مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة يواصل أعماله لليوم الثاني بمحاضرات عن الفردية والإنسان المُدمِّر

الاحد - 12 ديسمبر 2021

Sun - 12 Dec 2021

تواصلت فعاليات "مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة"، الذي تنظمه "هيئة الأدب والنشر والترجمة" في مـكـتـبـة المـلـك فـهـد الـوطـنـيـة بالرياض، حيث استهل المؤتمر نشاطه في اليوم الثاني بمحاضرة عامة بعنوان "الغموض والتعقيد وكيف يتعامل الفرد مع الخصوصية في عالمنا الحديث؟" قدمتها، عن بعد عبر موقع "الزوم"، إيفا إلوز، مديرة الدراسات في كلية الدراسات العليا بالعلوم الاجتماعية في باريس، وتناولت فيها دراسة سوسيولجية وفلسفية للعلاقات الإنسانية المعاصرة.

ودار خلال المحاضرة نقاش حول العلاقة بين الحيز العام والحيز الخاص في المجتمع المعاصر، وكيف يواجه الفرد الحيرة في حياته اليومية. وخلال حديثها، ركزت إلوز على مفهوم "الحميمية" التي قالت إنها "رابط قوي بين فردين، وطريقة لقراءة التاريخ العاطفي للمواطنين من الطبقة الوسطى"، مشيرة إلى أنها تتألّف من بعض التقنيات كالتجليات العاطفية والإحساس بشعور الآخرين، وترتبط بالليبرالية والفردية التي رافقتها. وأشارت إلى أن أزمة "الحميمية" من جهة ثانية، أكثر حقيقة وأكثر تجذراً، وأنها قد خرجت عن سيطرة علماء الاجتماع، "وعلينا أن نأخذها خارج سيكولوجيا النفس". كما ذكرت في حديثها، أن "الزواج التقليدي" يعد مؤسسة اجتماعية، وأن الأسرة أو العائلة اتحاد.. والاتحاد أسرة أو عائلة، وأن الزواج انعكاس للنظم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. ولفتت إلى أن "السيكولوجيا" قد أدّت أدواراً هائلة في نحت مفاهيم "الفردية". وفي ختام محاضرتها، ضربت إلوز أمثلة بروايات لبعض كُتّاب الفلسفة، والتي تؤكِّد أن "الحميمية" قد أضحت إحدى عوامل تشكيل الذات الليبرالية.

أما المحاضرة الثانية فكانت بعنوان: "هومو ديتريتوس (الإنسان المدمر) ورحابة الزمن"، قدمها نيكولاس دي وارن، الأستاذ المساعد في الفلسفة بجامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية، وتحدث فيها عن "المخاطر البيئية وكيفية طرح حلول مستدامة"، وذلك بالتركيز على "النفايات الضارة" بصفة عامة، وعلى "النفايات النووية" على وجه الخصوص، والتي تبقى آثارها الضارة بالإنسان لمئات السنوات، الأمر الذي يجعل من آثار وجودنا الحالي آثاراً مُدمِّرة في المستقبل.

وتساءل وارن عن نوع المسؤوليات الخاصّة بنا كبشر بخصوص إنتاج هذه النفايات النووية المُدمِّرة؟ مع عدم وجود أوعية أو وحدات تخزين عالية الكفاءة لها، الأمر الذي دعا إلى القيام بحفريات عميقة لدفنها.

كما تساءل عمن سيرث هذه الموادّ المُشعّة التي أنتجناها نحن في العصر الحالي؟ وعن نوع المسؤولية تجاه شيء سيبقى لمليون سنة قادمة، لتخلق مستقبلاً لا يمكن تخيله؟ وأوضح أنها تضعنا أمام تحدٍ فلسفي كبير للتعامل مع هذه المسؤولية التي لن نواجهها نحن في الوقت الراهن، إنما ستواجهها الأجيال القادمة في المستقبل، الأمر الذي يشكل معضلة أو مشكلة فلسفية.

وحدد وارن ثلاثة مفاهيم وأفكار بسيطة تلائم هذه المخاطر المحدقة بالبشرية، ومنها التفكير في مفهوم الخطر والمخاطر، ومكونات الخطر، وواقعية المستقبل، والتي تشكل إحدى موضوعات هذا المؤتمر. وضرب مثلاً بجائحة "كورونا" التي تعتبر وباءً خطراً وفتاكاً ومدمراً، مؤكداً أن هذا "التفكير" يعد أحد العوامل الأساسية للمؤسسات الاجتماعية. وفي ختام المحاضرة، دار نقاش حول التعرف الاستباقي على الكوارث المحتملة، وبعض التساؤلات الفلسفية حول طبيعة المخاطر وتهديدها للوجود البشري.

يشار إلى أن "مؤتمر الرياض للفلسفة" قد انطلقت أعماله أمس، ويعد أول مؤتمر فلسفي من نوعه يقام في المملكة، وتنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة على مدى ثلاثة أيام، من الثامن حتى العاشر من ديسمبر الجاري، في مقر مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض، بمشاركة عدد من المتخصصين وخبراء الفلسفة ونظرياتها وتطبيقاتها الحديثة من جميع أنحاء العالم، وذلك بهدف إيجاد مساحة حوار تناقش مستجدات علم الفلسفة وتطبيقاته الحديثة، وتدعم المحتوى الفلسفي متعدد الأبعاد والآفاق، بالإضافة إلى بناء جسور التعاون بين المؤسسات الناشطة في مجال الفلسفة من مختلف دول العالم، والدفع بعجلة البحث العلمي والأكاديمي في المجال الفلسفي. وقد اعتمد في دورته الأولى مفهوم "اللا متوقع" كمحور مركزي سينسج من خلاله الحضور موضوعاتهم وتأملاتهم وأبحاثهم من خلال المحاضرات، والجلسات العامة، والورش الفلسفية المتنوعة.