منقيات الإبل أصالة تكامل وأبعاد
الاثنين - 20 ديسمبر 2021
Mon - 20 Dec 2021
عالم مختلف لا يمكن تخيله دون ولوج ثقافة تربية الإبل وعاداتها وتقاليدها، وفهم معطياتها، ومشاعر القائمين على العناية بها، وتمييزها، والتأكيد على نقاء أصولها المثبتة عند العارفين بها، ومن يقومون بالتحكيم في مسابقاتها، لاختيار أفضل أنواع الإبل وكأنهم يتعاملون مع مسابقات ملكات الجمال البشري، وباختيار الصفاء والندرة التي لا يشوبها خلط، أو تزوير.
هذا بعض ما عِشتهُ وسعُدتَ به أثناء زيارتي لمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل في موسمه الحالي، والذي أدخلني عوالم الماضي، وتخيل تفاصيل عيشة أجدادنا الأولين، ومعاناتهم، واتخاذهم لهذا المخلوق عماد عيش، في الحل والترحال.
أدهشتني تفاصيل مجريات هذا المهرجان التراثي، الذي يجمع جماليات وأصالة إبل جزيرة وصحاري العرب، التي كانت وما تزال متأصلة بالحب والوفاء بين إنسان هذه البيئة، وسفينته الصابرة تشق أمواج الكثبان، والبدوي يتفاخر بها، ويرعاها، ويرتدي من وبرها، ويشرب من ألبانها، ويظل يعاملها بأرقى معاني حقوق الحيوان، التي تحترمها المملكة، وتسعى لتأكيدها.
وكما يحدث في مسابقات ملكات الجمال الإنساني، تُستَقبَلُ على أرض الصياهد صفوف المنقيات المرشحة، حيث تعاينها وتفرزها لجان الأخصائيين العارفين في تمييز شكل الناقة الخارجي وتفاصيل ملامحها وجمالياتها من شفاه سفلية طويلة متدلية، وشفة عليا مقسومة متحركة بشكل مستقل، والأنف الكبير، والسنام الرشيق والظهر المحدب، والذيل القصير، والأرجل الطويلة الناحلة، والرقبة الطويلة، والرأس الضيق الصغير، وتبعا لذلك انتقالها لمرحلة الفحص الإكلينيكي الدقيق، بواسطة فريق طبي متخصص، وباستخدام أجهزة طبية وشعاعية وسونار ثنائي وثلاثي الأبعاد صنعت خصيصا لتصوير الأعضاء الداخلية للإبل، والحصول على صور تشخيصية مباشرة، ثم دخول مختبر متقدم لتحليل الجينات وتأكيد الأصل، بالإضافة لعدد من الاختبارات الأخرى الضرورية.
ثم تقوم اللجنة بتتبع دلائل حصول العبث بتكثيف البحث الإكلينيكي وتوثيق المخالفات، لحرمان المتسابقة، أو الاستئناف بعد دفع المخالفات المنصوص عليها حسب قوانين المهرجان الرادعة للعابثين.
والمحصلة شهادة توثيق لكل منقية، تحوي بيانات المالك، ورقم واسم البكرة، والفئة، وصور تبين رقم شريحة السباق، مع بيان نوع المخالفات، والغرامات.
ومن عجب أن نجد في مسابقات الإبل نفس ما يحدث لملكات جمال الإنسان، من غش «الفيلر البوتكس والهرمونات»، والتي تصل غرامتها إلى 100 ألف ريال للمتن الواحد، وغرامة التمطيط وجر الأسبال 50 ألف ريال، وغرامة تجذيع الأسنان وبردها، وقص الذيل وصبغ الناقة 30 ألف ريال، وبما لا يتجاوز 20% للعدد الإجمالي للمتسابق.
وعندها تكون المنقيات جاهزات لدخول المراحل الأخيرة من العرض والتسابق والاختيار من قبل لجنة الحَكَم، وتنصيب ملكات جمال الإبل في المهرجان للفئات المتنافسة.
كما قمنا بزيارة فنون وأعمال المهنيات في الغزل وصناعة السدو وملابس وأثاث الوبر.
وختمنا بزيارة متحف «أفلا ينظرون..» حيث المشاهدة أقرب إلى العالم الافتراضي، بين أعداد ضخمة من الصور، التي التقطتها عدسات المستشرقين عن حياة الإبل والصحراء وإنسانها في الجزيرة العربية، وعلاقة حكام السعودية مع هذا المخلوق والاحتفاء والحظوة به، كما لامسنا الأغراض التراثية المندثرة، والتي كانت تصنع وتستخدم في حياة ورحلات قوافل الإبل المشهورة للنقل التجاري بين مختلف الأقطار العربية.
وقد تذكرت يومها الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد، وهو يصف أجزاء جسد بكرته، ودورها في إزالة الهَمَّ عن روحه أثناء طوي الطريق إلى مضارب حبيبته:
وإِنِّي لأُمْضِي الهَمَّ عِنْدَ احْتِضَارِهِ
بِعَوْجَاءَ مِرْقَالٍ تَلُوحُ وتَغْتَـدِي
أَمُـوْنٍ كَأَلْوَاحِ الإِرَانِ نَصَأْتُهَـا
عَلَى لاحِبٍ كَأَنَّهُ ظَهْرُ بُرْجُـدِ
shaheralnahari@
هذا بعض ما عِشتهُ وسعُدتَ به أثناء زيارتي لمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل في موسمه الحالي، والذي أدخلني عوالم الماضي، وتخيل تفاصيل عيشة أجدادنا الأولين، ومعاناتهم، واتخاذهم لهذا المخلوق عماد عيش، في الحل والترحال.
أدهشتني تفاصيل مجريات هذا المهرجان التراثي، الذي يجمع جماليات وأصالة إبل جزيرة وصحاري العرب، التي كانت وما تزال متأصلة بالحب والوفاء بين إنسان هذه البيئة، وسفينته الصابرة تشق أمواج الكثبان، والبدوي يتفاخر بها، ويرعاها، ويرتدي من وبرها، ويشرب من ألبانها، ويظل يعاملها بأرقى معاني حقوق الحيوان، التي تحترمها المملكة، وتسعى لتأكيدها.
وكما يحدث في مسابقات ملكات الجمال الإنساني، تُستَقبَلُ على أرض الصياهد صفوف المنقيات المرشحة، حيث تعاينها وتفرزها لجان الأخصائيين العارفين في تمييز شكل الناقة الخارجي وتفاصيل ملامحها وجمالياتها من شفاه سفلية طويلة متدلية، وشفة عليا مقسومة متحركة بشكل مستقل، والأنف الكبير، والسنام الرشيق والظهر المحدب، والذيل القصير، والأرجل الطويلة الناحلة، والرقبة الطويلة، والرأس الضيق الصغير، وتبعا لذلك انتقالها لمرحلة الفحص الإكلينيكي الدقيق، بواسطة فريق طبي متخصص، وباستخدام أجهزة طبية وشعاعية وسونار ثنائي وثلاثي الأبعاد صنعت خصيصا لتصوير الأعضاء الداخلية للإبل، والحصول على صور تشخيصية مباشرة، ثم دخول مختبر متقدم لتحليل الجينات وتأكيد الأصل، بالإضافة لعدد من الاختبارات الأخرى الضرورية.
ثم تقوم اللجنة بتتبع دلائل حصول العبث بتكثيف البحث الإكلينيكي وتوثيق المخالفات، لحرمان المتسابقة، أو الاستئناف بعد دفع المخالفات المنصوص عليها حسب قوانين المهرجان الرادعة للعابثين.
والمحصلة شهادة توثيق لكل منقية، تحوي بيانات المالك، ورقم واسم البكرة، والفئة، وصور تبين رقم شريحة السباق، مع بيان نوع المخالفات، والغرامات.
ومن عجب أن نجد في مسابقات الإبل نفس ما يحدث لملكات جمال الإنسان، من غش «الفيلر البوتكس والهرمونات»، والتي تصل غرامتها إلى 100 ألف ريال للمتن الواحد، وغرامة التمطيط وجر الأسبال 50 ألف ريال، وغرامة تجذيع الأسنان وبردها، وقص الذيل وصبغ الناقة 30 ألف ريال، وبما لا يتجاوز 20% للعدد الإجمالي للمتسابق.
وعندها تكون المنقيات جاهزات لدخول المراحل الأخيرة من العرض والتسابق والاختيار من قبل لجنة الحَكَم، وتنصيب ملكات جمال الإبل في المهرجان للفئات المتنافسة.
كما قمنا بزيارة فنون وأعمال المهنيات في الغزل وصناعة السدو وملابس وأثاث الوبر.
وختمنا بزيارة متحف «أفلا ينظرون..» حيث المشاهدة أقرب إلى العالم الافتراضي، بين أعداد ضخمة من الصور، التي التقطتها عدسات المستشرقين عن حياة الإبل والصحراء وإنسانها في الجزيرة العربية، وعلاقة حكام السعودية مع هذا المخلوق والاحتفاء والحظوة به، كما لامسنا الأغراض التراثية المندثرة، والتي كانت تصنع وتستخدم في حياة ورحلات قوافل الإبل المشهورة للنقل التجاري بين مختلف الأقطار العربية.
وقد تذكرت يومها الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد، وهو يصف أجزاء جسد بكرته، ودورها في إزالة الهَمَّ عن روحه أثناء طوي الطريق إلى مضارب حبيبته:
وإِنِّي لأُمْضِي الهَمَّ عِنْدَ احْتِضَارِهِ
بِعَوْجَاءَ مِرْقَالٍ تَلُوحُ وتَغْتَـدِي
أَمُـوْنٍ كَأَلْوَاحِ الإِرَانِ نَصَأْتُهَـا
عَلَى لاحِبٍ كَأَنَّهُ ظَهْرُ بُرْجُـدِ
shaheralnahari@