برجس حمود البرجس

خصخصة الرقابة البلدية.. الدنيا لسه بخير!

الاثنين - 13 ديسمبر 2021

Mon - 13 Dec 2021

يعد تخصيص بعض الأنشطة الحكومية إحدى نماذج العمل التي تطبقها الحكومات من أجل تحسين فاعلية بعض الخدمات والأعمال الحكومية، حيث تستفيد الحكومة من كفاءة التشغيل التي يتميز بها القطاع الخاص من خلال إشراك القطاع الخاص في إدارة وتشغيل بعض الأنشطة الحكومية. ولا شك أن للخصخصة منافع عديدة على جودة الخدمات وعلى الاقتصاد الوطني، إلا أن تحقيق هذه المنافع ونجاح خصخصة الأنشطة الحكومية مرهون بالعديد من العوامل.

أبرز هذه العوامل، طبيعة الآلية المتبعة في تطبيق الخصخصة، فالخصخصة ليست نموذجا واحدا، بل عدة نماذج تتباين فيما بينها بناء على طبيعة الآليات المعتمدة لكل نموذج. كلما كانت آلية الخصخصة نابعة من فهم العوامل التي تحكم قطاع أو نشاط التخصيص، كلما كان التخصيص أكثر فاعلية.

ومن النماذج الواعدة لآليات الخصخصة، تلك الآلية التي اعتمدتها أمانة منطقة المدينة المنورة في عقد تخصيص الرقابة البلدية والذي أعلنت عن توقيعه قبل أيام. تميزت الآلية التي تبنتها الأمانة بأنها ربطت استحقاق العائد المالي للشركة المشغلة لأعمال الرقابة بمدى تحقيقها للمستهدفات الخاصة برفع نسب امتثال المحلات التجارية بالاشتراطات البلدية (أي الربط بالأثر المرجو)، ولم تربط العائد المالي بعدد المخالفات الصادرة للمحلات أو قيمتها. ومربط الفرس هنا، أن الآلية جعلت مصلحة الشركة المشغلة كجهة رقابية متقاطعة مع مصلحة المحلات التجارية وبالتالي، كلما زاد امتثال المحلات وقلت مخالفاتها انعكس ذلك إيجابا على العائد المالي للجهة المتعاقد معها. تصميم الآلية بهذا الشكل سيدفع الجهة الرقابية للتعامل مع المحلات كشريك تسعى إلى توعيته وتمكينه من الامتثال وليس تصيد هفواته.

كما ظهر تبني مفهوم الشراكة في الآلية الجديدة في إتاحتها لصاحب المنشأة التجارية فرصة إجراء التقييم ذاتيا قبل زيارة المراقب، حيث ستتيح الأمانة للمنشأة قائمة تدقيق ذاتي مصممة بما يتوافق مع طبيعة نشاط المنشأة لتمكين الرقابة الذاتية. وتشجيعا للشفافية والوضوح في المتطلبات والإجراءات، أتاحت الآلية إمكانية تقييم زيارة المراقب ورفع الاعتراض على ملاحظاته وإنذاراته وتمكين طرف ثالث محايد لفحص اعتراض المنشآت على زيارة المراقبين.

من خلال هذه الآلية التي تحفز التعاون التلقائي بين المحلات والشركة المشغلة، ستتمكن الأمانة من تركيز دورها على التأكد من تحقيق الجهة الرقابية لمستهدفات رفع الامتثال المعتمدة وعلى التحقق من جودة العمل وعدالة التطبيق.

الأمل يحدونا بنجاح هذه التجربة الفريدة لما لها من انعكاسات إيجابية متوقعة على دعم وتمكين المحلات لرفع مستوى الامتثال بالاشتراطات البلدية وعلى تعزيز معايير السلامة والجودة للسكان دون الإضرار بأصحاب المحلات التجارية وخاصة صغار المستثمرين ورواد الأعمال.

Barjasbh@