عبدالله محمد الشهراني

التقنية والاستغناء عن الكائنات

الأربعاء - 08 ديسمبر 2021

Wed - 08 Dec 2021

وللتوضيح فإن ما أعنيه بمصطلح التقنية هو كل عمل تحول عن شكله التقليدي - الذي كان ينجزه كائن حي - إلى عمل يتم إنجازه عن طريق محرك أو جهاز آلي أو نظام تشغيل أو تطبيق.. إلخ. وربما كان مصطلح التقنية هو ذاته ما عرف خلال فترة الثورة الصناعية بـ «المكننة»، وحاليا بالتحول الرقمي، والذي سوف يتطور مستقبلا إلى «إنترنت الأشياء».

كل هذه المسميات وغيرها قد أزاحت الكائن الحي لتحل مكانه، مقدمة التكلفة البسيطة والإنتاج الوفير بجودة عالية.

فكلنا نعرف أن الخيول والإبل في الماضي الذي ليس بالبعيد كانت هي وسيلة النقل الوحيدة، والآن وبعد اختراع السيارات والقطارات والطائرات، لم تعد تلك الكائنات تستخدم إلا لأغراض الاستعراض والرفاهية والمتعة.

لقد كانت التقنية بديلا أوجد حلا لحركة النقل، ومكّن الإنسان من الوصول إلى مبتغاه في أقرب وقت وبتكلفة معقولة. والحمام الزاجل الذي أصبح جزءا من التاريخ حلت مكانه الآن تطبيقات تعمل بسرعة لحظية وكفاءة عالية. وكائنات أخرى كانت منتشرة وسط الحقول والمزارع، منها ما كانت مهمته الحرث أو التجميع والنقل والري، والآن يقوم المحراث الآلي بهذا الدور دون مرض ولا تعب، ونظام الري الحديث يضمن توزيع المياه بشكل منتظم ويصل إلى كل نقطة في المزرعة. وأنظمة السلامة هي الأخرى -من كاميرات وأجهزة أمنية- ألغت أو تكاد أن تلغي المهمات التي كانت مناطة بكائنات الحراسة.

والصقور والنسور والجوارح كانت تستخدم في مهمات الصيد، فصاحبها يأكل جزءا بسيطا من صيدها ويبيع النصيب الأكبر. غير أن كل شيء قد تغير، حتى اللؤلؤ لم يسلم من التقنية، رغم أنه لا يقوم بعمل أو وظيفة سوى كونه نوعا من الحُلي، إلا أن الصناعة جعلت صيده المتعب نوعا من الترفيه والمتعة، واستخداماته غدت محدودة جدا.

والإنسان كونه كائنا حيا لم يسلم هو الآخر من التقنية، أتذكر قبل قرابة عشر سنوات، وأنا أحضر عرضا عن برنامج تشغيل جديد، أنني كنت أقول في نفسي: مثل هذه البرامج بالتأكيد لن تستغني عن موظف فقط، بل عن إدارات بأكملها وربما عن شركات، وقد حصل.

إن التحول الرقمي وإنترنت الأشياء، سوف يحدثان تحديا كبيرا في نظام التوظيف ومستقبل الأجيال الحالية والقادمة، وبقاء بعض الكيانات ذات العلاقة في مقعد المتفرج أمر يدعو للقلق. إذ لا بد من حدوث تغيير جذري من الآن وفورا في طرق التدريس، واستحداث مناهج مرتبطة بمستقبل الوظائف، والتأكد من أن مخرجات التعليم سواء العام أو الجامعي متوافقة مع متطلبات سوق العمل.

التقنية ستواصل تطورها وهذا أمر إيجابي ولا يفترض أن نتخوف منه، ما يجب أن يخيفنا حقا هو ألا تكون لدينا «خطة متكاملة لمستقبل التعليم وسوق العمل».

ALSHAHRANI_1400 @