ريما رباح

غرامات.. ومطبات

الاثنين - 20 ديسمبر 2021

Mon - 20 Dec 2021

(مهلا.. هل تقصد القول بأن علي اليوم أن أوقع قرضا جديدا بمبلغ 100,000 ريال.. لئلا أسجن بسبب عدم قدرتي على سداد قرض الأمس بمبلغ 50,000 ريال)؟!

هذه العبارة قالها شاب مستغرب غاضب.. نعم كما سمعتم عليك أن توقع نفسك في حفرة أكبر حتى تتخلص من حفرة أصغر.. كحال طفل يعاني من نزلة البرد ويصر ذووه على عدم عودته إلى منزله وتركه في حديقة عامة ليلة شتاء قارس حتى يشفى.

‏قطاع شباب الأعمال

‏الشباب هم ركيزة التنمية.. وتمثل فئتهم أكثر من ثلثي سكان المملكة و(المؤسسات الصغيرة) هي العمود الفقري للاقتصاد، الفشل في العمل التجاري له ارتدادات سلبية، نفسيا هو يولد عند الجيل الجديد عددا من المشاعر غير الجيدة كالإحساس بالألم واللوم والندم والعار والمهانة والغضب والإحساس بالذنب، والأسوأ هنا عائق التقدم الأكبر (الإحباط والخوف من المجهول)، واقتصاديا حالات الإفلاس ومخاطر الإقراض للمؤسسات التمويلية هي تنعكس سلبا على القطاع المصرفي وتضخم الضرر على سمعة الاقتصاد المحلي وثقة رأس المال الأجنبي.

‏اليوم شباب الأعمال يواجه الكثير من التحديات ومن أهمها (مطبات الغرامات) التي تزايدت مؤخرا؛ فقد ارتفعت أصوات المتضررين من الآلية الصارمة لبعض الجهات المسؤولة مما يهدد القطاع بأن يتحول إلى بيئة طاردة لصغار المستثمرين، وبدأ البعض بالتفكير في مدى توافق الإجراءات الأخيرة مع الاستراتيجية البنيوية المنبثقة من رؤية 2030 والداعمة للتمكين لجيل الشباب.

‏مشاكل وحلول

‏من الحيوي لأي دراسة علمية تبحث عن التشخيص والعلاج في القطاع الخاص أن تحدد أولا من هي الجهات المسؤولة وما فئات الغرامات وما هي المدة المسموحة للإعفاءات الجزئية والكاملة، ووضع آلية موحدة وتثقيف الشباب بشكل منهجي ومستدام، وحبذا ترك مساحة زمنية في السنة الأولى مثلا بدون زيارات، وإعادة النظر في جداول ورسوم كل المخالفات ثانيا؛ ‏فمثلا غرامات إجادة تراوح في فئة (350 - 500 - 1000 ريال) بينما غرامات مكتب العمل والتأمينات الاجتماعية ووزارة الموارد البشرية وهيئة الزكاة والدخل قد تبدأ على الأقل من (10,000 ريال) ومن المنطق التعامل مع المؤسسات متناهية الصغر بما يتناسب مع رأس المال والدخل والموقع؛ فلا يمكن معاملة محل أواني منزلية مستخدمة في أطراف هجرة نائية كمعرض للأثاث المكتبي الفاخر في الميل الذهبي في العاصمة.

‏ألف وياء اقتصادية

1 - هل نريد أن ندفع الكل إلى التحول إلى متجر الكتروني؟ وما حجم الأضرار على ملاك العقار وخسارة الموظفين لأماكن عملهم؟ وماذا عن تأثير ذلك كهزة اقتصادية على المجتمع؟

‏2 - هل نريد أن نخرج أهل الدخل البسيط من السوق مع وضع المحل للتقبيل؟ وما عدد الشباب الذين نعرضهم ليكونوا عرضة للديون وبالتالي السجن؟ وماذا عن معاناة أسرهم ومن يعولون؟

‏3 - بعد الدعم والتشجيع لدخول السوق كتيسير القروض.. هل نحاول الآن بناء حواجز عالية تمنع الاستمرار؟ علما بأن نسبة الفشل عالية أساسا للمؤسسات الصغيرة في السنوات الخمسة الأولى.

‏4 - الأهم.. هل نريد أن نقول للشاب أو الشابة أن تفكيرك بوضع الخطوة الأولى على طريق المستقبل هو تماما يساوي (محاولة عبثية) للبحث عن الاستقرار المادي؟

‏علامة استفهام

‏اليوم الدرجة الجامعية لا تكفي للحصول على وظيفة.. الجيل الجديد يحتاج إلى ريادة الأعمال ولكن لا يمكن تأسيس نظام بيئي فعال للمشاريع الصغيرة من هذا القطاع بمفرده، هذا يستلزم تضافر الجهود من المراكز البحثية والجامعات والبنوك والمستثمرين والغرف التجارية والأطراف المعنية، ومن المعلوم لأي مجتمع استحالة وجود وظائف للجميع في المؤسسات الحكومية، وفي ظل تزايد فرض الضغوط المالية على الشباب.. يكون السؤال الأول: كيف تجعل (القطاع العام) يبدأ في خلق فرص العمل لـ (هؤلاء الذين لا يعملون) خاصة لـ (هؤلاء الذين لا يعملون.. بسبب القطاع العام)؟

‏حسب الهيئة العامة المنشآت الصغيرة والمتوسطة وبالرغم من تحديات جائحة (كوفيد 19) فإن مساهمة 626,000 منشأة في الناتج المحلي الإجمالي قد بلغت 28.7% في عام 2020.. فهل نفرط في استقرار 626,000 أسرة؟!!