سليمان محمد الشريف

الخليج المتماسك

الأربعاء - 22 ديسمبر 2021

Wed - 22 Dec 2021

مجلس التعاون الخليجي المجلس الذي تأسس على التعاون والوفاق منذ بدايته قبل نحو 42 عاما، وصاحب تأسيسه بناء الفكر الخليجي من خلال غرس روح الوحدة والمحبة بين أبناء الخليج وتعزيز العلاقة على مر الأعوام والظروف والمتغيرات.

وتكوّن هذا المجلس بفكرة من الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير دولة الكويت -رحمه الله.

وفي الخامس والعشرين من مايو عام 1981م الذي وافق 21 رجب عام 1401هـ عُقدت له قمة التأسيس في إمارة أبوظبي وبمشاركة قادة الدول الست، وفي ذلك الوقت كانت هذه الدول تخطو على طريق التنمية وبخطى متسارعة مستغلة الثروات التي وهبها الله لها، والتي جعلت منها محط أنظار العالم اقتصاديا وسياسيا، ولم يكن للقمة الأولى الصوت الإعلامي المؤثر إلا أنها ظلت حدثا تاريخيا تنامى في الأذهان مع الوقت، وحتى النشء في ذلك الوقت ممن اهتم بجغرافيا الكون من زمان ومكان والخليج خاصة، وبجمع الصور ومشاهدة الأحداث وخوض المسابقات الرسمية والمدرسية وكذلك الجانبية في حفظ أسماء الدول وقيادتها وأبرز الشخصيات السياسية والرياضية نالوا من الثقافة ما جعل لهذا المجلس موقعة قصوى في حياتهم منذ البداية..

‏ وعند القمة الثانية التي عقدت في الرياض عام 1982م بدأت تتبلور لدى الشارع الخليجي أهمية هذا المجلس السياسي إذا ما نظرنا إلى موقع المملكة السياسي والاقتصادي كواحدة من الدول العظمى في الشرق الأوسط، الأمر الذي جعل للقمة دورا رياديا وسياديا على المستويين الإقليمي والقاري وعلى المستوى العالمي منذ البداية، وأصبح منظمة سياسية واقتصادية وأمنية وعسكرية في أقصى الغرب الآسيوي وقلب الشرق الأوسط، مما جعل لذلك أهمية عظمى بين دول العالم.

‏وأتت فكرة تأسيس مجلس التعاون على امتداد العلاقة الرياضية التي انطلقت بدورة الخليج لكرة القدم من دولة البحرين بفكرة من الأمير خالد الفيصل قبل تأسيس مجلس التعاون بأحد عشر عاما، حيث جمعت الرياضة أبناء المنطقة قبل انعقاد أول قمة سياسية للدول الست، مما يعني أن هناك روابط متينة تجمعهم قبل انعقاد قمة التعاون السياسية الأولى.

‏وتعتبر القمة الخليجية الخامسة التي عُقدت في الكويت في أواخر العام 1984م هي الأقوى من وجهة نظري من حيث الزخم والحضور الإعلامي وفي الفعاليات المصاحبة للقمة ثقافية واجتماعية، مما عكس صدى واسعا وترك أثرا في الشارع الخليجي وساهم في تعزيز اللحمة بين أبناء الخليج، ومنذ ذلك الوقت وهذه القمة تحتل موقعا مهما وتحظى باهتمام كبير بين الأوساط الخليجية ينتظرها أبناء الخليج كل عام.

‏وكان لهذا المجلس الكثير من المواقف الحاسمة وفي مقدمتها حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران، وكذا حرب الخليج الثانية، والتي كان لدول مجلس التعاون الخليجي فيها الكلمة الأولى لتعرض دولة الكويت إحدى دول المجلس للعدوان الأمر الذي دفع الدول الخمس الأخرى لاتخاذ قرار موحد وهو ما ساهم في عودة سيادة الكويت إحدى دول المجلس، ووسط الأحداث المتسارعة في المنطقة والعالم والظروف المحيطة بها كان لدول المجلس مواقف جبارة في مواجهة التحديات وتجاوز المخاطر، وهو ما جعل لهذا المجلس احترامه بين دول العالم.

‏وأتت القمة الخليجية الأخيرة التي عقدت في الرياض لتؤكد هذه اللحمة والقوة بين قادة ودول مجلس التعاون، وكان لجولة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على دول المجلس التي سبقت القمة 42 دور فاعل في وضع الخطوط العريضة لتوثيق روابط الدم وترميم العلاقات وإعادة صياغة الأفكار لبناء جدار خليجي طويل ومتين في وجه المتغيرات، ووضع الخطوط العريضة لمواجهة التحديات، والتأكيد على قوة اللحمة، ما يثبت للعالم توحيد الصف واستمرار العلاقة المتينة الممتدة من جذور التاريخ، وعلى ضوء ما بدأه قادة هذه الدول منذ تأسيس هذا المجلس الخليجي المتماسك.

‏نقطة أخيرة: التأجيل اقتص من أعمارنا أجمل الأوقات.

soliman_asharef@