنت أحوالهم وتطورت حياتهم فلم يعد الصاحب هو الصاحب الذي قبل السنوات والزميل غير الزميل الذي كان يعرفه والجار ليس الجار الذي كان منزله جوار منزله؛ فليعلم أنه في المنطقة المشؤومة وليعجل بالخروج مع أقرب مخرج وقد ذكر المتخصصون والمهتمون طرقا تساعده على الخروج منها وهي:

أولا: تغيير طريقة التفكير؛ فالأفكار تؤثر على صاحبها وتقوده إما إلى النجاح أو الفشل.

ثانيا: تغيير العادات بعادات أخرى هادفة تضمن لك بعد توفيق الله الوصول إلى ما تريد.

ثالثا: البداية بخطوات نحو التغير والتي تساعدك على مقاومة السلوكيات التي اعتدت عليها.

رابعا: مواجهة التحديات واعتبارها فرصا لإثبات الذات؛ فهي تحفز العقل وتثير الإبداع.

هذا والسلام يا كرام.

alsadryabd@